أطلقت استقالة رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي رصاصة البداية لسباق التنافس على خلافتها في رئاسة حزب المحافظين وبالتالي الحكومة، ما يخلف مزيدا من الضبابية على عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي «البريكست» ويعزز مخاطر أن يتم ذلك من دون اتفاق في غضون أشهر، وسط خلافات بين المرشحين انفسهم.
وتغادر ماي زعامة حزب المحافظين في 7 يونيو المقبل، لكنها ستبقى رئيسة للحكومة حتى يقوم الحزب باختيار خلف بحدود 20 يوليو، في حين حدد موعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 31 أكتوبر، علما بأن أي رئيس وزراء جديد يمكن أن يطلب إرجاء جديدا.
وتشير مكاتب الرهانات إلى أن وزير الخارجية السابق بوريس جونسون هو الأكثر حظوظا بين المرشحين الـ 12 لقيادة المرحلة المقبلة، يليه وزير بريكست السابق دومينيك راب. وكلاهما لا يعارض احتمالات خروج لبريطانيا من الاتحاد من دون اتفاق.
لكن أيا كان الشخص الذي سيخلف ماي، فإنه سيواجه مثلها نفس الغالبية الضئيلة في البرلمان، واتحادا أوروبيا لا يعتزم تغيير عرض الخروج الذي رفضه النواب البريطانيون ثلاث مرات، إضافة إلى مؤيدين ومعارضين لبريكست لن يقدموا تنازلات.
وقال زعيم المعارضة العمالية جيريمي كوربن إنه بغض النظر عن الفائز في المنافسة فإن عليه أن يدعو لانتخابات عامة فورا.
ورئيس الحكومة المقبل للمملكة المتحدة، البالغ عدد سكانها أكثر من 66 مليون نسمة، سيقرره قرابة 100 ألف من أعضاء حزب المحافظين المنتسبين.
ويلي جونسون وراب في قائمة الفائزين المحتملين، وزير الخارجية جيريمي هانت ووزير البيئة مايكل غوف واندريا ليدسوم الرئيسة السابقة لمجلس العموم، وفق مكاتب المراهنات. ثم يليهم وزير التنمية الدولية روري ستيورات ووزير الدفاع بيني موردونت ووزير الداخلية ساجد جاويد.
وقد اعلن جونسون وستيوارت ووزيرة المتقاعدين استير ماكفي، فعلا نيتهم الترشح.
كذلك فعل وزير الصحة مات هانكوك، مشيرا إلى أنه سيعمل على إتمام خروج بريطانيا من الاتحاد، بحسب قناة (سكاي نيوز) البريطانية أمس.
وقال أستاذ العلوم السياسية في كلية لندن للاقتصاد توني ترافيرس «هناك الكثير من المرشحين والطامحين إلى هذا السباق بوجه خاص».
وأضاف أن جونسون «بالتأكيد سيكون اختيار أعضاء الحزب لكن ليس بالضرورة اختيار أعضاء البرلمان».
ومع عدم تغير أرقام مجلس العموم «يبقى السؤال، هل يعود رئيس وزراء جديد إلى اتحاد اوروبي من 27 دولة ويحصل على اتفاق مغاير من شأنه أن يكون أكثر جذبا للبرلمان».
ماي كانت أبلغت الفرع المحلي لحزبها بأنها ستبقى في البرلمان وفي المقعد النيابي، بعد أن أعلنت استقالتها بخطاب مشحون مليء بالدموع أمام مقر رئاسة الحكومة في 10 داونينغ ستريت أمس الأول، واضعة حدا لمهمة استمرت ثلاث سنوات تخللتها أزمات شبه مستمرة حول بريكست.
وعنونت كبرى الصحف البريطانية بـ«مانشيتات» لاذعة فوق صورة ماي وهي تغالب دموعها. وكتبت صحيفة الديلي ميل «العار الباكي». بينما وصفتها «الميرور» بـ«السيدة الباكية» في مقارنة مع سابقتها مارغريت تاتشر التي كانت تلقب بـ«السيدة الحديدية». كما عنونت الغارديان بـ«المحطمة بالبريكست». وقالت التايمز «كل شيء انتهى بالدموع».
وقد أجبرت ماي التي تولت رئاسة الحكومة بعد استفتاء بريكست عام 2016، على الانسحاب في أعقاب تمرد للمحافظين على استراتيجيتها التي لم تنجح، لإنهاء عضوية استمرت قرابة خمسة عقود لبريطانيا في الكتلة الأوروبية.
ويبدو أن السباق على خلافتها سيكون شرسا للغاية، حيث تعهد ستيوارت، بأنه لن يخدم تحت رئاسة جونسون وأنه سيعارض أي محاولة لخروج بريطانيا بدون اتفاق انسحاب.
وقال إنه «لا يمكنه العمل مع بوريس جونسون».
وأضاف ستيوارت لبرنامج «توداي» المذاع على محطة «بي بي سي راديو 4»، أنه تحدث مع جونسون بشأن البريكست في وقت سابق من الشهر الجاري، عندما طمأنه وزير الخارجية السابق أنه لن يدفع بانسحاب دون اتفاق.
وقال ستيوارت: «ولكن يبدو الآن أنه يدعم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق».
وقال وزير التجارة الدولية ليام فوكس للمحطة إنه «من المحتمل بشكل متزايد» أن تغادر بريطانيا الاتحاد الأوروبي بدون اتفاق.
وأضاف فوكس: «من الأفضل لنا جمعيا المغادرة بعد التوصل لاتفاق».