-
قهوجي يدعو قادة الوحدات للتدخل حسماً للإشكالات.. والضاهر يثير سحب آليات الجيش في الحدود العكارية
بيروت ـ عمر حبنجر
الغموض يلف المساعي السياسية لصياغة قانون جديد للانتخابات النيابية في لبنان، ما ضاعف من احتمالات تأجيل هذا الاستحقاق رغم النصائح الاميركية والاوروبية، وجاءت التهديدات السورية الرسمية بقصف الاراضي اللبنانية استهدافا لمن تصفهم بـ «العصابات المسلحة» لتزيد الطين اللبناني بلة، ولتصب الزيت على النار المتأججة عند الحدود وفي المدن الرئيسية السريعة التأثر بالفظائع اليومية الحاصلة في سورية.
هذا الواقع المعقد استدعى من قائد الجيش العماد جان قهوجي عقد لقاءات متتالية مع اركان الجيش وقادة الوحدات يوم الخميس، حيث ابلغه توجيهاته بالتدخل الفوري للوحدات من اجل حسم اي اشكالات امنية تقع «بروح الحزم والوعي والتجرد وليس بتأثير التجاذبات السياسية»، مؤكدا على عدم تكرار تجربة 1976 (حيث انقسم الجيش وفقد دوره).
والراهن ان قوات النظام السوري لم تنفك تقصف القرى والبلدات اللبنانية الحدودية في عكار والشمال واوقعت العديد من القتلى والجرحى، اما التهديد الرسمي والعلني الجديد فيبدو بمنزلة رد مباشر على الرئيس اللبناني ميشال سليمان الذي كان دعا دمشق في 24 فبراير الماضي الى التوقف عن اطلاق الرصاص والقذائف باتجاه الاراضي اللبنانية، وذلك في اعقاب مقتل شخصين لبنانيين في منطقة وادي خالد (عكار) بالنيران السورية.
هذا الوضع الحدودي المتأزم جعل مجلس الامن الدولي يجاهر بـ «القلق العميق» حيال تأثير الازمة السورية على استقرار لبنان، مشجعا الفرقاء اللبنانيين على احراز تقدم سريع لضمان اجراء الانتخابات النيابية على اساس الاجماع وضمن الاطار الدستوري والقانوني، مؤكدا على استمرار سياسة النأي بالنفس وتجنب التورط بالازمة السورية والالتزام باعلان بعبدا، ورحب بجهود الرئيس ميشال سليمان للمحافظة على وحدة لبنان واستقراره، واكد على دعم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان.
يذكر ان التهديدات السورية ابلغت الى لبنان عبر مذكرة خطية من وزارة الخارجية السورية الى وزارة الخارجية اللبنانية ذكرت فيها ان مجموعات ارهابية مسلحة تسللت خلال الساعات الـ 36 الماضية من الاراضي اللبنانية الى الاراضي السورية، وان القوات السورية اشتبكت مع هذه المجموعات على الاراضي السورية، وان القوات السورية لاتزال تضبط النفس بعدم رمي العصابات المسلحة داخل الاراضي اللبنانية، لكن ذلك لن يستمر الى ما لا نهاية.
وكان نائب عكار خالد ضاهر حذر من تحضيرات للنظام السوري للاعتداء على لبنان، وهو يقوم بالتعبئة العسكرية، وتوقف بالمصادفة امام ما وصفه بسحب الجيش اللبناني لآلياته العسكرية من المناطق الحدودية في عكار.
وتزامن كل هذا مع اقدام شبان في طرابلس على احراق ثلاثة صهاريج سورية تنقل المازوت الاخضر الى النظام السوري اثناء مرورها في «باب التبانة» المنطقة المعروفة بدعمها للمعارضة السورية، بينما قام آخرون باحراق اربعة صهاريج اخرى، واحتجزوا السائقين السبعة، ثم افرجوا عنهم لاحقا، وتسبب احراق الصهاريج بإصابة عناصر المجموعة المسلحة وهم علي الحجار وعمرو خضر خضور والسوري خالد سلامة بحروق، واثناء نقلهم الى المستشفى راحوا يطلقون النار في الهواء.
وفي البقاع، قطع الاهالي طريق صهاريج مازوت سورية متوجها الى دمشق.
وفي طرابلس امس، ظهرت المتاريس مجددا في التبانة وبعل محسن.
وفي الشمال ايضا، تم تحرير السوري يوسف رضوان من خاطفيه في وادي خالد من اجل الفدية المالية، وتولى مختار بلدة الهيشة خالد ضرغام مفاوضة الخاطفين واطلاق المخطوفين.
في هذه الاثناء، انضم وزير الخارجية الاميركي جون كيري الى مشجعي الزعماء اللبنانيين على اجراء الانتخابات النيابية في موعدها ودعاهم في الذكرى الثامنة لثورة الارز الى نبذ استخدام العنف وحل الخلافات، مشيدا بنزول اللبنانيين الى الشوارع سلميا قبل ثماني سنوات للمطالبة بدولة ديموقراطية ذات سيادة ومتحررة من التدخل الاجنبي، والمطالبة بمعرفة الحقيقة وراء اغتيال الرئيس رفيق الحريري و22 غيره.
الى ذلك، عقد مستشار الرئيس سعد الحريري نادر الحريري سلسلة اجتماعات في مجلس الامن القومي الاميركي ووزارة الخارجية الاميركية بينهم نائبة مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الاوسط اليزابيث دبل وسفير الولايات المتحدة لدى سورية روبرت فورد والمسؤول في الامن القومي بريم كومار الى عدد من الباحثين الاميركيين، وناقش معهم مسألة الانتخابات النيابية في لبنان والحرب في سورية وسبل دعم المعارضة السورية.
وعلى صعيد الحراك الانتخابي محليا مازالت الصورة مشوشة والوضع السوري يفرض تداعياته، وفي هذا السياق نقل عن رئيس مجلس النواب نبيه بري قوله انه لم يتلق بعد اي مشروع انتخابي، وانه لم يفقد الامل في الوصول الى قانون انتخابي توافقي لكن فرص هذا الامل بدأت تضيق، ونبه الى ان الانتخابات في خطر بسبب الوضع الامني، محذرا من ربيع لبناني اكثر من ساخن اذا لم يحصل الاستحقاق النيابي الذي يتنفس اللبنانيون من خلاله.
وخلافا لما نقله عنه وسطيون، قال بري امس ان الابواب لاتزال مفتوحة، وقد كنت بحثت في مشروع قانون مختلط (مشروع المستقبل ـ جنبلاط) لكن بعض الفرقاء لم يقبلوا به، لكني لا استطيع ان انتظر طويلا، فاذا لم تصلني مشاريع بديلة فسأكون مضطرا الى دعوة مجلس النواب الى جلسة يطرح فيها المشروع الارثوذكسي لكنه المشروع الوحيد الذي يحظى بالاكثرية النيابية.
وقال انه يستطيع الانتظار حتى منتصف ابريل المقبل، ولفت الى ان بعض القوى عمل ويعمل على احياء «قانون الستين» الميت، وهذا البعض يعلن عكس ما يضمر فيبدي الرغبة بالعمل على قانون توافقي ثم يطرح مشاريع لقوانين مختلطة لم تلامس المشروع القاضي بالمناصفة بينما هو يعمل لاحياء قانون الستين.
لكن النائب عاطف مجدلاني عضو كتلة المستقبل قال امس ان مشروع اللقاء الارثوذكسي لم يعد يحظى بأكثرية مجلس النواب، فيما لو عرض على التصويت، في ضوء رفض كتلة جنبلاط له وحتى عدم ترحيب الرئيس بري فعليا به، كونه يشكل حالة غير ميثاقية.
من جهته، رأى الشيخ نعيم قاسم ان قوى 14 آذار ومن خلال كل الفترة الماضية لم تقدم اي مقترح له علاقة بقانون انتخاب وطني وانما قدمت مقترحات بقوانين تجعلهم اكثرية، واضاف: من كان يعتبر ان قانون الستين موجودا فهو واهم.
عضو كتلة القوات اللبنانية النائب فادي كرم قال ردا على تلميحات الرئيس بري حول التمديد لمجلس النواب ان امكانية اجراء الانتخابات مازالت واردة، وان الآمال ضعفت لأن الفترة سيئة، والذي يبدو ان فريق 14 آذار يحاول دائما الوصول الى مشروع توافقي، لكن فريق 8 آذار عندما تبين له ان التوافق حاصل ذهب باتجاه عدم اجراء الانتخابات.
وقال ردا على الشيخ نعيم قاسم ان فريق حزب الله يغطي على اعماله باتهام سواه مسبقا بما يقرر فعله، وان الحزب مصر كما يبدو على اخذ السلطة في كل لبنان بالانتخابات او بغيرها.
العماد ميشال عون اعلن تمسكه بالقانون الارثوذكسي والا فلبنان دائرة انتخابية واحدة وهاجم من وصفهم بالتكفيريين الذين علينا استيعابهم، لا خوفا منهم بل لأننا اقوياء، ليس على احد ان يستضعفنا ابدا، اذا شاءوا بالسلاح اقوياء واذا شاءوا بالسياسة اقوياء، وكذلك بالحكومة.
واضاف: ليس لأحد الادعاء ان القانون الارثوذكسي طائفي، لأن البلد كله طائفي، النواب يترشحون على اساس طائفي، ولماذا لا يكون طائفيا مادام الحكم في النهاية سيكون مختلطا والحصص محددة مسبقا.