بيروت ـ ناجي يونس
عاد ملف الحقوق الانسانية للاجئين الفلسطينيين الى التداول في ضوء اجتماع لجنة الادارة والعدل النيابية امس، حيث باشرت دراسة اقتراحات القوانين الاربعة التي قدمها رئيس اللقاء النيابي الديموقراطي وليد جنبلاط والتي تلحظ اعطاء الفلسطينيين حقوقا انسانية بالحد الادنى.
وفي هذا الشأن قال رئيس اللجنة النائب روبير غانم ان هناك امورا قد تمر وامورا قد تحتاج الى دراية وترو.
وفي تقرير لجهات رسمية لبنانية ان في لبنان نحو 420 ألف لاجئ فلسطيني وفدوا عام 1948 وهم مسجلون بهذه الصفة في سجلات وزارة الداخلية اللبنانية ووكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين (الانروا).
وتشير التقديرات الى وجود حوالي 280 ألف لاجئ من الناحية الفعلية بعدما غادر قسم كبير منهم الاراضي اللبنانية وهناك ما بين 3000 و4000 لاجئ وفدوا بعد احداث «ايلول الأسود» في الاردن عام 1970 وهم يفتقرون الى اي صفة رسمية وغير مسجلين مما دفع بالدولة اللبنانية والانروا والفصائل الفلسطينية الى الاتفاق على استصدار اوراق عن الأمن العام اللبناني لترتيب اوضاعهم من دون ان يعطوا صفة لاجئين وهم يعرفون بفاقدي الاوراق الثبوتية.
وينتشر القسم الاكبر من الفلسطينيين في 12 مخيما اكبرها عين الحلوة اما القسم الآخر فينتشر في عدد من المناطق والاحياء ويقطن في شقق يستأجرها او يملكها.
ويستطيع اللاجئ ان يغادر الاراضي اللبنانية بموجب وضعيته كمقيم لاجئ وان يعود اليها وهو يتمكن من تحصيل علومه المدرسية في مدارس الانروا داخل المخيمات او قربها ثم يكمل عدد منهم تعليمه العالي او المهني في المؤسسات اللبنانية الخاصة.
وأقامت الانروا المستوصفات وتعاقدت مع عدد من المستشفيات لتوفير الطبابة والاستشفاء للاجئين اضافة الى ما تقدمه لهم من حصص غذائية ومساعدات اجتماعية في مختلف المجالات.
الا ان كل هذه المساعدات والتغطيات الطبية تقول هذه الجهات انها لا تفي بأكثر من الحد الأدنى وسط الظروف البائسة التي تسيطر على المخيمات وغياب اي التزامات رسمية من قبل الدولة اللبنانية حيال اللاجئين.
لم يكن يحق للاجئ ان يمارس اي عمل بصورة شرعية الا ان القسم الكبير منهم يعملون واقعيا في مجالات كثيرة حتى اصدر وزير العمل الاسبق طراد حمادة قرارا قضى بالسماح للفلسطيني بالعمل في 60 ميدانا صناعيا ومهنيا.
كان من حق الفلسطينيين ان يتملكوا الا ان قانون تملك الأجانب الذي صدر مطلع القرن الجاري منعهم من هذا الحق.
اشارة الى ان نحو 20 الف فلسطيني يعملون في دوائر الانروا في لبنان وإلى انه ينطبق على كل فلسطيني يعمل في لبنان واقع الأجنبي الذي لا يحتاج الى عقد عمل والاقامة وما يستتبعها من ضمانات وتأمينات فهو مقيم في لبنان.
وتكمن المشكلة الكبرى التي يواجهها الجميع في اتاحة الفرصة أمام الفلسطيني للعمل في المهن الحرة التي تشترط على كل لبناني يحمل شهادة في ميدانها ان ينتسب الى النقابة الخاصة بها وهي التي تحدد شروط السماح لأي أجنبي بان يعمل في مجالها عدا نقابة المحامين التي تحصر حق مزاولة المهنة بحملة شهادات الحقوق من اللبنانيين.
وهنا تشترط القوانين المعاملة بالمثل بين الدول ليتاح للأجنبي ان يمارس المهن الحرة على الأراضي اللبنانية شرط ان توافق النقابات المختصة.
وبما انه لا دولة فلسطينية قائمة بالتالي فانه لا يمكن تطبيق معيار المعاملة بالمثل على الفلسطينيين ويمكن الغاء هذا الشرط على المهن الحرة بالنسبة الى اللاجئين الا ان انتسابهم الى النقابات وممارسة المهنة أمران يعود تقريرهما الى النقابات نفسها اي الى اهل البيت.
وإذا أزيل هذا المعيار يكون لبنان قد أزال اي مظهر قد يعتبر من باب التمييز المهني ومراعاة حقوق الانسان.
وإذا كان سهلا اصدار قوانين تجيز للاجئ ان يعمل في اي قطاع بصفة أجنبي لا يحتاج الى اقامة ويسدد كل ما يترتب قانونا فانه يبقى دقيقا جدا التعامل مع وضعية نقابات المهن الحرة.
استشفائيا سيسدد رب العمل والعامل الفلسطيني الرسوم المتوجبة عليهما وهو ما يدفع الى اقتراح انشاء فرع خاص باللاجئين في الضمان الاجتماعي تتم تغذيته بهذه الأموال اضافة الى ما يتفق عليه مع الانروا لتوفير الامكانيات المالية اللازمة للقيام بهذه الاعباء وحيث لا يتوجب على خزينة الدولة اللبنانية اي مسؤولية مالية بأي شكل من الأشكال.
وسيبقى على عاتق الانروا ان تؤمن التغطية الاستشفائية للاجئين الذين يكونون قد بلغوا سن التقاعد او هم بلا عمل.
وقد يتاح للاجئين ان يتابعوا التعليم في اي مدرسة رسمية او خاصة لبنانية الأمر الذي ينسحب على التعليم المهني والجامعي على حد سواء.
اما التملك وما يثيره من حساسيات في النفوس فقد يكون ممكنا حله عن طريق مبدأ الحوزة الذي يقوم على شراء الفلسطيني لمسكن تعود ملكيته الى لبناني وتكون الدولة طرفا ثالثا في العقد الخاص بهذا الأمر.
الا ان هذا الفلسطيني لا يستطيع توريث المسكن لأحد او بيعه وهو قادر ان يستفيد منه مع ورثته طيلة الفترة الزمنية التي تحدد في العقد على ان تعود الملكية الى اللبناني صاحب الملكية في الأساس!
من حق اي لاجئ ان يستأجر منزلا أينما أراد.
ان اعطاء هذه الحقوق لا يعني على الاطلاق وبأي شكل من الأشكال انه بداية المسار نحو التوطين الذي لا يتم بالحصول على الهوية اللبنانية والتوظيف في الدولة وحق الترشح والاقتراع.
وبحسب هذه الجهات المعنية ان هناك اجماعا لبنانيا على رفض التوطين وهو ما ينص عليه الدستور واتفاق الطائف وما تؤكد عليه الدول الشقيقة والصديقة والمنظمات العربية والاقليمية والدولية والفلسطينيون أنفسهم متمسكون بالعودة ويرفضون اي امر يتعلق بالتوطين.
وهناك مسائل سياسية لا يمكن التنازل عنها الا وهي سحب السلاح الفلسطيني خارج المخيمات الأمر الذي يحتاج الى مساعدة سورية وتنظيم السلاح الفلسطيني وتنظيمه داخل المخيمات لتصبح هذه الأخيرة تحت سلطة الدولة وامرة المؤسسات وقد أثبتت التجارب ان هذا السلاح لم يعد اي لاجئ الى دياره.