بيروت ـ محمد حرفوش و اتحاد درويش والوكالات
ختم الرئيس المكلف تشكيل الحكومة الجديدة نجيب ميقاتي مرحلة الاستشارات بزيارة بعبدا صباح امس حيث التقى الرئيس ميشال سليمان، وأطلعه على نتيجة مشاوراته مع جميع الكتل النيابية وسط تزايد الحديث عن النية في الإسراع بتشكيل الحكومة في مدة أقصاها 10 أيام لمواجهة الاستحقاقات المنتظرة وأبرزها القرار الظني في جريمة اغتيال الحريري والمرتقب صدوره في اي وقت، بالاضافة الى التعيينات الأمنية والإدارية، ومئات البنود العالقة على جدول أعمال مجلس الوزراء، فضلا عن مشروع قانون موازنة العام 2011.
وفيما كشفت تقارير صحافية عن اتصالات غير معلنة سجلت بين ميقاتي ومكونات في قوى 14 آذار، في مسعى من الرئيس المكلف لتشكيل حكومة من جميع الأطراف، قال عضو كتلة المستقبل عمار حوري «القضية بالنسبة لنا ليست المشاركة او عدمها بل هي قضية وطنية كبرى، والحديث عن إمكانية إعطائنا الثلث الضامن والمعطل فهذه بدعة رفضناها ونرفضها، نحن قبلناها على مضض في الدوحة والآن هذه فرصة من أجل رفضها». وردا على سؤال، أجاب حوري سائلا بدوره: «ما هذه الحكومة؟ الذي يدخلها لديه نية التعطيل، أما نحن فانتقالنا إلى المعارضة لا يتم اليوم، بل كنا أصلا في المعارضة منذ الحكومة الماضية لأن الفريق الآخر هو الذي كان يفرض رأيه ويعطل ما يشاء».
بالنتيجة، يبدو حتى الآن أن ميقاتي لن يواجه في مهمته إلا التسهيل والدعم من أطياف المعارضة السابقة كافة، كما أعلن الرئيس نبيه بري.
وبما أنه سبق ان أكد الرئيس المكلف مرات عدة أنه يفضل حكومة مضبوطة تضم فريق عمل متجانسا، فإنه بات من شبه المؤكد أن الحكومة ستستقر على ما بين 20 الى 24 وزيرا، إلا اذا أدت حسابات التوزير الى زيادة العدد الى 30، كما أعلنت صحيفة «السفير» القريبة من المعارضة امس.
وعلى افتراض أن الحكومة ستتألف من 24 وزيرا، فسيكون لكل من السنة والشيعة والموارنة 5 وزراء، الدروز 2، الارثوذوكس 3، الكاثوليك 2، والأرمن 2 (إذا لم يتم توزير وزير من الأقليات).
وأكدت «السفير» انه بالنسبة للطائفة السنية، فيحرص الجميع على تأكيد أن الأسماء التي ستطرح ستكون منتقاة بدقة بحيث يصعب التعرض إلى رمزيتها أو تمثيلها، لاسيما في ظل غياب الفصيل السني الأكبر عن الحكومة. وبناء عليه، فإنه إضافة إلى الرئيس ميقاتي، بات شبه محسوم أن يكون الوزير محمد الصفدي على رأس وزارة المالية (إذ ما أبقي على التوزيع الطائفي القائم حاليا بالنسبة للحقائب السيادية). أما الأسماء الـ 3 الباقية فتتأرجح بين الوزراء السابقين ليلى الصلح، تمام سلام، وعدنان القصار. ويراعى في هذه الأسماء التمثيل المناطقي، كما أنه لكل شخصية من الشخصيات المذكورة حيثيتها التي لن يستطيع فريق «المستقبل» التشكيك بها، عبر الحديث عن تمثيل منتقص للسنة.
على الصعيد الشيعي، يبدو الوزير محمد جواد خليفة من الثوابت عند الرئيس نبيه بري، لاسيما انه يجمع بين التكنوقراط والسياسة، مع الإشارة إلى أنه دخل الحكومة لأول مرة من بوابة حكومة الرئيس ميقاتي في العام 2005، وبصفته «تكنوقراطيا».
وإذا ما بقيت حقيبة الخارجية من حصة حركة «أمل»، فيتم التداول اليوم باسمين هما محمود بري، الذي سبق ان طرح اسمه في وزارات عدة، وجهاد مرتضى، السفير السابق في لندن.
بالنسبة للوزير عدنان السيد حسين، فقد بات بقاؤه في الحكومة شبه محسوم، ردا لجميل استقالته مع وزراء المعارضة.
وبالرغم من حرص مصادر «حزب الله» على عدم الأدلاء بأي تصريح أو تلميح يتعلق بالحكومة، إلا أن الترجيحات تصب في خانة عدم مشاركته بحزبيين والاكتفاء بأصدقاء.
من ناحية العماد ميشال عون لاتزال الأمور غير واضحة، وبالرغم من أن الوزير جبران باسيل يبقى ثابتا في «الكوتا» المارونية، فإنه من غير المؤكد ما إذا كان سيعود إلى وزارة الطاقة، وذلك لسببين أولهما ان تكتل التغيير والإصلاح يرغب في الحصول على وزارة الداخلية وثانيهما أن الرئيس بري يريد وزارة الطاقة، لارتباطها بموضوع يشكل الأولوية بالنسبة له وهو موضوع التنقيب عن النفط.
وإذا ما تحققت رغبة الاثنين فستخلط الأوراق جميعها. وقد يستغني بري عندها عن وزارة الصحة، التي قد تؤول للوزير سليمان فرنجية فيما يرجح أن تكون وزارتا الدفاع والداخلية لرئيس الجمهورية.
وكثرة الاسماء المطروحة للداخلية لا تعني بالضرورة أن الوزير زياد بارود صار خارجها، فالترجيحات تؤكد تمسك الرئيس ميشال سليمان شخصيا به، فيما يؤكد البعض أن صفة التكنوقراط التي يتمتع بها بارود لا تناسب وزارة كالداخلية، علما ان المعارضة السابقة لا تعارض بقاءه في الحكومة، بعيدا عما إذا كان في الداخلية أو غيرها، كالعدل مثلا.
المؤكد أيضا بالنسبة للحصة المارونية ان ناجي البستاني، مستشار رئيس الجمهورية حاليا، سيعود إلى الحكومة مجددا من باب سليمان، إضافة إلى كونه يتمتع بعلاقات جيدة مع الجميع خاصة مع دمشق، كما قد يكون منافسا جديا لبارود على الداخلية، فيما لم يتم التداول بأي اسم لوزارة الدفاع حتى الآن.
ومن حصة التيار الوطني الحر يطرح حاليا اسم شكيب قرطباوي (ماروني) لوزارة العدل، إضافة إلى اسم عضو المجلس الدستوري سابقا سليم جريصاتي (كاثوليكي) كاثوليكيا أيضا يبدو العماد عون متمسكا بالوزير شربل نحاس لحقيبة الاتصالات. كما ان عضو طاولة الحوار الوطني البروفسور فايز الحاج شاهين يتردد اسمه من حصة رئيس الجمهورية عن الكاثوليك. بالنسبة للأرثوذوكس وبعد الغياب الأول لآل المر عن الحكومة منذ عشرين عاما، فإن أسماء عدة يتم التداول بها، أبرزها الوزير السابق يعقوب الصراف الذي تربطه علاقة وطيدة بمختلف أطياف المعارضة. كما أن جاك صراف يبقى اسمه مطروحا وهو مقرب من الرئيس ميقاتي.
وبالنسبة لتمثيل منطقة كسروان يتردد اسم نعمة افرام كماروني من حصة رئيس الجمهورية وهو يحظى بتأييد العماد ميشال عون.
اما درزيا فلايزال الوزير غازي العريضي ثابتا في الحكومة حتى الآن وهو على الأرجح سيبقى على رأس وزارة الأشغال، بالرغم من أن العين الدرزية تنظر باتجاه وزارة الداخلية. أما الحقيبة الثانية فقد يستغني عنها الوزير وليد جنبلاط لصالح الوزير طلال ارسلان، مقابل الحصول على حقيبة لنعمة طعمة أو علاء الدين ترو. وتبقى حقيبتان أرمنيتان ستعود واحدة منهما حكما للطاشناق.
عضو كتلة المستقبل أكد أن ميقاتي خرج عن تحالفه مع الحريري
ضاهر لـ «الأنباء»: الأزمة اللبنانية ستزداد اتساعاً وعمقاً
في السياق نفسه شدد عضو كتلة المستقبل النائب عن الشمال خالد ضاهر على أهمية ما ورد في الورقة التي رفضتها الكتلة خلال الاستشارات النيابية غير الملزمة الى الرئيس المكلف تشكيل الحكومة نجيب ميقاتي، متسائلا عن امكانية الرئيس ميقاتي الالتزام بالبنود التي وردت في الورقة وتحديد موقفه منها وإدراجها في البيان الوزاري، لافتا الى ان كتلة المستقبل لن تشارك في الحكومة الجديدة.
وأشار النائب ضاهر في تصريح لـ «الأنباء» الى ان الأزمة في لبنان ستزداد اتساعا وعمقا لأن ما مارسه فريق 8 آذار كان تحديا سافرا لإرادة الناخبين عبر خروجه عن العملية الديموقراطية والأصول السياسية ولجوئه الى إكراه بعض القيادات لتغيير موقفها، كما حصل مع النائب وليد جنبلاط الذي تراجع عن تسمية الرئيس سعد الحريري والذي كان قد سماه قبل أسبوع والاستشارات النيابية الملزمة.
وقال النائب ضاهر ان فريق 8 آذار حاول الإيحاء بأن الرئيس سعد الحريري قد تراجع عما جاء في التسوية السعودية – السورية، موضحا ان الرئيس الحريري ليس هو من أخل بالتسوية بل قدم التضحيات في سبيل إنجاحها، محملا قوى 8 آذار المسؤولية في اغتيال الرئس الحريري سياسيا وابعاده عن موقع القرار في لبنان، مثمنا الدور الكبير والمشكور الذي بذله خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والذي يقدره اللبنانيون تقديرا عاليا في سبيل الحفاظ على استقرار لبنان، مشيرا الى ان الجهد السعودي وصل الى طريق مسدود خلال التفاوض مع سورية ومع قيادات 8 آذار ما دفع بالمملكة العربية السعودية الى عدم اكمال ما تم بذله من جهود على صعيد الاتصالات والمشاورات، وأكد ان الأمر وصل الى حد ان يقول مسؤولو حزب الله وحلفاؤه الى الموفدين التركي والقطري اننا لا نريد الرئيس سعد الحريري رئيسا للحكومة ونقطة على السطر، مؤكدا ان هناك استهدافا وعزلا واقصاء للرئيس الحريري من خلال الانقلاب السياسي وعبر التهديد لفئة كبيرة في لبنان على المستوى السياسي والنيابي وعلى المستوى الطائفي كممثل للطائفة السنية.
وردا على سؤال حول اعتبار الرئيس ميقاتي مرشح حزب الله والمعارضة فيما جاءت تسميته بالطرق الدستورية اعتبر النائب ضاهر الرئيس ميقاتي لا يحظى بالوكالة السياسية والشعبية وان أهل السنة اختاروا الرئيس سعد الحريري ليكون ممثلهم، لافتا الى ان الرئيس ميقاتي خرج عن تحالفه مع الرئيس سعد الحريري واختار ان يكون مرشح حزب الله والمعارضة عوض ان يكون مرشح التحالف السني على المستوى الطائفي.
وتوقف النائب ضاهر عند الطريقة التي تم بها انتخاب الرئيس نبيه بري رئيسا للمجلس النيابي عندما اختارته القيادات الشيعية ليمثلها في هذا الموقع المخصص للطائفة الشيعية الكريمة، مستغربا ضرب الخيار السياسي للطائفة السنية والإتيان بمن لا يمثلها على المستوى السياسي، مشيرا الى ان الرئيس ميقاتي هو نائب في البرلمان وله دوره وحضوره وخدماته ومعروف بعلاقاته الداخلية والخارجية لكنه لا يملك تمثيلا على المستوى السياسي، ولفت الى ان ما جرى ليس عملية مفاضلة بين الرئيسين الحريري وميقاتي بل عملية انقلاب تحت وطأة التهديد بالسلاح والثياب السوداء، وعملية استهداف للحالة الحريرية الوطنية على كامل الساحة اللبنانية والمتعلقة بنهج وطني، وذكر بالممارسات التي جرت على الأرض قبيل الاستشارات النيابية لتسمية رئيس الحكومة والتي استخدم فيها التهديد بالسلاح وبنزول الميليشيات الى الأرض والتي كانت رسالة واضحة بأننا وكما قال مسؤولون في حزب الله وحلفاوه ان ذلك بروفة. وردا على سؤال حول ما شهده الشارع السني في «يوم الغضب» وما وافقه من أعمال عنف وفوضى وانعكاسه على صورة تيار المستقبل رأى النائب ضاهر ان ما جرى في «يوم الغضب» كان تعبيرا صارخا ويوم غضب فعلي عبر فيه الناس عن استيائهم جراء ما جرى من استهداف لوجودهم ودورهم وحقهم في اختيار من يمثلهم في ظل نظام توافقي طائفي يعتمد على التوازن الوطني وعلى التعاون بين الفئات اللبنانية.