يستعد الجيش الباكستاني لشن هجوم على معاقل حركة «طالبان باكستان» في مقاطعة وزيرستان الجنوبية بعد اسبوع من أعمال العنف التي قتل فيها متشددون اكثر من 100 شخص واقتحموا المقر العام للجيش في روالبندي.
وامس هاجمت القوات الباكستانية مقاتلي طالبان في معاقلهم بوزيرستان الجنوبية بالطائرات والمدفعية فيما قتل مفجر انتحاري 12 شخصا خارج مركز للشرطة في مدينة بيشاور في أحدث هجوم ضمن موجة من هجمات المتشددين.
ويرجح محللون يراقبون الوضع في باكستان ان تتلخص سيناريوهات الصراع في باكستان ضد المتشددين الإسلاميين بما يلي:
- 1- جمود مطول بالموقف وانعدام الأمن لفترة طويلة: يقول محللون إن الاحتمال الأغلب هو أن تظل باكستان محاصرة في حالة من الجمود لأشهر او سنوات حيث يستطيع المتشددون شن هجمات متكررة تسبب زعزعة الاستقرار لكن دون مجازفة حقيقية بأن تنهار سيطرة الدولة ويسيطر الإسلاميون على الحكم، ومن المرجح أن يبدأ الهجوم العسكري على وزيرستان قريبا، وقالت المحللة بمجموعة يوراسيا ماريا كوسيستو «كان الجيش مترددا في فعل هذا بسبب اعتبارات جيوسياسية معقدة ومناخ العمليات المعقد بالمنطقة. الجيش قام بثلاث عمليات غير ناجحة في وزيرستان الجنوبية فيما سبق».
وأضافت كوسيستو «الآن ليس امام روالبندي(مقر قيادة الجيش الباكستاني) من خيار آخر سوى المضي قدما في العملية»، لكن المتشددين الذين يقاتلون الدولة الباكستانية في تحالف فضفاض من عدة جماعات بما في ذلك إسلاميون بإقليم البنجاب يلعبون دورا يزداد أهمية. وحتى اذا حقق الجيش نجاحا في منطقة وزيرستان الجنوبية فإن هذا لن يسهم بشيء يذكر في إضعاف التهديد الشامل.
غير أنه وبدرجة مساوية ليس امام المتشددين احتمال بأن ينفذوا هجوما يسددوا من خلاله الضربة القاضية للدولة الباكستانية، حتى اذا وسعوا نطاق المناطق الواقعة تحت سيطرتهم او تمكنوا من اغتيال زعماء سياسيين رئيسيين فإنهم يعجزون عن تحقيق نصر عسكري، وبالتالي فإن النتيجة المرجحة هي جمود مطول. وتدرك الأسواق هذا حيث لم يبدر منها رد فعل يذكر على الهجمات الفردية. وقد لحق الضرر بالاستثمارات طويلة المدى.
ورعى الجيش الباكستاني مولد حركة طالبان في افغانستان وأحجم عن بذل جهود حازمة لسحق المتشددين وسعوا الى استمرار احتوائهم في المناطق القبلية وركز على الأعداء الخارجيين.
وربما يؤدي الهجوم الجريء الذي شنه مسلحون تابعون لطالبان على مقر الجيش في روالبندي الى أن يتخذ الجيش موقفا اكثر صرامة، وتقول كلودين فراي المحللة المتخصصة بشؤون باكستان بمؤسسة كونترول ريسكس في لندن «رأينا درجة لم يسبق لها مثيل من الدعم بين الباكستانيين للعمل العسكري ضد المتشددين هذا العام».
وأضافت «قد تكون هذه فرصة للسلطات المدنية والعسكرية لاتخاذ إجراءات صارمة ضد المتشددين»، لكن نظرا لطبيعة الحرب غير المتناسقة فإن الجيش لديه احتمال ضئيل بأن يخفض خفضا كبيرا قدرة المتشددين على شن هجمات مضعضعة للاستقرار، وسترحب الأسواق بشن حملة عسكرية مستمرة ضد طالبان لكن ملف المخاطر الخاص بباكستان لن يتغير كثيرا على المدى القصير.
- 2- الهجوم على المواقع النووية الباكستانية: احد سيناريوهات المخاطر التي تثير قلق صناع السياسة والمحللين هو أن يستطيع المتشددون اختراق أحد مواقع الأسلحة النووية الباكستانية وربما سرقة بعض المواد الانشطارية التي يمكن استخدامها لتصنيع «قنبلة قذرة» وهي قنبلة تقليدية تنشر ايضا مواد مشعة في منطقة واسعة النطاق. وسيمثل هذا تصعيدا خطيرا يمكن أن ينشر الذعر بباكستان ويؤدي ايضا الى مواجهة مع الولايات المتحدة وحلفائها بشأن كيفية إبعاد المواد النووية عن أيدي تنظيم القاعدة وحلفائه.
ويقول محللون أمنيون إن المنشآت النووية الباكستانية تخضع لحراسة مشددة وإن الخطر الرئيسي لا يكمن في شن المتشددين هجوما بل في أن يستطيع عمال متعاطفون داخل منشأة نووية تهريب بعض المواد الانشطارية الى خارجها. وأثار الهجوم على مقر الجيش مطلع هذا الأسبوع تساؤلات من جديد بشأن قدرة الجيش على منع الهجمات، لكن محللين قالوا إن الجيش تعامل مع الحادث جيدا، وقالت مؤسسة سترافور للتحليل الجيوسياسي والأمني في تعليق على الهجوم «السؤال هو ما اذا كانت الحكومة تطبق ممارسات أمنية كافية»، وأضافت «في هذه الحالة يبدو أنها فعلت ذلك. على الرغم من الخسائر امتصت الطبقات الأمنية الهجوم وصمدت. وطوق المبنى الذي كان الرهائن محتجزين داخله واستدعيت بسرعة قوات رفيعة المستوى مدربة على عمليات إنقاذ الرهائن لتنفيذ عملية إنقاذ فعالة».
- 3- يدعم انعدام الاستقرار اندلاع مواجهة أخرى مع الهند: وهناك سيناريو اخر للمخاطر حيث تعود الحكومة والجيش الباكستانيان اللذان يواجهان انعدام استقرار مطولا والحريصان على تحييد التهديد الداخلي من المتشددين الى الاستراتيجية القديمة وهي محاولة تصدير الاضطراب. وفي دولة مقسمة وغير مستقرة يعتبر العداء تجاه الهند أحد العوامل القليلة التي تساعد على الوحدة.
ولم تظهر باكستان حماسا لتحسين العلاقات مع الهند كما أن الائتلاف الحاكم ضعيف والعديد من الجماعات المتشددة متحمسة لشن هجمات في الهند مجددا، وربما تقرر السلطات الباكستانية أن تجد ان المواجهة ثمن يستحق أن تدفعه للحفاظ على السيطرة على الاضطرابات.
واذا عانت الهند من مزيد من الهجمات مثل هجوم المتشددين على مومباي في نوفمبر الماضي واذا نظر الى باكستان على أنها فاشلة في منع هذه الهجمات فستزيد التوترات على جانبي الحدود وستعاني الأسواق في أنحاء المنطقة.