علي رباح
استثمر عجوزان لبنانيان الاوضاع الامنية المستتبة والجو الربيعي الجميل في بيروت وجلسا على كورنيش البحر كالكثير من الشباب والشابات والعائلات، وافترشا الارض للعب الطاولة وتدخين الارجيلة العجمي «على كيف كيفك» وسط زحمة السير وكثرة بائعي الترمس والمشروبات الباردة والساخنة.
ولم تخل ساعات اللعب الطويلة من التنكيت لتزيد على الاجواء الجميلة ضحكة وابتسامة، فقال احدهما للآخر «مرة واحد لبناني حاول ينزل من سيارته لقى الدنيا مطر.. راح نزل من الباب الثاني»، فضحك صديقه وقال «اكيد هذا الشاب كان يستمع لنشرات الاخبار.. حتى ضاع»، واردف قائلا اسمع «لبنان قائد العالم..» ولم يكمل الرجل كلامه حتى ضحك صديقه وكادت اضلعه تتكسر من كثرة الضحك وقال «هذه نكتة الموسم»، فأجابه الكاهل «هذه ليست نكتة، فلبنان ترأس مجلس الامن لشهر كامل»، فنطقا بنفس واحد «الله يعيننا» وتوجه كل منهما الى منزله بعد سهرة طويلة.
وقبل وصول أحد الرجلين الى شقته الواقعة في منطقة بشارة الخوري احد خطوط التماس السابقة في الحرب اللبنانية بين الشرقية والغربية والتي تجمع اليوم اغلب المذاهب والطوائف، ظهر للعجوز نجم كبير كالذي نقرأ عنه في الاساطير ونشاهده في افلام هوليوود، منيرا باللون الاحمر والابيض ومكسوا بشجر الارز الشامخ، فنظر الرجل بذهول وصمت كبير يراقب الشوارع الخالية ويترقب مصيره المجهول.
وفجأة نطق النجم بصوت «رحباني» سائلا الكاهل «هل انت خائف»؟ فما كان من الرجل المتجمد رعبا الا ان جاوبه بسؤال آخر «من انت»؟ فأجابه النجم «انا لبنان.. اجول العالم منذ انتخابي رئيسا لمجلس الامن الدولي لاتفقد الاوضاع الانسانية والامنية للشعوب التي لطالما راقبت ادائي السياسي والاجتماعي وتدخلت بشؤوني الداخلية.. وأقف يوميا عند خارطتي علني اساهم في حل مشاكل البلد الكثيرة»، وكرر النجم سؤاله «لكن، هل انت خائف»؟ فأجابه العجوز «انا خائف عليك.. ومن مهمتك الصعبة.. فأنت اليوم في مركز القرار رئيسا لمجلس الامن وباق ضمن اعضائه المؤقتين لسنتين وصوتك فعال والتجاذبات السياسية لن تتركك بمأمن وستكون امام استحقاقات داخلية وخارجية مصيرية انت في غنى عنها».
وتابع العجوز كلامه بطلاقة بعد ان انفكت عقدة لسانه ورطبت حنجرته وسأل النجم «اميركا عرضت الاسبوع الماضي مسودة عقوبات جديدة على ايران والمعروف ان وضعنا اللبناني الداخلي حرج في هذا السياق .. فكيف ستتعامل مع هذا الملف؟ والنائب وليد جنبلاط ألمح منذ فترة الى ضرورة استثمار ترؤس لبنان لمجلس الامن الدولي للعمل على الغاء القرار 1559 فما موقفك من هذه القضية؟..واسرائيل تنتهك القرار 1701 يوميا وتهدد باعتداء جديد على لبنان فكيف ستتصرف؟».
فضحك النجم وقال للرجل: ليس غريبا عليك كلبناني ان تتكلم السياسة بطلاقة مهما كان مستواك او مهنتك، وبالنسبة لهواجسك فسأسعى لان انطلق من مقولة «خير الامور اوسطها»، فنحن بلد لا يمكننا معاداة ايران ولا الوقوف بوجه المجتمع الدولي لذلك فان الامتناع عن التصويت على العقوبات التي يعمل الغرب لفرضها على ايران، افضل الممكن. الا اذا اجمع اللبنانيون على صيغة توافقية اخرى.
واصل النجم كلامه قائلا: أما كلام النائب جنبلاط عن الغاء القرار 1559 فأنا في حيرة من امري بشأنه لخشيتي ان تتبدل الاوضاع الاقليمية مجددا فيكرر جنبلاط مطالبته بتطبيق هذا القرار». و بالنسبة لـ 1701 فسندعم القوات الدولية «اليونيفيل» وحق المقاومة بمواجهة اي عدوان «مجتمعين».
وبعد نقاش طويل بدأت خيوط الفجر تلوح، فقال النجم للعجوز «لا تقلق علي سأكمل جولتي حول العالم.. وطمئن اللبنانيين اننا واجهنا استحقاقات اخطر بكثير وبقي لبنان صامدا رغم التجاذبات والحروب وسيبقى ارضا وشعبا ودولة ومؤسسات رغم التحديات».