بيروت ـ عمر حبنجر خلدون قواص
العاصفة الثلجية إلى انحسار نسبي في لبنان، في حين تزداد العاصفة السياسية احتداما اعتبارا من غد الاثنين، إلا اذا نجح رئيس «جبهة النضال الوطني» النائب وليد جنبلاط وكتلته النيابية في تدوير الزوايا وتقصير المسافات، بين الأكثرية والمعارضة التي تهدد بتعطيل نصاب جلسة الحسم النيابي، في حال أصرت الأكثرية على إبراء ذمة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي من إنفاقات العام 2011 المتخطية لمبدأ الصرف على القاعدة الاثني عشرية، مع إبقاء ما أنفقته حكومة السنيورة من العام 2006 الى 2010، معلقا برسم الابتزاز السياسي عند الطلب.
وضمن مخارج الحلول تأجيل جلسة الاثنين الى موعد لاحق، وهذا ما يعمل عليه جنبلاط، المنصرف باهتماماته الفعلية الى ما يجري في سورية، في ضوء قناعاته بأن سقوط حمص بيد نظام الأسد، يهدد بسقوط الثورة وسقوط الثورة يعني سقوط سورية بالمجهول.
لكن رئيس مجلس النواب نبيه بري لا يبدو في وارد تأجيل جلسة الاثنين، معتبرا ان قرار التأجيل هو شأن الهيئة العامة للمجلس.
وزراء كتلة جنبلاط: غازي العريضي ووائل أبوفاعور وعلاء الدين ترو جالوا أمس على الرئيس نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي وعرضوا المخارج المحتملة للجدل القائم.
وأوضح وزير المهجرين علاء الدين ترو ان جولته مع باقي وزراء جبهة «النضال الوطني» (الوزيرين غازي العريضي ووائل أبوفاعور) على رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي جاءت «لاستكمال المبادرة التي أطلقها رئيس الحزب خلال جلسة مجلس النواب الأخيرة والقاضية بحسم قوننة ملف الإنفاق المالي للحكومات السابقة والحالية منذ عام 2005 خارج قاعدة الاثني عشرية في قانون واحد».
وذكّر في حديثه لمحطة «ال بي سي» بأن وزراء «الحزب التقدمي الاشتراكي» شاركوا في «الحكومات التي صرفت الـ 11 مليار دولار (أي حكومتي الرئيسين فؤاد السنيورة وسعد الحريري) وفي الحكومة الحالية (برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي) التي صرفت 8900 مليار ليرة لبنانية (ما يعادل 6 مليارات دولار)، وكذلك الأمر بالنسبة الى وزير المالية الحالي (محمد الصفدي)».
وإذ رأى ان «تعنت الأفرقاء الممثلين في المجلس النيابي ربما سيصعّب مهمة وزراء الجبهة في وضع آليات صحيحة لتنفيذ مبادرة جنبلاط»، أكد ترو ان «الرئيس نبيه بري والرئيس نجيب ميقاتي يدعمان تسوية مسألة الـ 11 مليار دولار وإقرار الـ 8900 مليار ليرة»، مضيفا: «مازال الوقت مبكرا لتحديد الموقف النهائي قبل جلسة مجلس النواب التشريعية غدا الاثنين، لكن اذا لم يتم التوافق على تسوية للموضوع فلن نذهب الى الجلسة لأنه لا يمكن ان نتنصل من وجودنا في الحكومات التي صرفت الـ 11 مليار دولار».
وقال الوزير العريضي، اننا نأمل في إقفال هذا الملف، والبناء على أفكار واقتراحات تقدم بها الرئيس بري لإقفال كل الملفات الأخرى.
وكان الرئيس بري اقترح تشكيل لجنة وزارية نيابية لحل مشكلة الإنفاق من خارج الموازنة. وأبلغ التفاصيل الى وزراء كتلة جنبلاط، آملا من الفريق الآخر ان يتجاوب «ويلاقينا»، للخروج من هذه المسألة والانتقال الى قضايا أخرى، لافتا الى ان الاقتراح المقدم من 14 آذار لا يمكن مناقشته ودرسه قبل يومين من موعد الجلسة.
ويلحظ الاقتراح القائم على حل لمجمل الإنفاق الحاصل من قبل الحكومات السابقة والحالية إلزام الحكومة بإنجاز تلك الحسابات وإحالتها الى الجهة الرقابية وعلى رأسها مجلس النواب.
ويبدو ان جولة وزراء جنبلاط لم تحقق النتائج المرجوة بعد، وهذا حمله على السفر الى باريس يرافقه النائب مروان حمادة للقاء رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، والبحث معه في الحلول التي يطرحها جنبلاط لهذه المسألة، والتي تتلاقى مع موقف الرئيس نبيه بري الذي وصفه جنبلاط بالمشجع. وعلمت «الأنباء» ان هذا اللقاء سيكون الأول بين جنبلاط وسعد الحريري منذ ابتعاد زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي عن قوى 14 آذار.
وكان جنبلاط أجرى اتصالا هاتفيا مع الحريري إثر إصابته بكسر في رجله.
وتوقع متابعون ان يسرع لقاء الحريري جنبلاط بزيارة الأخير الى السعودية.
في المقابل، قوى 8 آذار اعتبرت ان دعوة قوى المعارضة الى مقاطعة جلسة مجلس النواب الاثنين تعني انهم يريدون التعطيل، وأعلن التيار الوطني الحر انه أعد ردا شاملا على المؤتمر الصحافي للرئيس فؤاد السنيورة.
وزير السياحة فادي عبود قال ان آخر موازنة للدولة اللبنانية كانت للعام 2005، ومنذ ذلك التاريخ وحتى اليوم الصرف من خارج الموازنة. وقال ان المشكلة الأساسية في الحسابات هي غيابها، وأضاف: لا نسعى الى الابتزاز السياسي واذا كانت الحسابات موجودة فليتقدموا بها.
من جهته، النائب القواتي جورج عدوان أكد مقاطعة الجلسة النيابية المقررة غدا اذا لم تعتمد بها طريقة عمل تحافظ على أمن واستقرار لبنان.
وقال ان القوات طالبت بلجنة تحقيق وتدقيق نيابية منذ 1990 حتى اليوم وليس فقط من 2006، والآن مادامت هناك حكومة أكثرية فلماذا لا تبادر الى التحقيق في كل الفترة من 1990 حتى اليوم؟
عضو تيار المستقبل النائب جمال الجراح استغرب اعتراض بعض نواب الأكثرية الحالية على تشريع إنفاقات الحكومة السابقة، علما ان هؤلاء والتيارات التي يمثلونها كانوا وزراء في تلك الحكومات، ويصرفون من هذه الموازنات.
ومن جهته، دعا المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى القيادات المعنية الى المزيد من التكاتف، وأهاب بالسلطتين التشريعية والتنفيذية الى وجوب اعتماد وحدة المعايير في معالجة جميع شؤون البلاد بما فيها القضايا المالية العالقة عبر الحكومات المتعاقبة وعدم إلهاء الرأي العام بمعارك وهمية تزيد الانقسامات والبلبلة.
وتوقف المجلس في بيان له اثر اجتماعه برئاسة مفتي لبنان الشيخ د.محمد رشيد قباني امام الفلتان الأمني الحاصل في الآونة الأخيرة والذي استشرى مؤخرا في بعض المناطق اللبنانية، ودعا السلطات الأمنية الى المزيد من التشديد في بسط الأمن لحماية أرواح الناس وأموالهم وممتلكاتهم. وأعرب عن ألمه وحزنه العميق لما يحصل على الساحة السورية من قتل وتدمير وسفك للدماء البريئة، ودعا السلطات اللبنانية المسؤولة الى مزيد من الاهتمام الجدي بشؤون النازحين السوريين وتأمين الرعاية المناسبة لهم.