بعد أزمة حكومیة دامت ١٨ شھرا متواصلة تخللتھا 3 معارك انتخابیة، صادق الكنیست الإسرائیلي على تشكیل الحكومة الجدیدة برئاسة بنیامین نتنیاھو وزعيم حزب «أزرق أبيض» بیني غانتس. وشكلت الحكومة بعد أن تمكن نتنیاھو من تفكیك حلیفه الأقرب، اتحاد أحزاب الیمین (یمینا)، وتحویل وزیر دفاعه نفتالي بنیت إلى معارض شدید، وتفكیك «تحالف الجنرالات»، وتحویل خصمه اللدود بیني غانتس إلى حلیف.
وقد عدد نتنیاھو مھمات حكومته وأھدافھا، وكان الأبرز تشدیده على مواصلة العمل على مواجهة تمركز إیران في سوریة ومنعھا من امتلاك سلاح نووي، وأن إسرائیل لن تتردد في استھداف أي تھدید ضدھا في كل الساحات، مع الإشارة إلى أن الوقت حان لفرض القانون الإسرائیلي على البلدات في الضفة المحتلة، في إشارة إلى ضم أجزاء واسعة منها إلى إسرائیل.
وشكلت مسألة ضم أراض فلسطینیة في الضفة، أحد محاور المحادثات التي أجراھا قبل أیام وزیر الخارجیة الأمیركي مایك بومبیو في إسرائیل، مشددا على أن واشنطن تطلب تأجیل «الضم» الى حین استنفاد فرص إشراك الفلسطینیین ولا تلتزم بأي جدول زمني تضعه إسرائیل للشروع بإجراءات الضم خلال الفترة المقبلة، أما إذا استمر الفلسطینیون في الجلوس جانبا واستمروا في رفض التفاوض حول «صفقة القرن»، سیكون لذلك عواقب وخیمة وسیسھل عندھا اتخاذ قرارات تتعلق بضم إسرائیلي للمناطق في الضفة.
أما التحفظ الأمیركي على مسألة ضم أراضي من الضفة الغربیة في غور الأردن وشمال البحر المیت، فیعود الى تداعیات محتملة مثل نشوب أزمة سیاسیة خطیرة مع الأردن ومع السلطة الفلسطینیة، وحدوث تطورات میدانیة وزعزعة الاستقرار على الحدود الشرقیة مع الأردن. وبالفعل، جاء الرد الأول من العاھل الأردني الملك عبدلله الثاني الذي أكد أن ضم أجزاء من الضفة الغربیة سیؤدي إلى صدام كبیر مع بلاده، مشیرا إلى أن حل الدولتین ھو السبیل الوحید الذي یستطیع المضي قدما، محذرا من انھیار السلطة الوطنیة الفلسطینیة، الذي سیتبعه المزید من الفوضى والتطرف في المنطقة.
ومن الأسباب الأخرى لرغبة واشنطن تأجیل بت موضوع المستوطنات ھو تحاشیھا خلق مشكلات مع أكثر من جھة عربیة وإسلامیة وھي في خضم معركتھا مع إیران، وتعمل بشكل دؤوب وبشتى الوسائل المتاحة لإبقاء حظر السلاح عن إیران الذي ینتھي بموجب الاتفاق النووي في شھر اكتوبر المقبل. وعلیه، كان من أهداف زیارة بومبیو الاخيرة الى اسرائيل الاتفاق على ضرورة تنسیق الموقف الأمیركي الإسرائیلي حیال إیران عامة وانتشارھا في الأراضي السوریة.
وعموما كان فحوى زیارة بومبیو انه «لا لضم المستوطنات في ھذه المرحلة، لا للحرب مع إیران من دون تنسیق مع واشنطن».
وفي المحصلة، یبدو أن واشنطن لدیھا أولویات في ھذه المرحلة على رأسھا تأمین عودة ترامب إلى ولایة رئاسیة ثانیة، یلیھا عدم رفع حظر السلاح عن إیران في اكتوبر المقبل.
ولا ترغب واشنطن ولا طھران في المغامرات، فالأولى تواجه مشكلات داخلیة على مستوى الصحة والاقتصاد مع تفشي ڤیروس «كورونا»، وتعیش على المستوى السیاسي وسط حملة انتخابات رئاسیة تبدو محمومة مع صعود نجم جو بایدن كمنافس قوي لترامب.
وعلى الجانب الإیراني، لاتزال طھران تنتظر الصیف لتقرأ اتجاه البوصلة الأمیركیة وتقرر أحد الخیارین: إما أن تترك الأمور لترى نتائج الانتخابات الأمیركیة لتبني على الشيء مقتضاه، أو تغامر من خلال القیام بعمل لإرباك ترامب وتخفیف حظوظ عودتھ إلى البیت الأبیض.
وبالانتظار، تختلط من جھة إیران الإشارات المرنة مثل قبول حكومة الكاظمي في العراق والإشارات المتشددة مثل إعلان المرشد الاعلى علي خامنئي أنه سیصار الى طرد الأمیركیین من سوریة والعراق.