من طبيعة حكومة الائتلاف احتمال فرطها من الداخل وسلام المنطقة مفتاح السلم الأهلي للبنان
بيروت ـ يوسف دياب
أكد وزير العدل اللبناني ابراهيم نجار في حديث لـ «الأنباء» ان البيان الوزاري أعطى شرعية سياسية لسلاح «حزب الله»، في حين نصت المادة 65 من الدستور على جعل موضوع الحرب والسلم موضوعا وطنيا، مشيرا الى ان سلاح «حزب الله» يرمي بظلاله على كل الملفات المطروحة في لبنان. وأمل بقرب اقفال ملف اللبنانيين الموقوفين في السجون السورية بما فيها قضية المعتقلين السياسيين من خلال مقاربة متجددة من قبل الرئيسين اللبناني والسوري. وأعلن نجار ان مسيرة الإصلاح القضائي في لبنان انطلقت، وان قرار عزل أحد القضاة منذ أيام هو غيض من فيض ورسالة واضحة بأن المرفق العدلي مقبل على المراجعة الذاتية والخروج من دوامة الاتهامات، معربا عن ارتياحه لمسار المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، ومؤكدا ان الآمال مازالت معقودة عليها. وفيما يلي نص الحوار مع وزير العدل إبراهيم نجار:
بعد الصدمة التي أحدثها قرار عزل أحد القضاة هل يمكن القول ان رحلة تطهير القضاء من الفساد قد بدأت؟
ان الخطوة التي قمنا بها كانت ضرورية لأن هذا القرار صدر عن الهيئة العليا للتأديب، وبالصورة النهائية، وبالتالي فإننا سنتابع مسيرتنا الإصلاحية، وهذا القرار هو غيض من فيض لأننا لن نتوقف عند هذا الحد، فقد حان الوقت ليرسل القضاء إشارات واضحة بأن المرفق العدلي في لبنان مقبل على المراجعة الذاتية وعلى الخروج من دوامة الاتهامات، انها مسيرة المؤسسات اللبنانية ككل علينا ان نتابع هذه المسيرة لأن القضاء الصالح كان ويجب ان يبقى من ميزات لبنان الحضارية والثقافية، وانني على استعداد لمؤازرة الهيئات القضائية، وهذا أقل ما يتعين على وزير عدل ان يقوم به، وأنا موجود في هذا الموقع لأخدم المرفق العدلي.
سبق وان تحدثتم عن وجود ملفات لـ 18 قاضيا في الهيئة العليا للتأديب، فهل ستسلك هذه الملفات مسلك القضية الأولى ويعزل اصحابها من مناصبهم؟
قد يكون الملف الأول من أخطر الملفات، ولكن سنتابع ولا أستطيع التكهن مسبقا بالعقوبة التي سينالها كل صاحب ملف، ولكن كان لابد من انطلاقة قوية حتى لو كان الملف يغلب عليه طابع الصعوبة وخطورة العقاب.
ما الأمور الأساسية التي يستلزمها الإصلاح القضائي؟
نحن كوزارة عدل أدخلنا في البيان الوزاري عددا من المطاليب التي أقرها البيان في صيغته النهائية، ولا شك ان البنود التي ستعرض على مجلس النواب تمثل ثلاثة أهداف:
- أولا: تحديث القضاء وإتاحة التأهيل الدائم للقضاة.
- ثانيا: إعطاء القضاء كل ما يلزم من أدوات العلم والثقافة القانونيين.
- ثالثا: السهر على الدفع باتجاه تسريع الأحكام والحد من التوقيف الاحتياطي، والتشدد في العقوبات التي تهم المجتمع اللبناني وسلامة المؤسسات والأفراد، كما سنعطي أهمية خاصة لتثقيف القضاء وتزويده بكل التقنيات من مكتبة الكترونية ووسائل رقمية ومكننة كاملة ومتكاملة، وسأسعى الى تحقيق حلم يراودني منذ زمن وهو إنشاء المدينة القضائية وقد بدأت بالفعل بدراسة هذا الموضوع واطلعت على الخرائط التي سنطورها ليكون لبنان قبلة الشرق من جديد في هذا المجال.
مطمئن إلى قدرة المحكمة الدولية
بعد تسعة أشهر على الاحتفال بانطلاقة المحكمة الدولية، لم نر أي إجراء اتخذ من قبلها، هل مازلتم مطمئنين الى ثبات هذه المحكمة أم ان ثمة تخوفا من صفقة دولية تودي بها؟
لنكن واضحين ان الامال لاتزال معقودة على هذه المحكمة، وأنا شعرت اليوم (بعد لقائه المدعي العام لدى المحكمة الدولية الخاصة بلبنان القاضي الكندي دانيال بلمار) بأنني مطمئن الى قدرة هذه المحكمة كما كنت مطمئنا في السابق.
البعض يتخوف على الوضع الأمني في لبنان في حال صدور القرار الاتهامي عند القاضي بلمار، هل هذا الخوف مبرر؟
هذا استباق للأمور وأرفض الحديث عن أي معلومة ترتبط بجوهر البحث وفي صلب الملف.
ثمة معلومات عن نية سورية لتسليم لبنان كل المحكومين اللبنانيين هناك لقضاء باقي عقوبتهم في لبنان، ما حقيقة الأمر؟
هذا الموضوع لا أريد ان أدخله في سجال إعلامي أو استبق نتائج المفاوضات الجارية مع الجانب السوري، لبنان يعي تماما مسؤولياته وهناك تمن لدى الجميع بأن يقفل هذا الملف في أقرب وقت ممكن، نحن أعددنا كل العدة ليكون لبنان في وضع يمكنه من توقيع اتفاق بهذا الخصوص مع الدولة السورية، ولكن هذا يعود لمقاربة متجددة من قبل الرئيسين اللبناني والسوري.
هل هذا الاتفاق يمكن ان يشمل المعتقلين في السجون السورية لأسباب سياسية؟
نعم.
عيب يلازم حكومات الائتلاف
لقد سبق ان قلتم ان هذه الحكومة هي أفضل الممكن أو الأقل سوءا، ألا ترون انها تحمل بذور التفجر من الداخل عند أول استحقاق أساسي؟
هذا عيب يلازم كل حكومة ائتلافية، وفي طبيعة حكومة الائتلاف ثمة احتمال لفرطها من الداخل وهذا أمر ملازم لطبيعتها.
اذن هي ليست حكومة وحدة وطنية؟
لقد أعطى الرئيس سعد الحريري توصيفا دقيقا لها، فتمنى ان تكون حكومة إنماء وتطوير أي لا إنماء وتحرير ولا إصلاح وتغيير، وهذا معناه ان التركيز سيكون على الجانب الانمائي والاقتصادي والاجتماعي والبنيوي، اما ان تكون الحكومة معرضة للتفجر فهذا ملازم لطبيعتها، لأن هذه الحكومة تختلف عن الحكومة السابقة، فحكومة الدوحة كانت محكومة باتفاق وبمدة معينة وبطبيعة معينة. اذ لا يحق لأعضائها بحسب الاتفاق لا الاعتكاف ولا الاستقالة، وكان عليها الاستمرار حتى تنظيم الانتخابات النيابية وبالتالي كانت مهمتها محددة وكذلك مدتها.
اما اليوم فنحن أمام حكومة عادية من الناحية الدستورية وعليها ان تمثل أمام المجلس النيابي لتأخذ الثقة، ويمكن لأي وزير ان يستقيل كما يمكن لكل الحكومة ان تستقيل معا، أي نحن الآن في صلب العمل البرلماني الديموقراطي الحر. ومن هنا على الحكومة ان تمارس عملها بشكل طبيعي، واذا أدت هذه الممارسة الى تفجيرها من الداخل فمرحبا بذلك.
ماذا عن الملفات السياسية اذا فتحت في وجه هذه الحكومة مثل ملف التفاوض مع اسرائيل مثلا؟
ان ملف التفاوض أو عدم التفاوض مع اسرائيل يحظى بإجماع اللبنانيين، والاجماع يتمثل في أن لبنان آخر من يوقع السلم مع اسرائيل وهو سينسق مع دول أخرى، خصوصا سورية التي تنسق مع تركيا والاتحاد الأوروبي الذي ينسق بدوره مع الولايات المتحدة الأميركية، من هنا دعني أقل بوضوح ان لبنان من أكثر دول المنطقة المعنية بالسلام، والسلام في المنطقة سيكون مفتاح السلم الأهلي في لبنان والسلم الدائم، وعندئذ لن يعود لبنان ساحة لكل التناقضات في الشرق الأوسط، فهو أكثر الدول اهتماما ولكنه أقل الدول إقداما عليه، لأن من استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه.
ألا ترون ان التركيبة الحكومية ومن ثم مضمون البيان الوزاري يظهر ان الرابح الوحيد هو «حزب الله»؟
هذه حكومة توافقية اما هل ربح حزب الله من خلال البيان الوزاري؟ إلى حد ما أقول نعم، لأن في عبارة حق لبنان في شعبه وجيشه ومقاومته هذا تكريس وتشريع سياسي لسلاح «حزب الله»، ولكن هذا كان أقل ما يمكن بالنسبة الى الأكثرية، نحن سجلنا تحفظا على ذلك، وأنا قلت في مجلس الوزراء ان قرار الحرب والسلم لا يعقل ان يكون خارج مجلس الوزراء، وهذا أمر تنص عليه الفقرة الخامسة في المادة 65 من الدستور التي تجعل من موضوع الحرب والسلم موضوعا وطنيا أساسيا، فضلا عن ان بند المقاومة بقي ضبابيا الى حد كبير، فالمقاومة بحد ذاتها ليست شخصا معنويا مقررا في القانون ولا حتى في السياسة، فإذا احتل لبنان وواجه أي عدوان عندها يجب على كل اللبنانيين ان يواجهوا ويقاوموا وهذا ليس حكرا على أحد، ولا شك ان موضوع سلاح حزب الله يرخي بظلاله على جميع الملفات المطروحة في لبنان، ليس المهم ان نتنكر لجدوى هذا السلاح، لكن المهم ان نعلم كيف يستعمل هذا السلاح ومتى ومن يقرر لذلك ان المرحلة الراهنة في لبنان هي الى حد كبير متوقفة على سلاح حزب الله والاستراتيجية الدفاعية وهذا يرجع عهده الى ما قبل السابع من مايو.