أحمد سليمان
فشلت من جديد آخر جولات مفاوضات سد النهضة، حيث أخفقت وفود الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا في التوصل إلى مسودة مشتركة لتقديمها لرئاسة الاتحاد الافريقي، وتباينت المواقف وظهر حجم الهوة في الخلاف حول عملية ملء بحيرة السد في فترات الجفاف، وآلية فض المنازعات ومدى إلزامية الاتفاقيات التي سيتم التوصل إليها، فضلا عن مطالبة إثيوبيا بحصة في مياه النيل الأزرق ومشروعاتها المستقبلية هناك، فعادت المفاوضات الى المربع صفر من جديد مع الإصرار على استكمال السد بالمواصفات التي تهدد الأمن المائي المصري والقيام بالخطوة التي سبق أن وصفتها القاهرة بأنها «خط أحمر»، وتمثل «إعلان حرب» بالنسبة لها، أي بدء الملء الأول للبحيرة.
وتذهب معظم التوقعات الى ضرورة عودة المفاوضات الى شكلها السياسي بإشراك وزراء الخارجية أو رؤساء الدول، بعد ما وصل المسار الى مرحلة الانسداد الأكيد، واعلان واشنطن رسميا تعليق جزء من المساعدات المخصصة لإثيوبيا ـ حليفها الأمني في الإقليم ـ مؤقتا بسبب «الملء الأول أثناء المفاوضات» وتصريح السفير الإثيوبي لدى واشنطن فيتسوم أريغا قال فيه «السد لنا وسننجز بناءه بسواعدنا»، وبدا لافتا أيضا تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد منذ أسبوعين من أن المرحلة الثانية من ملء بحيرة السد ستكون في أغسطس المقبل عند موسم الأمطار، حيث يتوقع أن تتم تعبئة 18.4 مليار متر مكعب من المياه وهي فترة ستكون حاسمة في اكتمال بناء السد بحلول 2023.
وبحسب المراقبون، فإن المنهاج التفاوضي وأدواته خلال الشهور الماضية وضعف تأثير دفع الاتحاد الأفريقي نحو اتجاه انهاء الأزمة ووجود أطراف تسعى لتغيير قواعد التعاون المائي على حساب الحقوق المصرية والسودانية جعل إثيوبيا تستغل حالة عدم الاتزان ودوران التفاوض لصالحها، لكن خطوة واشنطن الأخيرة حتما في صالح القاهرة بشكل مؤقت، لكن لا يمكن التعويل عليها كثيرا، خاصة بعد تحميل مصر والسودان الشهر المنصرم مسؤولية إيقاف مسار المفاوضات بعد خطاب وزير الري الإثيوبي الذي وجهه للوفود وتضمن تراجعا تاما عما سبق التوافق حوله خلال قمة هيئة مكتب الاتحاد الإفريقي في 21 يوليو الماضي.
واذا أضفنا للعوامل السابقة زيادة فرص تعرض السد للانهيار نتيجة العوامل الجيولوجية وسرعة اندفاع مياه النيل الأزرق التي تصل في بعض الأوقات إلى ما يزيد على نصف مليار متر مكعب يوميا وربطها بالفيضانات التي لحقت بالقرى والمدن السودانية خاصة بعد الارتفاع التاريخي الذي سجله نهر النيل في الخرطوم وبلغ 17.48 مترا، فإن ذلك يعني إضافة ورقة فاعلة في يد المفاوض الإثيوبي سيسعى لاستغلالها خلال جلسات التفاوض الجديدة.