كرس الاجتماع الأخير للجمعية العامة لمنظمة الصحة العالمية الذي عقد افتراضيا على مدى يومين حدة الاستقطاب الدولي على خلفية مواجهة الجائحة العالمية التي سببها ڤيروس كورونا المستجد، وتحول الى ساحة مواجهة بين الصين والولايات المتحدة.
وبدت الولايات المتحدة شبه وحيدة في الهجوم الذي تشنه على المنظمة الدولية منذ أسابيع، على خلفية اتهامها بمحاباة الصين، حيث أعلنت المفوضية الأوروبية دعمها للمنظمة.
وقالت المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية فيرجيني باتو في مؤتمر صحافي «هذا وقت إظهار التضامن وليس (وقت) توجيه أصابع الاتهام أو تقويض التعاون المتعدد الأطراف»، وذلك ردا على سؤال حول تصريحات تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بقطع تمويلها نهائيا.
وقد أمهل ترامب منظمة الصحة، 30 يوما لإجراء ما وصفه بـ «تحسينات» على أدائها أو يوقف تمويل الولايات المتحدة عنها للأبد ويعيد النظر في عضويتها بالمنظمة. وزاد هذا التهديد من صعوبة اجتماعات الجمعية العالمية للمنظمة التي عقدت افتراضيا على مدى اليومين الماضيين، للبحث عن سبل توحيد الجهود العالمية لمكافحة تفشي ڤيروس كورونا في المستقبل.
وكتب ترامب رسالة على تويتر للمدير العام لمنظمة الصحة تيدروس أدهانوم جيبريسوس أول من أمس الاثنين جاء فيها «إذا لم تتعهد منظمة الصحة العالمية بإجراء تحسينات جوهرية خلال الثلاثين يوما القادمة، فسأجعل تجميدي المؤقت للتمويل الأميركي للمنظمة دائما وسأعيد النظر في عضويتنا».
وشرح أن «السبيل الوحيد» أمام المنظمة هو أن تبدي استقلالا عن الصين، مضيفا أن إدارته بدأت بالفعل مناقشات مع تيدروس بشأن الإصلاح. وكان ترامب اتهم المنظمة بأنها «دمية في يد الصين» وعلل تعليق تمويل المنظمة بسوء ادارتها ومحاباتها للصين خصوصا في أزمة تفشي الوباء الذي يسببه ڤيروس «كوفيد -19». وفي استجابة غير مباشرة، أعلنت المنظمة عزمها إجراء تحقيق مستقل حول أسلوب التعامل العالمي مع الڤيروس، وإنها تلقت دعما وتعهدا قويا بالتمويل من الصين.
تهرب من المسؤوليات
في المقابل، اتهمت الصين الرئيس الأميركي بالتهرب من مسؤولياته تجاه منظمة الصحة العالمية.
وقال المتحدث باسم الخارجية الصينية تشاو ليجيان إن ترامب، يهدف إلى «تشويه صورة الصين» و«التهرب من مسؤولياته» المرتبطة بالتزاماته حيال المنظمة. واعتبر ان الاتهامات لا طائل منها. ونقلت وكالة «بلومبرغ» عن ليان قوله في بيان صحافي إنها اعتمدت على «دسائس وكلمات غير مؤكدة».
وبالعودة الى اجتماعات منظمة الصحة، وافقت الدول الأعضاء على مشروع قرار يحث على أن يكون الحصول على اللقاح المستقبلي إن وجد «عادلا» و«ميسور التكلفة».
جاء ذلك في اليوم الثاني والأخير من أعمال الجمعية العامة للمنظمة والتي عقدت عبر الاتصال المرئي للمرة الأولى في تاريخ المنظمة.
وينص القرار على ضرورة العمل بشكل تعاوني على جميع المستويات لتطوير واختبار وزيادة إنتاج وسائل التشخيص والعلاج والأدوية واللقاحات المأمونة والفعالة والميسورة التكلفة للاستجابة الى الجائحة بما في ذلك الآليات القائمة على «التجميع الطوعي» وترخيص براءات الاختراع لتسهيل الحصول على تلك الأدوات في الوقت المناسب.
ويحث القرار الحكومات والمجتمع الدولي على وضع خطط عمل وطنية شاملة لمكافحة الجائحة تتضمن إجراءات فورية وأخرى بعيدة الأجل لتعزيز النظام الصحي ونظم الرعاية والدعم الاجتماعيين وقدرات التأهب والترصد والاستجابة على نحو مستدام مع أخذ إرشادات المنظمة في الاعتبار وفقا للسياق الوطني والمشاركة مع المجتمعات المحلية والتعاون مع أصحاب المصلحة المعنيين.
إصابات جديدة في ووهان
بموازاة ذلك، قالت السلطات الصحية الصينية أمس، إنها سجلت ست حالات إصابة جديدة بما في ذلك حالة جديدة في ووهان.
وأضافت لجنة الصحة الوطنية في تقريرها اليومي أن ثلاث من الحالات الست الجديدة وافدة من الخارج وتم رصدها جميعا في منطقة منغوليا الداخلية بشمال الصين.
وكانت حالتان من الحالات الثلاث المحلية في إقليم جيلين الحدودي بشمال شرق البلاد والذي يخضع حاليا لشبه عزل تام للتصدي لموجة جديدة من العدوى. وعلى هذا الصعيد، قالت السلطات الصحية في جيلين إنها تأكدت من خمس حالات إصابة جديدة أمس الأول. ولم يرد أي تفسير للتباين مع العدد الذي أوردته لجنة الصحة الوطنية.
مليونا متعافٍ
وفيما يستفحل الخلاف بين الدول الكبرى، يواصل الڤيروس تفشيه، حيث تجاوز عدد مصابي كورونا في العالم أمس 4 ملايين و905 آلاف، توفي منهم أكثر من 320 ألفا، بحسب موقع «وورلد ميتر» المتخصص في رصد الإحصاءات. لكن بيانات الموقع أظهرت أن إجمالي المتعافين حول العالم، تجاوز مليونا و908 آلاف ما يشكل اكثر من ثلث الإصابات.
وبانتظار التوصل إلى لقاح، ورغم استمرار تراجع الجائحة في القارة الأوروبية، فإنها تستفحل في دول أخرى، كالهند التي تعد 1.3 مليار نسمة والتي مددت إجراءات العزل حتى نهاية مايو، بعد أن تجاوز عدد الإصابات فيها الـ 101 ألف، مع عدم ظهور أي دلالة تذكر على تراجع الزيادة في الإصابات الجديدة رغم العزل العام الصارم المستمر منذ أسابيع. وقالت وزارة الصحة الهندية إن إجمالي الوفيات ارتفع إلى 3163.
وأصبحت البرازيل ثالث دولة في العالم من حيث عدد الإصابات (254220) وحلت في المرتبة السادسة من حيث عدد الوفيات مسجلة 16792 وفاة. ويبدو أن هذه الأعداد أقل بكثير من الواقع وفق قول خبراء.
أما الولايات المتحدة فقد سجلت 759 وفاة في أدنى حصيلة يومية على الإطلاق منذ أسابيع، ليتجاوز العدد الإجمالي 90312 وفاة، واكثر من 1500753 إصابة في أكثر بلد في العالم تضررا.