جمع تحالف لم يكن أحد يتصوره بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ومستشاره للأمن القومي جون بولتون في السياسة الخارجية.
إذ كان بولتون يتشكك في قدرات ترامب على تحقيق نتيجة من التواصل مع كوريا الشمالية وفي مساعيه لاستمالة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وكان يؤيد حرب العراق التي كان رئيسه يبغضها.
ومع ذلك فقد عمل الاثنان معا دون مشاكل نسبيا على مدار 17 شهرا وكان بولتون يلح بآرائه المتشددة وراء الكواليس فيفوز في بعض المناقشات الداخلية ويخسر البعض الآخر وكان دائما ما يوضح أنه ليس صاحب القرار.
وكان سعي ترامب لإجراء حوار مع قادة حركة طالبان حول مستقبل أفغانستان، هو الصخرة التي انكسر عليها تحالف الرجلين وبدأ الرئيس الآن البحث عن مستشاره الرابع للأمن القومي.
وقال مصدران مطلعان إن أحد الأمور التي ضايقت ترامب هو احتمال أن يكشف بولتون عن أن نائب الرئيس مايك بنس أيضا يعارض مسعى ترامب استقبال قيادات طالبان في منتجع كامب ديفيد الرئاسي بولاية ماريلاند لمحاولة التوصل إلى اتفاق سلام.
وقال المصدران إن المعنى الضمني هو أن بولتون يحاول أن يقف في صف واحد مع بنس وأن يرسل لترامب رسالة مفادها أن نائب الرئيس نفسه يختلف معه وهو ما أثار حنق الرئيس.
وألغى ترامب محادثات كامب ديفيد المزمعة في العطلة الأسبوعية بعد مقتل جندي أميركي في تفجير انتحاري شهدته العاصمة الأفغانية كابول الأسبوع الماضي.
وقال احد المصادر إن بولتون كان يعتقد أن بإمكان الولايات المتحدة سحب 5000 جندي من بين نحو 14 ألف جندي أميركي في أفغانستان والحفاظ في الوقت نفسه على فاعلية قوة مكافحة الإرهاب هناك وذلك دون الحاجة لإبرام اتفاق مع العدو.
وقالت مصادر «الخلاف بينهما جوهري وأحدهما فقط هو الذي انتخب رئيسا». ومع ذلك حدث شيء من الاضطراب قبل العطلة الأسبوعية.
فقد أشار مسؤولون من داخل البيت الأبيض إلى أن بولتون امتنع عن الظهور في البرامج الحوارية التلفزيونية المهمة يوم الأحد بينما كان ترامب في قمة مجموعة السبع في فرنسا في أواخر أغسطس يروج لفكرة إعادة روسيا للمجموعة وإمكانية إجراء محادثات مع الرئيس الإيراني حسن روحاني.
ويقول العاملون في الجناح الغربي بالبيت الأبيض إنهم لاحظوا تغيرا في بولتون في الأشهر الأخيرة. إذ ازداد صمته ولم يعد ميالا للمواجهات وكان يسافر للخارج كثيرا.
وبينما كان كبار المستشارين يطيرون في أغلب الأحوال مع الرئيس على طائرة الرئاسة في الرحلات الخارجية كان بولتون يستقل طائرته في أكثر الأحيان ويقوم برحلات جانبية إلى دول ليست ضمن جولة الرئيس.
وقال مصدر «كان ذلك يبدو غريبا بعض الشيء».
وكثيرا ما كان بولتون يردد في مقابلاته الإعلامية أن آراءه في تحديات السياسة الخارجية الرئيسية لم تتغير قيد أنملة منذ سنوات. وبصفته مستشارا للأمن القومي عمل على فصل الولايات المتحدة عن عدد من المعاهدات العالمية معتقدا أنها ستكبل البلاد في نهاية المطاف.
وكان من المنادين بقوة بالعقوبات على إيران والإطاحة بالرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، وقال لمسؤولين روس إنه يجب ألا تتدخل موسكو في الانتخابات الأميركية وهي مواقف جاراها ترامب إلى حد كبير وأبقى في الوقت نفسه الباب مفتوحا أمام بوتين.
وقال مصدر قريب من بولتون «تشبث بمبادئه».