قتل 4 من عناصر الشرطة طعنا بالسكين امس في اعتداء وقع داخل مقر شرطة باريس ونفذه موظف في إحدى مديرياته، عمدت قوات الأمن الى قتله لاحقا، في هجوم غير مسبوق داخل هذه المؤسسة.
ووقع الاعتداء داخل هذا المركز الرئيسي للشرطة الواقع في قلب المركز التاريخي للعاصمة قرب كاتدرائية نوتردام. ويستطلع المحققون بالأخص احتمال وجود خلاف شخصي، وكان المنفذ ـ الذي قتل في باحة المبنى ـ يعمل في مديرية الاستخبارات في المقر، في قسم المعلوماتية.
وخضع المقر إلى حراسة مشددة فور وقوع الاعتداء، إذ جرى إغلاق المحيط فيما حضرت إلى المكان نحو عشر شاحنات إطفاء وطوافة إسعاف، بحسب «فرانس برس».
وقال ايمري سياماندي وهو مترجم كان حاضرا داخل المقر أثناء وقوع الاعتداء «كانوا يركضون في كل مكان، ويبكون في كل مكان»، وتابع لـ«فرانس برس»: «سمعت طلقة نارية ففهمت أن الأمر في الداخل»، مضيفا أنه «بعد وقت قصير، رأيت شرطيات يبكين. كانا في حالة هلع».
من جانبه، تفقد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مقر شرطة باريس الذي شهد الهجوم، وأعلن قصر الإليزيه حسبما ذكرت قناة «بي إف إم» الإخبارية الفرنسية أن ماكرون توجه إلى مقر الشرطة لإظهار دعمه وتضامنه مع جميع موظفي مديرية الشرطة.
وأوضحت القناة أن رئيس وزراء فرنسا إدوارد فيليب توجه أيضا إلى موقع الحادث وذلك في الوقت الذي يتواجد فيه وزير الداخلية الفرنسي كريستوف كاستانير الذي أرجأ زيارته إلى تركيا كما كان مقررا، وتواجد ايضا لوران نونيز وكيل وزارة الداخلية الفرنسية بالإضافة إلى فرانسوا مولان النائب العام في الجمهورية الفرنسية.
بدورها، كتبت عمدة باريس آن هيدالجو تغريدة قالت فيها «باريس تبكي على حالها اليوم بعد الهجوم المروع على مقر الشرطة».
وأضافت في أول تأكيد رسمي لوقوع قتلى «الخسارة كبيرة: عدد من رجال الشرطة فقدوا أرواحهم».
وجرى بث رسالة إنذار عبر مكبرات الصوت في قصر العدل في باريس الواقع قبالة مقر الشرطة، وقالت الرسالة «وقع اعتداء في مقر الشرطة والوضع تحت السيطرة»، ولكنها أشارت في الوقت نفسه إلى أن المنطقة «لاتزال تحت المراقبة».
ويأتي هذا الاعتداء الدموي غداة مشاركة آلاف من عناصر الشرطة في باريس بـ «مسيرة غضب»، في تحرك غير مسبوق منذ نحو 20 عاما.
وبخلاف دوافع التحركات السابقة، فإن التحرك الأخير غير مرتبط بوقوع حادث دموي، وإنما يتعلق بارتفاع أعباء الخدمة والتوترات المتصلة بحراك «السترات الصفر» ضد السياسة الاجتماعية والاقتصادية للرئيس إيمانويل ماكرون، بالإضافة إلى ارتفاع نسب الانتحار داخل الشرطة، وهي مسألة مزمنة داخلها.
وبحسب المنظمات النقابية، شارك 26 ألف شخص في التحرك. ويوجد في فرنسا نحو 150 ألف عنصر شرطة.
ويقول جاك مايار الذي يشارك في رئاسة مركز بحثي حول القانون والمؤسسات العقابية «ثمة اليوم عوامل تتراكم: بعد موجة الاعتداءات الإرهابية، واجه رجال الشرطة حراك السترات الصفر الممتد، وسط ظروف صعبة جدا للتدخل. وثمة ايضا مسألة الانتحار التي تنبعث من جديد، وبالاضافة إلى ذلك هناك العلاقات المتدهورة مع الشعب».