بيروت ـ زينة طبارة
رأى عضو كتلتي «نواب زحلة» و«القوات اللبنانية» النائب شانت جنجنيان أن قوى «8 آذار» بدأت تشعر بالقلق حيال مجريات الأحداث في المنطقة، وتحديدا حيال التطورات في سورية وما قد يترتب عليها لاحقا من متغيرات جذرية في المعادلات الاستراتيجية والتحالفات التقليدية، معتبرا بالتالي أن هذا القلق يفسر أسباب عودة تصاعد اللهجة الخطابية لدى قيادات الفريق المذكور وأسباب عودته الى تخوين الآخرين واتهامهم بمناصرة كل ما يمت إلى سقوط النظام السوري بصلة، مؤكدا بناء على ما تقدم أن خيار قوى «14 آذار» كان ومازال الوقوف إلى جانب الدول العربية في توجهاتها، وذلك انطلاقا من حسها القومي وشعورها بالمسؤولية تجاه الصراعات في المنطقة الشرق أوسطية، إلا أن التزامها بالخيارات العربية لم يحل دون تأييدها لرغبات الشعوب العربية بتقدير مصيرها والتغيير على مستوى الانظمة الحاكمة لديها، مذكرا على سبيل المثال بأن قوى «14 آذار» تميزت فيما مضى بعلاقاتها الجيدة مع النظام المصري إلا أن تلك العلاقات لم تحل دون دعمها لرغبة الشعب المصري في التغيير على قاعدة «الشعب مصدر السلطات» وليس النظام الحاكم، مشيرا الى أن ما دفع القوى المذكورة الى تأييد الشعب المصري في ثورته هو نفسه ما دفعها إلى تأييد الشعب السوري، في وقت سارعت فيه قوى «8 آذار» وفي طليعتها «حزب الله» الى دعم الانتفاضات العربية في تونس ومصر وليبيا تحت شعار دعم «الثوار الأحرار» ومن ثم تراجعت عن هذا الدعم حين وصلت عدوى التغيير إلى حليفتها سورية حيث عملت على دعم النظام فيها ضد الشعب واتهام المعارضة بالعمالة والتسلح.
ولفت النائب جنجنيان في تصريح لـ «الأنباء» إلى أن تعاطف قوى «14 آذار» مع الشعب السوري نابع من تجربتها مع النظام الأمني السابق في لبنان الذي مارس بحق اللبنانيين منذ اتفاق الطائف حتى العام 2005 أقصى درجات القمع وكبت الحريات وأبشع وسائل التنكيل والاعتقالات التعسفية وإسكات الأصوات الحرة، خصوصا أن أحداث السابع من اغسطس مازالت شاهدة على ما عاناه اللبنانيون من مآس خلال تلك الحقبة من تاريخ لبنان، معتبرا بالتالي أنه لا يمكن لقوى «14 آذار» وانطلاقا من إدراكها لمعنى القمع بكل إبعاده، إلا أن تتعاطف مع الشعوب المقموعة أيا كان مستوى صداقتها مع أنظمتها الحاكمة.
على صعيد آخر وردا على سؤال حول مستقبل «حزب الله» في ظل ما قد ينتج عن التطورات في سورية، لفت النائب جنجنيان الى انه، وفي ظل تسارع وتيرة الانتفاضة الشعبية فيها، أمام «حزب الله» خياران لا ثالث لهما: إما الذهاب إلى افتعال حرب استباقية للتأكيد على استمراره خلال المرحلة المقبلة في محاولة لتثبيت مكانته في المعادلة اللبنانية والإقليمية، وإما الذهاب إلى إجراء مصالحة مع الداخل اللبناني عبر تسليم سلاحه للشرعية اللبنانية وانخراطه في العلم السياسي الديموقراطي أسوة بباقي اللبنانيين، بدلا من اتباعه سياسة إخضاع مؤسسات الدولة لتوجهاته وتطلعاته السياسية، مؤكدا بالتالي أن وجود «حزب الله» خلال مرحلة ما بعد النظام السوري محفوظ ضمن المعادلة اللبنانية إنما على قاعدة أن الدولة حاضنة للجميع وليس الدولة الخاضعة لسلطة الدويلة تحت شعار «الجيش والشعب والمقاومة» واحتكار قرار الحرب والسلم بمعزل عن رؤية المؤسسة العسكرية، مشيرا بالتالي الى انه من الأجدى لـ «حزب الله» الانتقال الى مشروع الدولة وذلك لاعتباره أن السياسات والتحالفات الخارجية تتبدل وفقا للمعطيات والتطورات بينما الثابت الوحيد هو شرعية الدولة بكامل مؤسساتها الدستورية.
وعن أبعاد توقيت استبدال وزير الدفاع العلوي في سورية بآخر مسيحي، رأى النائب جنجنيان ان هذه الخطوة ليست سوى محاولة من النظام السوري للإيقاع بالمعارضة وبالتالي تفريقها طائفيا لحصرها بالطائفة السنية، وذلك في رسالة وهمية لكل من الداخل السوري والخارج بأن المسيحيين في سورية يقفون مع النظام في مواجهة انتفاضتها، هذا من جهة ومن جهة ثانية لزج المسيحيين في الخطوط الامامية لعمليات القمع بحجة ان وزير الدفاع مسيحي، معربا عن رفض قوى «14 آذار» محاولة النظام السوري اللعب على الوتر الطائفي كون مثل هذه المناورات تؤدي إلى إقامة جزر طائفية سرعان ما تتحول لاحقا الى حالة تقسيمية عامة، مشيرا إلى أن استغلال العصبيات الطائفية وعلى الرغم من خطورة نتائجه دليل إفلاس النظام من الحلول امام قرار المعارضة بالـ «لا عودة إلى الوراء».