دخلت الأزمة السياسية الحادة التي يواجهها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، على خلفية التحقيقات الجارية في التدخل الروسي المحتمل في الانتخابات الرئاسية، فصلا جديدا مع تعيين مدع خاص للإشراف على التحقيقات الجارية في هذه القضية الشائكة، وهو ما اعتبر علامات تشقق في رئاسة ترامب تنذر بانهيار مفاجئ.
كما تحدثت وسائل اعلام أميركية عن وجود 18 اتصالا بين اعضاء في فريق ترامب ومسؤولين روس لم يتم الكشف عنها.
فقد قررت وزارة العدل الأميركية، تعيين المدير السابق لمكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) روبرت مولر، مدعيا خاصا للإشراف على التحقيقات الجارية في روابط محتملة بين أعضاء من فريق حملة ترامب الانتخابية وروسيا.
وقالت الوزارة إن هذا التعيين لا يعني الإقرار بأن هناك جرائم ارتكبت أو أنه ستكون هناك ملاحقات قانونية، وشددت على أن المصلحة العامة اقتضت وضع التحقيق تحت سلطة شخص يتمتع بالاستقلالية للإشراف عليه، حسبما أعلن رود روزنشتاين مساعد وزير العدل في بيان رسمي.
وعقب الإعلان عن تعيين مولر، قال ترامب إن التحقيق سيفضي إلى ما سبق أن أكده هو بأنه لم يكن هناك تواطؤ بين حملته وجهات خارجية «وأنه يتطلع إلى إنهاء هذه المسألة بسرعة».
لكن في وقت لاحق، اعتبر ترامب أن هذا التعيين «أكبر حملة اضطهاد في التاريخ الاميركي»، وكتب في تغريدة على تويتر قائلا «انها أكبر حملة اضطهاد تستهدف سياسيا في التاريخ الأميركي!» متهما حملة المرشحة الديمقراطية الخاسرة في الانتخابات هيلاري كلينتون وسلفه باراك أوباما بالقيام «بأعمال غير قانونية» لم يتم «تعيين مدع خاص أبدا» للتحقيق فيها.
من جهتهم، عبر أعضاء في الكونغرس من الحزبين الجمهوري والديمقراطي عن الرضا على تعيين مدع خاص في قضية التدخل الروسي، واعتبروه خيارا صحيحا للكشف عن الملابسات الخاصة بهذا التدخل، وما تثيره من أزمة سياسية منذ فوز ترامب وتوليه مقاليد الإدارة في البيت الأبيض. وفي سياق متصل، قال مسؤولون أميركيون حاليون وسابقون إن مستشار الأمن القومي السابق مايكل فلين ومستشارين آخرين لحملة ترامب كانوا على اتصال مع مسؤولين روس وآخرين ممن لهم علاقات بالكرملين عبر ما لا يقل عن 18 مكالمة هاتفية ورسالة إلكترونية خلال الشهور السبعة الأخيرة من السباق الرئاسي في 2016.
وتشكل الاتصالات التي لم يسبق الكشف عنها جزءا من سجل يراجعه حاليا مكتب التحقيقات الاتحادي (إف.بي.آي) وأعضاء من الكونغرس يحققون في التدخل الروسي في الانتخابات الأميركية وفي الاتصالات بين حملة ترامب وروسيا.
وذكر ثلاثة مسؤولين حاليين وسابقين لـ«رويترز» أن ستة من هذه الاتصالات كانت اتصالات هاتفية بين السفير الروسي لدى واشنطن سيرجي كيسلياك ومستشارين لترامب، ومن بينهم فلين.
وقال أربعة مسؤولين حاليين إن المحادثات بين فلين وكيسلياك تسارعت بعد الانتخابات الرئاسية، حيث بحث الاثنان إقامة قناة خلفية للاتصال بين ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين من شأنها أن تتفادى بيروقراطية الأمن القومي الأميركية والتي اعتبرها الجانبان عقبة أمام تحسين العلاقات.
وبالإضافة إلى المكالمات الهاتفية الست التي تشمل كيسلياك تضمنت الاتصالات التي جرى وصفها لـ«رويترز» 12 مكالمة أخرى أو رسالة إلكترونية أو نصية بين مسؤولين روس أو أشخاص يعتبرون مقربين لبوتين وبين مستشاري حملة ترامب.
وذكر شخص على معرفة تفصيلية بالاتصالات وشخصان آخران على معرفة بالقضية أن من بين تلك الاتصالات مكالمة بين فيكتور ميدفيدتشوك، وهو قطب في مجال الأعمال وسياسي أوكراني.
ومن شأن الكشف عن هذه الاتصالات ان يزيد من الضغط على ترامب ومعاونيه لكي يقدموا لـ (إف.بي.آي) والكونغرس سجلا تفصيليا بالاتصالات مع المسؤولين الروس وآخرين لهم علاقات بالكرملين خلال الانتخابات وبعدها مباشرة.
وتركزت المناقشات بين الجانبين على إصلاح العلاقات الأميركية - الروسية في المجال الاقتصادي والتي توترت جراء العقوبات التي فرضتها واشنطن على موسكو، وكذلك على التعاون في قتال تنظيم داعش في سورية واحتواء الصين.
وتعليقا على ذلك، قال ريتشارد أرميتاج، وهو جمهوري وعمل وكيلا لوزارة الخارجية، لرويترز «من النادر إجراء هذا العدد من الاتصالات الهاتفية بمسؤولين أجانب خاصة في بلد نعتبره خصما أو قوة معادية».
من جهته، امتنع المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف عن التعليق عن تعيين روبرت مولر مدعيا خاصا للتحقيق فيما يتردد عن تدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية الأميركية لصالح ترامب، وقال «ليس هناك ما يمكن التعليق عليه. هذا شأن داخلي للولايات المتحدة».
الى ذلك، ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن مستشار الرئيس الأميركي السابق لشؤون الأمن القومي مايكل فلين عين في منصبه مع انه كان اطلع فريق الرئيس على انه موضع تحقيق فيدرالي.
وتابعت الصحيفة نقلا عن مصدرين قريبين من الملف أن الجنرال فلين أبلغ دون ماكغان المسؤول القضائي في الفريق الانتقالي للرئيس ترامب بانه موضع تحقيق في يناير الماضي أي قبل تعيينه في هذا المنصب الأمني الحساس بفترة.