بيروت ـ عمر حبنجر
مرت جلسة مجلس الوزراء اللبناني التي انعقدت عصر امس الأول، بسلام، ولم يسمح الرئيس ميشال سليمان بوصول التجاذب حول التصويت على ملف شهود الزور الى حافة انسحاب احد الطرفين من الجلسة، كما سبق ان أشارت «الأنباء» مستبقا احتدام الموقف بإعلانه رفع الجلسة بعد اكثر من 4 ساعات ويزيد من المناقشات الحادة».
وفي معلومات لـ «الأنباء» ان النائب وليد جنبلاط الذي تجمعه بالرئيس ميشال سليمان مصيبة الاحراج بالتصويت، قد عاد من دمشق بموافقة سورية على «لا ضرورة التصويت» في هذه الجلسة، وفور عودته الى بيروت يوم الجلسة تواصل مع الرئيس سليمان ومع رئيس الحكومة سعد الحريري وأبلغهما بأن الجلسة ستمر «بلا تصويت»، وان ثمة استراحة سياسية الى ما بعد عطلة الأضحى.
لا بل قالت مصادر وزارية ان وزراء الأكثرية لمسوا ما يوحي بأن هذا الملف، ملف شهود الزور «خدم عسكريته» وسيسحب من التداول. وأشارت المصادر الى جهد سعودي ـ سوري بذل في سبيل تمرير هذه الجلسة، اضافة الى اشارات قطرية، تمثلت بتنبيه الأمير حمد بن خليفة آل ثاني اللبنانيين الى ضرورة الالتزام باتفاق الدوحة، (الذي يحظر استخدام السلاح في الداخل ويدعم حكومة الوحدة الوطنية).
وفي هذا السياق، قال رئيس الحكومة سعد الحريري في مؤتمر لـ «الاسكوا» اننا متمسكون بالوحدة الوطنية، التي ستبقى بمنأى عن كل الضغوط والتشنجات وتحت سقف الطائف. وأشار الى تعنت إسرائيل في رفض الحق الفلسطيني في العودة الى دولة مستقلة عاصمتها القدس.
خطاب نصرالله
مجمل هذه التطورات تناولها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطاب مسائي بمناسبة يوم شهيد حزب الله، عرض فيه لملامح مواقف الحزب في المرحلة الآتية، وعلى رأسها قرار الاتهام والمحكمة الدولية التي توجه بوصلة الاتهام الى الحزب أو أقله الى عدد من منتسبيه في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري وصحبه.
وقال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ان الحزب لن يسمح باعتقال أي من أعضائه إذا اتهمته المحكمة الدولية التي تحقق في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق الشهيد رفيق الحريري عام 2005، مضيفا: «يخطئ من يتصور اننا سنسمح بتوقيف أحد من مجاهدينا».
وزاد السيد حسن نصرالله «ان اليد التي ستمتد الى أي واحد من عناصر المقاومة ستقطع».
من جانبه طالب العماد ميشال عون، باستقالة حكومة سعد الحريري. وبالعودة الى وقائع جلسة الأربعاء الحكومية الطويلة، تبين ان الرئيس سليمان التقى في الصباح المعاون السياسي للرئيس نبيه بري النائب علي حسن خليل موفدا من وزراء المعارضة لإبلاغه بتوجههم، الداعي الى حسم ملف شهود الزور عبر التصويت لإحالته الى المجلس العدلي، اذا تعذر التوافق، وان المعارضة تسلم بالنتيجة سلبا ام إيجابا.
وقد أجابه الرئيس سليمان بأن البلد منقسم، وأنا لا أريد أن أكرس هذا الانقسام في مجلس الوزراء لأنه يعكس انقساما في الشارع، وانا على موقفي هذا، خصوصا ان الرئيس الحريري ضد التصويت، والواقع الراهن لتوزيع الأصوات يوحي بأن هذا الاقتراح لن يحصل على الغالبية. وأضاف: سأفتح النقاش حول هذا الملف لكن عندما أرى لازما سأرفع الجلسة تفاديا لأي مواجهة، فأجابه النائب خليل: هذا حقك، لكن بالنسبة لنا فنحن نصر على بت هذا الملف. وفي مستهل جلسة مجلس الوزراء قال الرئيس سليمان لا جدوى من التصويت، طارحا تشكيل لجنة برلمانية للتحقيق، رفضها المعارضون، بينما تحدث الرئيس الحريري عن عزمه السفر الى موسكو يوم 14 الجاري، وعن زيارة رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان يوم 25 الجاري.
ثم تحدث وزير الزراعة حسين الحاج حسن باسم قوى الثامن من آذار، مؤكدا الاصرار على احالة الملف الى المجلس العدلــــي، وان لم يتحقق ذلــــك بالتوافق فليكن التصويت الذي وصفه بأنه مطلب نهائي، كما تحدث بالمعنى عينه وزراء آخرون بينهم محمد فنيش (حزب الله) وعلي حسين عبدالله (أمل) وتعاقب نحو 20 وزيرا على الكلام بين الفريقين، ثم كانت مداخلة حازمة للرئيس سعد الحريري قال فيها انه لا يقبل بالالهاء الحاصل في ملف شهود الزور بهدف تمييع عمل المحكمة الدولية، مشيرا الى انه قبل بالبحث في هذا الملف، وأقر بوجودهم ليس من اجل ايجاد ازمة سياسية، هدفها ضرب المحكمة، وقال: إذا كنتم تريدون فتح هذا الملف بالسياسة فليفتح من بداياته، من أحمد أبوعدس (المزعوم انه قاد الشاحنة الملغومة) مرورا بالذين اتهموا دولا أخرى، كما طاولتنا نحن اتهامات شخصية، وعندما وجه الاتهام الى سورية كان اتهاما سياسيا، وقرار المحكمة لن يكون مبينا على شهود الزور، والا فسنكون أول من يرفضه.
سليمان يرفع الجلسة
وشهدت الجلسة في هذه الأثناء بعض التشنج، فما كان من الرئيس ميشال سليمان الا ان اعلن رفع الجلسة بعد اربع ساعات من النقاش المتواصل.
وكان رد فعل وزراء 8 آذار التلميح بأنه لن يكون هناك مجلس وزراء بعد اليوم، الا بعد حسم ملف شهود الزور، وذهبوا الى حد الكلام عما يشبه الاعتصام السياسي الى حين بت هذا الموضوع.
عون: ذاهبون إلى أزمة نظام
وعكس العماد ميشال عون هذا الجو بحملة عنيفة شنها عبر قناة otv التابعة له، حيث قال: اليوم (أمس الأول) كان نهاية قسم من المسار، وهناك قسم آخر بدأ الليلة، ولا أعتقد ان الحكومة ستجتمع بعد اليوم، ونحن ذاهبون الى أزمة نظام، متهما قوى 14 آذار بأنها تنتظر قرارا من الخارج.
وقال عون: لم أفهم ما قاله رئيس الجمهورية من ان البلد سينقسم اذا حصل تصويت على ملف شهود الزور.
وأكد ردا على سؤال انه لن يشارك في اجتماعات هيئة الحوار الوطني بعد اليوم، ودعا رئيس الحكومة للاستقالة.
وهكذا، بات في حكم المؤكد ان لبنان باق الى ما بعد عطلة الأضحى وعيد الاستقلال رهينة ملف شهود الزور، الذي من الواضح انه في الطريق الى مصير مذكرات التوقيف الغيابية السورية التي صدرت بحق 33 شخصية لبنانية رفيعة دون مسوغ قانوني، والتي قال المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي ان الانتربول العربي و16 دولة عربية رفضوا التعامل مع هذه المذكرات للاعتبارات القانونية. وبالتالي سيكون على المعارضة وفي اطار صراعها الاستباقي مع المحكمة الدولية اجتراح ملفات اخرى في ملاقاة قرار الاتهام الدولي والمحكمة الدولية، وهذا ما تبدى في خطاب السيد نصرالله أمس.
واقرأ ايضاً:
الحريري يتقدم بـ «النقاط» وحزب الله يعتبر معركته مع «أميركا وإسرائيل»
أخبار وأسرار لبنانية
عدوى لجنة المال تنتقل إلى «الأشغال» واشتعال الخلاف بين باسيل والنائب قباني
مؤتمر عام ووثيقة سياسية لـ 14 آذار بعد العيد
بري لم يستقبل كوشنير في بيروت لأنه «عاد إلى يهوديته وترك اليسار»
ماذا جرى بين الحريري ونحاس؟!