بيروت ـ عمر حبنجر
الأحداث في لبنان تتبع بعضها، فمعضلة تشكيل الحكومة حلت في المرتبة الثانية بعد تقدم المواجهة بين قوى الأمن الداخلي ووزير الاتصالات في حكومة تصريف الأعمال شربل نحاس حول مصير شبكة الخليوي الصينية المقدمة هبة الى الحكومة اللبنانية.
وتزامنا مع تسلم الجيش الموقع المختلف عليه بين الوزير نحاس واللواء أشرف ريفي برز حادث الانفجار الذي استهدف مركبة عسكرية تابعة للأمم المتحدة في منطقة الرميلة كأولوية مطلقة على جميع الاهتمامات والمهمات.
ويستمد هذا الحادث خطورته من ارتباطه بالتطورات الاقليمية المتفاعلة، وخصوصا في ليبيا وسورية، ومن هنا كان تركيز ردود الفعل اللبنانية على التفجير الحاصل، على اعتباره رسالة اقليمية على العناوين الأوروبية بالبريد اللبناني.
وتتملك المسؤولين اللبنانيين مخاوف شتى حيال امكانية تكرار ما حدث في ظل الضغوط الغربية المباشرة على طرابلس الغرب وغير المباشرة على دمشق وظهور معطيات تسمح بأن يأتي الرد على هذه الضغوط في النقطة الأضعف وهي لبنان المنهك بمصاعبه السياسية والأمنية والاقتصادية التي تجعل منه ساحة مفتوحة لكل مبارز.
ورغم تبريد ملف العقوبات على سورية، فإن الخوف من عودة الحرارة الى هذا الملف في اي لحظة، بات هاجسا دائما بالنسبة للمسؤولين اللبنانيين.
وفي هذه الأثناء، تفقد سفير ايطاليا جوزيبي موراتيتو مكان الانفجار وعاد الجرحى في مستشفى حمود في صيدا، وعددهم ستة، بينهم اثنان في حال الخطر.
وهذه هي المرة الثانية التي تتعرض فيها اليونيفيل لهجوم في نفس المكان حيث تعرضت في الثامن من يناير 2008 لتفجير مماثل استهدف قافلة دولية أصيب خلالها جنديان ايرلنديان.
الناطق الرسمي باسم القوات الدولية ميزاي سنغ قال امس ان الاعتداء هو محاولة لضرب القرار 1701 ولزعزعة الاستقرار في الجنوب اللبناني.
وأضاف: انه عمل فظيع موجّه لتخريب عمل اليونفيل، ولا توقعات محددة في هذا المجال، انما نبني تحقيقنا على ما لدينا من وقائع، وأقول بالإنابة عن الخبراء الجنائيين لدينا اننا نعمل مع خبراء من الجيش اللبناني لنتمكن من التعرف على المعتدين واحالتهم الى القضاء.
وأكد سنغ اعتزام اليونيفيل اليوم وأكثر من اي وقت مضى التزام القرار 1701 كما ستكمل عملياتها بالتنسيق مع الجيش والسلطات اللبنانية بهدف حماية الأمن والاستقرار في لبنان.
وقد اتخذت هذه القوات احتياطات اضافية شملت وقف التحرك على الطرق الا ضمن مواكب، والاعتماد على المروحيات الجوية.
بدوره، الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أدان الاعتداء على الأمم المتحدة وأعلن ان المنظمة الدولية ستعمل بشكل وثيق مع السلطات اللبنانية من أجل تحقيق كامل وسريع حول الهجوم وإحالة المرتكبين الى القضاء.
الرئيس ميشال سليمان وصف التفجير بالعمل الإجرامي «الذي يصب في إطار زعزعة الامن والاستقرار في البلاد». كذلك استنكر رئيس مجلس النواب نبيه بري هذه الجريمة الارهابية، ودعا الى اتخاذ اعلى درجات اليقظة من أجل كشف المجرمين، بدوره رئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري استنكر الجريمة منبها من أي محاولات لاستخدام لبنان ساحة جديدة لتوجيه الرسائل ضد المجتمع الدولي وقوات الطوارئ الدولية تحديدا.
من جهته حزب الله اصدر بيان تنديد مقتضبا، اعتبر فيه التفجير عملا اجراميا، ودعا الاجهزة اللبنانية للتحقيق ولكشف الفاعلين ومعاقبتهم.
وفي خضم هذا التأزم السياسي والأمني استقرت المشاورات حول تشكيل الحكومة بين الرئيسين ميشال سليمان ونجيب ميقاتي على المزيد من التريث والانتظار متجاوزين بعض النصائح الداعية للاستعجال وتشكيل حكومة، حتى لو اعتبرت فعل أمر واقع.
وبدا من كلام الرئيس ميقاتي امام المنتدى الاقتصادي العربي، والذي اكد فيه انه سيضع الامور في نصابها، انه بمثابة تريث جديد، سيما بعد الذي حصل على صعيد ازمة الاتصالات، التي اطاحت، كما يبدو للمراقبين بإمكانية تسليم هذه الوزارة الى وزير «عوني» بعد التجربة المرة مع الوزير شربل نحاس.. وبعد خطاب الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله والذي كان واضحا رفضه الضغط على حلفائه وفي مقدمتهم العماد عون، من اجل التعجيل بتشكيل الحكومة.
وكان رئيس جبهة النضال الوطني اللبنانية وليد جنبلاط اول من اضاء على موقف حزب الله السلبي من تشكيل الحكومة الميقاتية، على نحو صريح ومباشر، وهو ما استدعى ردا وردودا من الحزب، لم تغير من واقع الموقف السياسي الثابت قيد انملة.
وقال جنبلاط لـ «الأخبار» ان «الحلفاء في حزب الله» لا يريدون تشكيل الحكومة، وهم يضعون النائب ميشال عون في الواجهة.
ولاحقا اوضح جنبلاط للموقع الالكتروني التابع للحزب التقدمي الاشتراكي ان ما ورد في صحيفة الاخبار على لسانه بهذا الصدد هو دقيق، وانه قال هذا الكلام من باب الحرص على المقاومة ومنجزاتها وعلى الاقتصاد اللبناني وعلى الاستقرار الداخلي.واستغرب جنبلاط اصرار البعض في الاكثرية الجديدة على دفعهم نحو الفشل الذريع معتبرا ان حادثة وزارة الاتصالات خير دليل على فشل الآخرين في تصريف الاعمال وفي ضبط الامر في مؤسسة موحدة.
وردّت مصادر نيابية في حزب الله بأن اتهام النائب وليد جنبلاط للحزب بعرقلة تشكيل الحكومة ووضع العماد ميشال عون في الواجهة يأتي في اطار سياسة جنبلاط الجديدة التي تقتضي منه عدم التصويب مباشرة على العماد عون كي لا يعود الى احياء المقاطعة التي سادت علاقة الرجلين في الفترة الماضية. وفي السياق الحكومي ايضا، نقل زوار الرئيس المكلف ميقاتي عنه قوله انه لن يستجيب لاي شرط من شروط العماد ميشال عون، وانه لن يتوجه الى زيارته في الرابية، ولن يتصرف الا بما يراه مناسبا وينسجم مع رؤيته بصرف النظر عن الوقت الاضافي الذي تقتضيه عملية التأليف.
بيد ان اوساطا متابعة، تحدثت عن خطوة مفاجئة للرئيس المكلف، ربما تتمثل في حكومة امر واقع، حتى ولو اقتضى الامر خلق مشكلة جديدة، فانها تبقى اخف وطأة من تفكك الدولة ومؤسساتها.