على مدار 73 عاما، تصدرت القضية الفلسطينية جدول أعمال القادة العرب في 47 مؤتمر قمة، بخلاف قمة طارئة ستعقد في مكة الشهر الجاري، زاحمها الملف الإيراني في العقود الأربعة الماضية.
وحل الملف الإيراني على مائدة القمة العربية، لأول مرة عام 1980 وقت اندلاع الحرب الإيرانية العراقية، ليتوالى ذكرها منذ ذلك الحين في غالبية القمم اللاحقة.
وفي 18 مايو الجاري، وجه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز دعوة لقادة دول مجلس التعاون الخليجي وقادة الدول العربية، لعقد قمتين خليجية وعربية طارئتين في مكة المكرمة، في ظل تعرض سفن تجارية بالمياه الإقليمية للإمارات، ومحطتين لضخ النفط بالسعودية لهجمات، وتزايد التوتر بين أميركا وإيران.
وبخلاف قمة مكة، عقد القادة العرب 30 قمة عادية و13 قمة طارئة أخرى بينها قمتا أنشاص (أول قمة) وبيروت (ردا على العدوان الثلاثي على مصر)، وثلاثة قمم اقتصادية، وقمة سداسية خاصة.
ووفق «الأناضول» مرت أبرز محطات القمم العربية كالتالي:
الملف الفلسطيني
عقدت أول قمة عربية في مصر عام 1946، وكانت القضية الفلسطينية على رأس أولوياتها.
وتصنف تلك القمة وفق مراقبين ضمن القمم الطارئة، وحضرتها الدول السبعة المؤسسة للجامعة العربية، وهي: مصر، وشرق الأردن، والسعودية، واليمن، والعراق، ولبنان، وسورية.
العدوان الثلاثي
وفي بيروت 1956، عقدت ثاني قمة عربية، ردا على العدوان الثلاثي (بريطانيا وفرنسا وإسرائيل) على مصر وقطاع غزة، وخرجت بـ «مناصرة مصر ضد العدوان، وتأييد نضال الشعب الجزائري من أجل الاستقلال عن فرنسا».
اللاءات الثلاث
وفي ستينيات القرن الماضي، عقد القادة العرب خمسة مؤتمرات قمة، أولها بمقر الجامعة العربية بالقاهرة، التي تعد أول قمة فعلية، وفق مراقبين، عام 1964.
كما شهدت تلك الفترة قمة الخرطوم 1967، إثر نكسة يونيو 1967، ودعت لإزالة آثار العدوان الإسرائيلي، وأطلقت ثلاث لاءات عربية، هي: لا صلح، ولا تفاوض، ولا اعتراف.
شرطان للسلام
وفي سبعينيات القرن الماضي، عقد القادة العرب سبعة مؤتمرات قمة، بدأت بقمة 1970 بالقاهرة، بمقاطعة سورية والعراق والجزائر والمغرب.
عقدت بعد المواجهة المسلحة بين الأردنيين والفلسطينيين، المعروفة بـ «أحداث أيلول الأسود»، ودعا المجتمعون إلى الإنهاء الفوري للعمليات العسكرية بين الجانبين، وإطلاق سراح المعتقلين.
ومن أبرز قمم تلك الفترة، قمة الجزائر 1973، بمبادرة من سورية ومصر، بعد حرب 6 أكتوبر 1973 ضد إسرائيل، فيما قاطعت العراق وليبيا هذه القمة.
واتفق المجتمعون على شرطين للسلام مع إسرائيل، وهما: انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي العربية المحتلة، وفي مقدمتها القدس، واستعادة الشعب الفلسطيني لحقوقه.
وشهدت السعودية عام 1976، قمة سداسية خاصة، ضمت السعودية ومصر وسورية والكويت ولبنان ومنظمة التحرير الفلسطينية فقط، لبحث الحرب الأهلية في لبنان التي نشبت إثر توترات سياسية ودينية.
وتعد قمة بغداد 1978، بداية المقاطعة العربية لمصر، على خلفية توصلها إلى اتفاق «إطار» للسلام مع إسرائيل (معاهدة السلام التي أبرمت فعليا عام 1979).
وصدر عن القمة قرار برفض الاتفاقية، ودعوة مصر إلى العودة عنها، وحظر عقد صلح منفرد مع إسرائيل، ونقل مقر الجامعة العربية من القاهرة (إلى تونس)، وتعليق عضوية مصر فيها.
إيران لأول مرة
ومطلع ثمانينيات القرن الماضي، عقد القادة العرب قمة في الأردن، صدر عنها قرارات كان أبرزها «الدعوة إلى وقف إطلاق النار بين العراق وإيران (الحرب العراقية الإيرانية 1980)، وتأييد حقوق العراق المشروعة في أرضه ومياهه».
كما شملت قرارا برفض قرار مجلس الأمن رقم 242 (يدعو إسرائيل إلى الانسحاب من الأراضي المحتلة عام 1967، لكنه لم ينفذ حتى الآن)، بجانب «عزم القادة العرب إسقاط اتفاقية كامب ديفيد».
ومرت الثمانينيات بخلاف تلك القمة بست محطات، كان أبرزها قمة فاس المغربية 1982، التي اعترفت فيها دول عربية ضمنيا بوجود إسرائيل، حيث خرجت بإقرار مشروع عربي للسلام معها، من بين بنوده انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة عام 1967 (وليس عام 1948).
بينما صدر عن قمة الجزائر 1988، قرارات بينها دعم الانتفاضة الفلسطينية، والتضامن الكامل مع العراق في حربه ضد إيران.
حرب الخليج
وفي تسعينيات القرن الماضي، عقد القادة العرب أربعة مؤتمرات قمة، الأولى ببغداد 1990، كان أبرز قراراتها «إدانة قرار الكونغرس الأميركي اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل».
وفي العام ذاته، عقدت قمة القاهرة، إثر الغزو العراقي للكويت، ومن أبرز قراراتها: إدانة العدوان العراقي على الكويت، وعدم الاعتراف بضم الكويت إليه، وبناء على طلب السعودية تقرر إرسال قوة عربية مشتركة إلى الخليج العربي.
وبعد انقطاع لست سنوات، عقدت في القاهرة قمة عربية طارئة عام 1996، تضمنتها: التأكيد مجددا على شروط السلام الشامل مع إسرائيل.
مبادرة السلام العربية
وشهدت السنوات العشر الأولى من الألفية الجديدة، 10 مؤتمرات قمة، تخللتها أزمات عربية عدة، بجانب طرح عربي لمبادرة سلام مع إسرائيل.
وكان أبرز تلك القمم، قمة «المسجد الأقصى» بالقاهرة 2000، إثر الانتفاضة الفلسطينية آنذاك، وتضمن بيانها قرارا بإنشاء صندوقي تمويل لدعم الانتفاضة.
فيما شهدت قمة بيروت 2002، أول حديث عربي عن القدس الشرقية عاصمة لفلسطين المأمولة بدلا من القدس كلها.
وأقرت هذه القمة «مبادرة السلام العربية»، التي أطلقها العاهل السعودي الراحل، عبدالله بن عبدالعزيز، وتنص على: إقامة دولة فلسطينية معترف بها دوليا على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وإيجاد حل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين.
كما تنص على: انسحاب إسرائيل من الجولان والأراضي التي لا تزال محتلة جنوبي لبنان، مقابل اعتراف عربي بإسرائيل وتطبيع العلاقات معها.
وبمدينة شرم الشيخ المصرية، عقدت قمة 2003، بعد بدء الغزو الأميركي (بجانب عدة دول) للعراق، وشدد بيانها الختامي على ضرورة احترام سيادة العراق.
وفي 2005، عقدت قمة الجزائر، بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني، رفيق الحريري (2005)، ودعت للانسحاب السوري من لبنان، وإنشاء برلمان عربي، وسبق هذه القمة جدل حول طلب الجزائر إصلاح الجامعة العربية.
وفي قمة الخرطوم 2006، ظهر تشقق في القيادة اللبنانية، حيث شارك لبنان بوفدين، أحدهما يترأسه رئيس الجمهورية إميل لحود، بينما ترأس الثاني رئيس الحكومة فؤاد السنيورة.
فيما أكدت قمة دمشق 2008، على تشجيع الاتصالات بين الإمارات وإيران لحل قضية الجزر الثلاث (طنب الكبرى، وطنب الصغرى، وأبو موسى).
وفي قمة الدوحة 2009، تحدت الجامعة العربية المحكمة الجنائية الدولية، بمنح «ترحيب حار» للرئيس السوداني (المعزول) عمر البشير، الذي أصدرت المحكمة بحقه مذكرة توقيف، بتهمة ارتكاب «جرائم حرب» في إقليم دارفور (غربي السودان)، وطالب القادة العرب بإلغاء قرار المحكمة.
عشرية الأزمات
شهد العقد الثاني من الألفية الجديدة، تسعة مؤتمرات قمة، خرجت أغلبها بقرارات حول القضية الفلسطينية والملف الإيراني.
ومن أبرز تلك القمم قمة بغداد 2012، التي تم تأجيلها بسبب الثورات الشعبية التي عصفت بعدد من الدول العربية بداية من أواخر 2010.
وشهدت هذه القمة تجميد عضوية سورية في الجامعة العربية (مستمر حتى الآن).
ولم تخرج قرارات قمم شرم الشيخ 2015 والبحر الميت بالأردن 2017، والظهران بالسعودية 2018 وتونس 2019 عن مثيلاتها السابقة، باستثناء إدانة استهداف السعودية بالصواريخ الحوثية، والدعوة إلى حل الأزمة السورية سلميا.