- مصادر لـ «الأنباء»: حاكم مصرف لبنان تمنى على سليمان حصر السجال داخل الغرف خشية على مخزون الأوراق الأميركية الخضراء
بيروت ـ عمر حبنجر
الأفق اللبناني مقفل سياسيا، وممسوك أمنيا، ومهزوز ماليا، حيث ان سحب الدولارات من احتياطي مصرف لبنان المركزي على قدم وساق، طبقا لما أبلغه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الى الرئيس ميشال سليمان، خلال لقاء جمعهما، متمنيا حصر الاشتباكات السياسية داخل الغرف المغلقة، وبالتالي حجبها عن الاعلام، «لأن المردود قد يصبح سيئا على مخزون لبنان من الاوراق الاميركية الخضراء».
مصادر مصرفية كشفت لـ «الأنباء» ان تعطيل المؤسسات، هو الاكثر إساءة للوضع المالي، فمع تأجيل الاجتماع الاخير لمجلس الوزراء، بلغ سحب الدولار من مخزون المركزي حدود 270 مليون دولار، والحبل على الجرار.
سياسة الصوت العالي، لم تؤذ الاوضاع المالية وحسب، كما يعتقد الحاكم سلامة، إنما الاوضاع العامة برمتها، كما يفهم من تصريح السفير السعودي علي عواض عسيري، بعد زيارته وزير الخارجية السابق فارس بويز، حيث قال عسيري بصراحة: مشكلتنا بالاعلام غير المسؤول الذي لا يحب هذا الوطن.
التأزم الداخلي الذي تظهر بتطيير جلسة مجلس الوزراء ومعها ملف «شهود الزور» الذي تتمسك به قوى 8 آذار، فتح الباب أمام تفعيل التحرك الخارجي في مجلس الأمن الدولي أو عبره، من دون اطفاء شعلة الحوار الداخلي تماما، على وعد باستئنافه قبل عيد الاستقلال في الثاني والعشرين من الشهر الجاري، اذا ما تسنى حل عقدة «شهود الزور» التي تلعب دور الكابح لمجلس الوزراء.
لقاء بكركي
الحدث الداخلي تمثل أمس في اللقاء المسيحي الموسع الذي انعقد في بكركي، وكان رئيس الهيئة التنفيذية لحزب القوات اللبنانية سمير جعجع قد كشف عنه لـ «الأنباء»، وقد شارك في اللقاء نحو 50 شخصية مسيحية من مختلف الفئات والتيارات الحزبية، التي تدين بالولاء لمرجعية البطريرك الماروني نصر الله صفير الروحية، وأبرزها النواب الحاليون والسابقون والوزراء الحاليون والسابقون ورؤساء الاحزاب كرئيس الكتائب أمين الجميل ورئيس القوات سمير جعجع ورئيس الوطنيين الاحرار دوري شمعون، وقد تلا الرئيس الجميل البيان الذي صاغته أمانة 14 آذار، في اشارة الى وحدة الموقف.
وكانت 250 شخصية سياسية وثقافية واعلامية، وجهت رسالة مفتوحة الى الرئيس ميشال سليمان، عشية انعقاد جلسة الحوار، ونشرتها «الأنباء» في حينه، تتضمن نفس العناوين التي صدرت عن لقاء بكركي أمس، وأبرزها الدعوة الى «التعامل مع سلاح حزب الله باعتباره سلاحا ايرانيا، كما بينت مواقف الحزب والرئيس الايراني أحمدي نجاد أثناء زيارته لبنان، ومن ثم البناء على الشيء مقتضاه أي العودة الى تطبيق اتفاق الطائف والقرارات الدولية ذات الصلة دون لف أو دوران».
وهذه الدعوة لم تتطابق مع ما جاء في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون لجهة استمرار التعويل على الحوار الداخلي لحل مشكلة السلاح خارج إطار الدولة، لكنها تعبر في الوقت نفسه عن استنكار الرأي العام والمجتمع المدني لمسلسل التسويف والتمييع في هذا الشأن الخطير الذي يتوقف عليه قيام الدولة أو عدم قيامها.
الشراكة الإسلامية ـ المسيحية
أما وثيقة اللقاء المسيحي الموسع، أو العريض، فقد ركزت على الشراكة المسيحية ـ الاسلامية في اطار انتفاضة الاستقلال وسيادة الدولة مع ربط ذلك بـ «السينودس من اجل الشرق الاوسط» الذي انعقد في الفاتيكان أخيرا.
وتتوقع مصادر فريق 14 آذار أن يواجه هذا الموقف بحملة قوية من قبل فريق 8 آذار، وبالذات من قبل العماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية الذي تردد انه اتصل ببكركي وحاول اقناع البطريرك صفير بعدم رعاية اللقاء المسيحي، وعدم السماح بعقده في بكركي لكن البطريرك العائد من الفاتيكان، أكد ان أبواب بكركي مفتوحة وستبقى مفتوحة، لكل عمل يصب في مصلحة لبنان.
جعجع
جعجع تحدث للصحافيين بعد إذاعة النداء، وقال عن عدم دعوة القيادات المسيحية الاخرى الى هذا الاجتماع: أنا أؤمن بالرأي العام، وعدم دعوتهم ناجم عن كونهم لا يملكون قرار موقفهم، ولا أدري الى أي مدى لديهم حرية الخيار.
وردا على سؤال قال: هذا اللقاء ليس قرنة شهوان فنحن اليوم في عصر 14 آذار، وستشهدون خطوات وخطوات بعد هذا الاجتماع فهذا الاجتماع طابعه الاساسي الدور التاريخي للمسيحيين في لبنان الذين عندهم رأيهم بأي أمر يحصل وفي اي قرار يؤخذ.
وأضاف مواقف بكركي مستقلة تماما ونابعة من تصورها وعيشها المباشر في لبنان ومن مجموعة مبادئ الكنيسة الملتزمة بها حول لبنان، وهذه المواقف هي منذ العام 1920. وتابع قائلا: هناك مجموعة خطوات سياسية باتجاه المرجعيات الرسمية، فالرئيس سليمان يتحمل مسؤولياته وسنسانده ليبقى متحملا مسؤولياته والحكومة الشيء نفسه، وكذلك المجلس النيابي، فكل تحركنا بتجاه المؤسسات الدستورية.
وأضاف: بكركي لا يستطيع احد ان يستعملها، وأكثرية الموجودين هنا لم يكونوا في العام 2000 فلا احد يوحي لبكركي وكثير حاولوا ان يؤثروا في بكركي منذ العام 2005 أو 1990 والحقيقة ان موقف بكركي هو الذي يؤثر فينا وبلانا، ونحن من يتأثر ببكركي.
وقال: موقفنا ليس ضد احد لا حزب الله ولا ضد العماد ميشال عون بل نحن مع أن نعيش في ظل دولة ونظام ديموقراطي، ولا يحاول احد من خلال التهديدات والكلام الخارج عن كل لياقات الاملاء علينا، فهذا لن يوصلهم الى اي مكان، ولا يفكر احد في ان يكون هناك «دوحة اثنين» الاتفاق ما بعد احداث 7 مايو 2008 مهما حصل، وليحصل ما يحصل، لأن هذه التجربة كانت استثنائية، ولا يفكر ان يأخذ احد منها نموذجا واحساسي ان الرؤساء لن يتركوا المواطن لمصيره.
زيارة وداعية
على صعيد الحراك الخارجي كانت امس زيارة وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير الذي وصل عصرا والتقى كبار المسؤولين اللبنانيين ويتوقع ان يغادر اليوم بعد استكمال جولته اللبنانية.
مصادر سياسية لاحظت ان زيارة كوشنير للبنان هي وداعية أكثر منها عملية على اعتبار انه سيخرج من الحكومة الفرنسية في 15 الجاري.
واشارت المصادر الى ان كوشنير محب للبنان فقد زاره فور تعيينه وزيرا لخارجية فرنسا عام 2007 وها هو يزوره الآن عشية خروجه من الحكم.