بدعوة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، تستضيف مكة المكرمة على مدى يومين، زعماء العالمين العربي والإسلامي للمشاركة في القمتين الخليجية والعربية الطارئتين والقمة الإسلامية العادية بدورتها الـ14.
وتبحث قمم مكة التهديدات الإيرانية والتوترات الأمنية في الخليج بعد الهجمات على 4 سفن وناقلات نفط في المياه الإماراتية، والهجمات التي تعرضت لها السعودية من قبل الميليشيات الحوثية.
كما يناقش القادة آخر المستجدات الجارية في القضية الفلسطينية بالإضافة إلى إعلان موقف موحد إزاء التطورات الأخيرة في عدد من الدول الأعضاء وكذلك اتخاذ مواقف واضحة من الأحداث الأخيرة الخاصة بالأقليات المسلمة وما يتعلق منها بتنامي خطاب الكراهية ضد الجاليات المسلمة وما يعرف بظاهرة الإسلاموفوبيا.
وسيبحث القادة أيضا سبل التصدي للإرهاب والتطرف العنيف وغيرها من القضايا السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية التي تعنى بها المنظمة.
وكان خادم الحرمين الشريفين تسلم «وثيقة مكة المكرمة» الصادرة عن المؤتمر الدولي حول قيم الوسطية والاعتدال الذي نظمته رابطة العالم الاسلامي في مكة وانتهى اول من امس.
جاء ذلك خلال استقبال خادم الحرمين في قصر الصفا بمكة المكرمة كبار علماء العالم الإسلامي المشاركين في أعمال المؤتمر.
وقد ألقى الملك سلمان كلمة قال فيها: يسعدني الترحيب بكم، وأنتم تجتمعون في هذه الرحاب الطاهرة والأيام والليالي المباركة حول موضوع مهم، يتناول قيم الوسطية والاعتدال في نصوص الكتاب والسنة، التي جاءت بالرحمة والخير للإنسانية جمعاء، ودعت إلى مكارم الأخلاق، وأوضحت منهج الإسلام المعتدل فنحن أمة وسط، فلا تشدد ولا غلو، قال الله تعالى (وكذلك جعلناكم أمة وسطا).
ويسرنا أن نرى علماء الأمة الإسلامية على هذا التعاون، لتوحيد آرائهم في القضايا المهمة، خاصة ما يتعلق بمواجهة أفكار التطرف والإرهاب.
وسنكون دوما على أمل بإذن الله في تماسك الأمة الإسلامية، واجتماع كلمة علمائها، وتجاوز مخاطر التحزبات والانتماءات التي تفرق ولا تجمع.
ونحن ملكنا في هذه البلاد منذ الملك عبدالعزيز يسمى خادم الحرمين الشريفين، وهذا شرف لنا جميعا، وكلنا في بلدنا نخدم الحرمين الشريفين والحمدلله.
في غضون ذلك، طالبت المملكة العربية السعودية العالم الإسلامي برفض تدخل إيران في شؤون الدول الأخرى، مشيرة إلى أن دعم طهران للميليشيات الحوثية في اليمن، يعد مثالا واضحا على تدخلها في الشؤون الداخلية للدول.
جاء ذلك خلال الكلمة التي ألقاها وزير الخارجية السعودي ابراهيم العساف في الاجتماع التحضيري للدورة الرابعة عشرة للقمة الإسلامية العادية الذي عقده وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي في قصر المؤتمرات بجدة مساء امس الأول.
وقد ترأس الشيخ صباح الخالد نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية وفد الكويت المشارك في الاجتماع.
وضم الوفد كلا من: مساعد وزير الخارجية لشؤون مكتب نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية السفير الشيخ د.أحمد ناصر المحمد وسفير الكويت لدى السعودية الشيخ علي الخالد ومساعد وزير الخارجية لشؤون المنظمات الدولية الوزير المفوض ناصر الهين وقنصل عام الكويت في جدة ومندوبها الدائم لدى منظمة التعاون الإسلامي الوزير المفوض وائل العنزي وعدد من كبار المسؤولين في وزارة الخارجية.
وأكد وزير الخارجية السعودي ابراهيم العساف في كلمته خلال الاجتماع: أن المملكة تولي اهتماما كبيرا للاستقرار في اليمن الشقيق وتأسف لاستمرار الانقلاب على السلطة الشرعية من قبل الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران الذي يعد مثالا واضحا على استمرارها في التدخل في الشؤون الداخلية في الدول وهو الأمر الذي يجب أن ترفضه منظمة التعاون الإسلامي لتعارضه مع ميثاقها ومع المواثيق الدولية.
ولم يحضر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الاجتماع وناب عنه وفد من الخارجية الايرانية.
وأضاف العساف: «ندرك بأن عالمنا الإسلامي يمر بتحديات ومتغيرات بالغة الدقة والخطورة ومنها التدخل في الشؤون الداخلية للدول الإسلامية وازدياد اعداد اللاجئين والنازحين وانتشار آفة الإرهاب والتطرف والطائفية التي تتطلب منا وقفة جادة لدراسة أبعادها وتداعياتها من كل الجوانب واتباع أفضل السبل الممكنة لمعالجتها ومواجهتها بحزم وقوة من خلال وحدة الموقف والجهود وتكثيفها لضمان استمرار اعتصامنا بحبل الله وعدم تفرقنا».
وتابع: «تمر الذكرى الخمسون لتأسيس منظمة التعاون الإسلامي ولا يزال النزاع مع إسرائيل أبرز التحديات التي تواجه الأمة الإسلامية وأود أن أؤكد أن القضية الفلسطينية هي قضية المملكة الأولى وبالذات حصول الشعب الفلسطيني على كامل حقوقه المشروعة وفي إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية المؤيدة من قرارات القمم العربية والإسلامية المتعاقبة وعلى المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤوليته السياسية والأخلاقية في تحقيق ذلك».
وأكد وقوف المملكة مع السودان الشقيق ودعم المجلس العسكري الانتقالي والإجراءات التي اتخذها في مصلحة الشعب السوداني الشقيق وإلى ما يرتئي الشعب السوداني حيال مستقبله.
وشدد الوزير العساف على أن المملكة: «تقف قلبا وقالبا مع كل جهد مخلص يسعى لإيجاد حل سياسي يحافظ على وحدة سورية ومؤسساتها، وينهي وجود الجماعات الإرهابية الطائفية فيها، استنادا إلى مخرجات جنيف وبيانات مجموعة الدعم الدولية لسورية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة».
وفيما يتعلق بليبيا، أكد موقف المملكة الثابت المتمثل في دعمها لسيادة ووحدة ليبيا، وسلامة أراضيها، ورفض التدخل الخارجي، داعيا جميع الأطراف في ليبيا إلى الوحدة، وقطع الطريق على الجماعات الإرهابية ومحاربتها.
من جهته، قال الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي د.يوسف بن أحمد العثيمين، في كلمته إن التطورات المؤسفة التي تشهدها بعض الدول الأعضاء وتدهور الوضع الأمني والإنساني في الدول التي تحتد فيها الصراعات والنزاعات، يدعونا إلى تكثيف مشاوراتنا بمزيد من التنسيق وتكثيف الجهود لإرساء الأمن والسلام في منطقتنا حتى نضمن العدالة والعيش الكريم والتنمية والتطور للأجيال الحالية والقادمة.
ولفت إلى أن هذه التطورات غير المسبوقة في تاريخنا الحديث، على أهمية وقعها على الأوضاع في المنطقة والعلاقات الدولية عموما، يجب ألا تبعد نظرنا عن قضيتنا المركزية وهي القضية الفلسطينية في أي حال من الأحوال.
وتابع: فهذه القضية التي طال أمدها بسبب سياسات الاحتلال الإسرائيلي وإمعانه في الاستهتار بقرارات الشرعية الدولية، تستدعي منا مزيدا من تنسيق الجهود وتضافرها من أجل صياغة موقف دولي ضاغط باتجاه تكريس إرادة السلام، ووضع حد للاحتلال، وإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني التي ما فتئت تتعمق وتتفاقم.
وعقب ذلك، عقد وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي جلسة مغلقة.
واختتم الوزراء اجتماعهم التحضيري برفع مشروع البيان الختامي الى القمة الإسلامية لاعتماده.
وتنعقد القمة في دورتها العادية الـ 14 تحت شعار «قمة مكة.. يدا بيد نحو المستقبل» ويحضرها قادة الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي.
ومن المنتظر أن يصدر عن القمة الإسلامية «إعلان مكة» بالإضافة إلى البيان الختامي الذي سوف يتطرق إلى العديد من القضايا الحالية في العالم الإسلامي.