بيروت ـ عمر حبنجر
رغم النبرة الهادئة والابتعاد عن الكلمات الحادة، انشغل الوسط السياسي اللبناني امس بطروحات الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في مؤتمره الصحافي الليلي، وخصوصا فريق 14 آذار الذي رأى في دعوته هذا الفريق لمراجعة مواقفه نوعا من الدعوة للاستسلام وهذا غير وارد.
وصدر عن رئيس الحكومة سعد الحريري كلام تطميني هادئ عبر سلسلة تصريحات سريعة، حيث اطلق ثلاث لاءات مطمئنة وهي: لا فتنة، لا حرب اسرائيلية قريبة، ولا تغيير في الحكومة.
وهكذا بدا الرئيس الحريري متابعا في سياسة التهدئة متجنبا اي مواقف مغذية للحدة والتشنج، كما نقلت عنه «النهار» البيروتية.
رد متوقع للحريري اليوم
ولم يصدر اي تعليق من الرئيس الحريري على ما قاله نصرالله حول القرار الاتهامي لكن ربما يتناوله في كلمته المنتظرة في المؤتمر التأسيسي لتيار المستقبل اليوم.
رئيس الحكومة سعد الحريري ابلغ جريدة «الحياة» قوله: اننا متجهون نحو علاقة جدية وصحيحة واخوية مع سورية لا تراجع عنها مبنية على الصراحة والتشاور الصادق مع الرئيس بشار الأسد بكل الامور اكانت عادية أو حساسة وعندما ازور سورية الآن اشعر في مكان ما باني ازور بلدا شقيقا وصديقا رغم انه كان لزيارتي الأولى طابع صعب.
وقال: ان من ينطلق من كونه لم يرتكب اي غلطة يكون يرتكب اكبر غلطة، لأنه ليس هناك من لا يخطئ في السياسة او في حياته الشخصية او في تعامله مع اصدقائه فما بالك وأن تتعامل مع قضية بحجم العلاقة مع سورية وقيل للحريري حين تعرف الحقيقة في جريمة اغتيال والدك كيف تتصرف اجاب اتصرف بصفتين: في قلبي كسعد بن رفيق الحريري وبشخص كرئيس وزراء لبنان. وأشار إلى أن إنجازات رفيق الحريري تمت خلال الوجود السوري في لبنان مؤكدا أنه من الظلم القول أن دمشق تتدخل في شؤوننا الداخلية.
غير أن النائب وليد جنبلاط رأى لـ «الجزيرة» ان الفتنة دائما في مكان ما، وهي الأداة المثلى لإلهاء اللبنانيين عن مواجهة اسرائيل، واعتبر ان هناك تصريحات غير مسؤولة، وقال: لقد اتفقنا مع السيد حسن لتكون التصريحات مسؤولة.
وتحدث جنبلاط عن تصريحات غير مسؤولة لرئيس القوات اللبنانية سمير جعجع الذي تلاقت تصريحاته حول التوتر المقبل على لبنان مع تصريحات رئيس الاركان الاسرائيلي مستغربا هذه المصادفة.
ردود 14 آذار
وردا قال نائب القوات انطوان زهرة ان النائب جنبلاط كان اول من لفت الى امكان حدوث اغتيالات، مشيرا الى رغبة البعض في إبعاد «المستقبل» عن «القوات».
وعن كلام نصرالله قال زهرة ان السيد نصرالله يطالب 14 آذار ليس بمراجعة مواقفها وحسب، بل التراجع، وهذا كلام غير مقبول من جانبنا، لكن القوات لن تقبل ايضا صدور قرار يكون ظالما لأي طرف لبناني.
وحيا زهرة حكمة الرئيس الحريري وقدرته على تحمل ما يصدر عن حلفاء سورية وايران المتبرعين بتحقيق اهدافهما في لبنان، وحمل العماد عون مسؤولية اي اعتداء على المناطق المسيحية.
النائب «القواتي» شانت جنجيان دعا الأمين العام لحزب الله الى مراجعة ما قام به قبل أن يطلب ذلك من 14 آذار كالسابع من مايو وتعطيل الحكومة وشل البلد، مشيرا الى انه لم يكن لدى «القوات اللبنانية» «أي موقف عدائي لسورية في يوم من الأيام» مذكرا بملف المفقودين اللبنانيين.
أما النائب الكتائبي إيلي ماروني فقد اعتبر بالنسبة للمؤتمر الصحافي لنصرالله ان الأخير «كان محاميا ناجحا عن قضية دفعنا فيها دما»، لكننا لم نعرف لماذا قتلوا الشهداء؟
واستنتج ماروني ان نصرالله اعترف بوجود عناصر غير منضبطة في حزبه «لكنه لن يسلم ربع واحد منهم».
لكن النائب أحمد فتفت (المستقبل) تمسك بالاتهامات التي ساقها نصرالله في خطابه السابق للمؤتمر الصحافي، حيث اتهم البعض بالخيانة، أي بتحليل الدم وسأله ان يقدم أدلته للقضاء إذا كان هناك من أدلة.
الحريري سيدافع عن الحزب
كان النائب عقاب صقر عضو كتلة «المستقبل» أبلغ المؤسسة اللبنانية للإرسال ان رئيس الحكومة سعد الحريري سيرتدي بزة الدفاع عن حزب الله في حال اتهامه، مضيفا: انا ضد حزب الله لكنني ضد هذا الاتهام، إنما للمحكمة قرارها الحر.
ومثله استبعد د.سعيد استطاعة احد إجراء تسوية مع المحكمة الدولية، «لا سورية ولا حزب الله ولا حكومة لبنان ولا رئيس الجمهورية» وقال لقناة «المستقبل» ان نصرالله نسف شرعية هذه المحكمة بعكس سورية، ورأى انه اذا اراد انسحاب نموذج المصالحة بين 8 و14 آذار، في هذا المجال، فليس باستخدامه هذه اللغة.
ولاحظ ان نصرالله كان يتحدث بكلام شهابي (نسبة للرئيس الراحل فؤاد شهاب) وبنبرة شمعونية (نسبة للرئيس الراحل كميل شمعون).
بين المراجعة والاستسلام
وأضاف: إذا كان عناصر من حزب الله يتحملون المسؤولية في الجريمة فالجواب لا يكون بالطريقة التي استخدمها نصرالله بتهديد مليون ونصف المليون لبناني وكأنهم اسرائيليون.
وعن دعوته 14 آذار لمراجعة مواقفها قال منسق الأمانة العامة لـ 14 آذار، ان المراجعة التي يتحدث عنها السيد نصرالله، هي الاستسلام لحزب الله، وهذا كلام غير مقبول، وان هذه القوى تستسلم فقط للقانون الذي هو اليوم في عهدة المحكمة الدولية، واذا اتهمت المحكمة حزب الله أو سورية او اسرائيل فعلى القيادات اللبنانية، بما فيها حزب الله، التعاون من أجل ان تبقى المصلحة الوطنية، فوق كل اعتبار.
ولكن، أضاف سعيد، هل هذه هي الطريقة لاستدراج المصالحة بالتهديد والتهويل؟ علينا ان
نتذكر ان نقطة الاجماع الوحيدة في اول جلسة لطاولة الحوار كانت المحكمة الدولية؟ ولماذا هناك انقلاب عليها اليوم وعلى القرار 1701؟
وقال: نصرالله يبلغ السوري قوله: لولاي لما صمدت في البلد، فأنا الذي رعيت أيتامك في لبنان، وانت قد سويت وضعك أما أنا فلا، مشيرا الى ان سورية أعلنت انها ستتعامل مع القرار الاتهامي ولم ترفضه سلفا وهذا هو الفارق الوحيد بين سورية وحزب الله.