- بطرس حرب بعد لقاء الراعي: كلام الحريري خطوة إلى الأمام
- سجال بالواسطة بين بري والسنيورة حول رواتب الموظفين بلا نتيجة
بيروت ـ عمر حبنجر
حرك الخطاب ـ المبادرة لرئيس الحكومة السابق سعد الحريري السواكن السياسية في لبنان امس، وحفلت التصريحات والمواقف والتفسيرات بردود فعل غلب عليها الطابع الترحيبي، الا من بعض اوساط قوى الثامن من آذار في حين التزم حزب الله الذي تناوله الحريري مباشرة، الصمت من اجل دراسة معمقة للخطاب، واقتطع التجاذب بين تيار المستقبل والرئيس نبيه بري حيزا من الاهتمام واستفاد رئيس الحكومة تمام سلام من انشغالات الآخرين ليحدد موعدا جديدا لمجلس الوزراء الخميس المقبل، ما يعكس مستوى من الهدوء على جبهة حكومة المصلحة الوطنية.
هذه الصورة للاوضاع في لبنان مرشحة للمزيد من الانقشاع، مع تطورات الحرب الاسرائيلية على غزة وازدياد الاهتمام الاميركي والاممي بضرورة كبح جماحها.
وترى مصادر ديبلوماسية في بيروت لـ«الأنباء» ان تمديد الاميركيين للمفاوضات النووية مع ايران اربعة اشهر اضافية ربما يسهم ايضا في ذلك.
على المستوى الداخلي، رسم الحريري في خطابه الرمضاني الذي ألقاه من جدة عبر التلفزيون خارطة طريقة لاخراج لبنان من ازمته الرئاسية، مشددا على أولوية انتخاب رئيس، واضعا التوافق المسيحي في اساس العملية ودون «فيتو» منه على احد، ورافضا تقديم الانتخابات النيابية على الرئاسية، ومجددا مطالبة حزب الله بالانسحاب من سورية، تمهيدا للخروج من نفق الفتنة والفوضى ومحاربة الارهاب ومعالجة النزوح السوري.
لكن الحريري لم يتطرق الى المسائل المالية المطروحة بين كتلته برئاسة فؤاد السنيورة ورئيس مجلس النواب نبيه بري، ولا الى موضوع تعطيل عمل الحكومة، في حين اعلن صراحة انه لا يستطيع ان يبقى متفرجا على تعطيل النصاب في مجلس النواب، وقد وردت هذه الاشارة في سياق تأكيده على أولوية انتخاب رئيس الجمهورية، معتبرا ان استمرار غياب التوافق المسيحي يهدد اساس وجود لبنان واساس وجود الدولة.
وفي حين استقبل الاعلام العوني خطاب الحريري بايجابية، متناولا النقاط المؤثرة على استمرار الانفتاح على الجميع، متخذا منها دليلا على حرص الحريري على مواصلة مساعي التفاهم مع عون، اعتبرت مصادر القوات اللبنانية ان الحريري رد على العماد عون دون ان يسميه، اكثر من مرة رافضا كل المبادرات الرافضة التي تشكل خروجا على اتفاق الطائف، في إشارة إلى اقتراح عون انتخاب رئيس من الشعب.
كما أكد الحريري عزمه على القيام بمبادرة لإنهاء حال الفراغ في الرئاسة بأسرع وقت، تمهيدا للاستحقاقات الدستورية اللاحقة من انتخاب مجلس نيابي وتشكيل حكومة، وهنا ترى مصادر القوات ان الحريري رد بشكل مباشر على العماد عون الذي كان دعا للانتخابات النيابية قبل الرئاسية.
وخلافا لنصائح اسداها عون للحريري بوقف حملاته على الرئيس بشار الأسد، إذا كان يريد العودة إلى لبنان، على ما ذكرت صحيفة «السفير»، فإن رئيس تيار المستقبل واصل هجومه على النظام السوري، واصفا حزب الله، بأنه جزء من مثلث تقوده إيران وفيه دولة المالكي في العراق وبشار الأسد في سورية، حيث لفت الحريري إلى أن «حزب الله أصبح جزءا لا يتجزأ من منظومة القتال في سورية والدفاع عن الاسد الذي اختار ان يرمي شره على الآخرين واختيار ان يقسم اليمين على ولاية جديدة زائفة.
وتابع: «كل تنظيم يرمي إلى التفجير هو بالنسبة لنا ارهاب وعدو للبنان، وأهل السنة في لبنان معنيون كسائر اللبنانيين بمحاربة هذه الآفة ورفضها، وأي كلام آخر عن وجود حاضنة للخلايا الإرهابية في الوسط السني هو كلام مشبوه ومرفوض يرمي إلى تبرير الإصرار على المشاركة في الحرب السورية.
أوساط قريبة من حزب الله، اعتبرت في حديث الحريري عن حزب الله بمثابة «فتح للنار»، ما يمكن أن يحثو التراب على مرحلة التهدئة.
وتوقفت الأوساط عند اتهام حزب الله بالإرهاب.
واعتبرت أن ذلك يؤشر على أنه لا انتخابات نيابية ولا رئاسية في لبنان.
الأوساط استبعدت لـ «الأنباء» حدود رد فعل فوري من الحزب، «بل ان تعميما صدر بالتزام الصمت، تمهيدا لدراسة الخطاب بدقة».
الوزير بطرس حرب، وبعد لقائه البطريرك بشارة الراعي الذي حظي بدعم قوي من الحريري قال: تداولنا في العراقيل التي لاتزال تواجه الاستحقاق الرئاسي وما صدر عن تيار المستقبل الذي فتح مجالا آخر عندما أعلن انتهاء بقائنا منتظرين أن تأتي حلول من المعنيين بالشأن الرئاسي الى مرحلة جديدة وهي اطلاق مشاورات بحثا عن حل بديل، وهذه تشكل خطوة الى الإمام منطلقا من الحياة المشتركة والمناصفة والحفاظ على النظام السياسي.
واعدا بالتوصل إلى رئيس يؤمن بالمبادئ التي تقوم عليها الدولة.
على الطرف الآخر، الشيخ نبيل قاووق نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله رأى ان المقاومة في لبنان تتكامل مع المقاومة في فلسطين، وان حزب الله سيبقى في الموقع المتقدم لنصرة ودعم الشعب الفلسطيني، وانه مهما كانت الأزمات الداخلية والإقليمية فلن يكون هناك شيء يبعدنا عن الاستعداد والجهوزية لمواجهة اي عدوان اسرائيلي.
ودعا فريق 8 و14 آذار ليكونا فريقا واحدا لتحصين الوحدة الوطنية لكنه لاحظ ان فريق 14 آذار وجد الفرصة لاستكمال السيطرة على السلطة وللوصول الى المصالح الضيقة في ظل النار المشتعلة في غزة والعراق وسورية، عبر تعطيل مجلس النواب وعرقلة الحكومة، وان هؤلاء أثبتوا ان مصالحهم اولا وليس لبنان اولا.
ويشار الى ان خريطة الحريري لحل الأزمة تضمنت ست نقاط، تبدأ بإنهاء الفراغ في الرئاسة الاولى، لأولوية مطلقة، ثم بتشكيل حكومة جديدة على صورة الحكومة الحالية تتولى مع الرئيس الجديد ادارة المرحلة ومواجهة الاستحقاقات الداهمة، وإجراء الانتخابات النيابية، وانسحاب حزب الله من الحرب السورية، وإعداد خطة وطنية شاملة لمواجهة الإرهاب، وهذه مسؤولية وطنية تقع على كاهل الدولة، وليست مسؤولية جهة او طائفة بعينها، والتوافق على خطة طوارئ رسمية لمواجهة أزمة نزوح أشقائنا السوريين الى لبنان، ورفض اي شكل من اشكال التمديد للمجلس النيابي.
وعلى صعيد السجال الدائر بين كتلة المستقبل وحركة امل حول تمويل سلسلة الرتب والرواتب، وفي ضوء الردود والمؤتمرات الصحافية المتبادلة، قرر النائب وليد جنبلاط اعادة التواصل بين الطرفين عبر الوزير وائل ابوفاعور وقد اتفق على اجتماع جديد بين الثلاثة الاسبوع المقبل.
ونقلت بعض الصحف ان جنبلاط سعى لعقد اجتماع بين رئيس المجلس نبيه بري والرئيس فؤاد السنيورة، إلا ان بري لم يكن متحمسا.
وكان بري اكد امس انه يقف وراء اصرار وزير المال علي حسن خليل على رفض تسديد رواتب الموظفين ما لم يجز مجلس النواب ذلك بقانون.
وقال بري لصحيفة «الأخبار» ان الخلاف على تسديد رواتب القطاع العام لم يعد مرتبطا بالمسألة المالية فحسب، بل بدا انه يقترن بتصفية حسابات سياسية قديمة بين فريقي 8 و14 آذار ومن خلالهما بين رئيس البرلمان ورئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة.
النائبان غازي يوسف وجمال الجراح (المستقبل) عقدا مؤتمرا صحافيا مشتركا في ساحة النجمة اتهما فيه وزير المالية بمخالفة القانون لجهة تسديد غلاء المعيشة للموظفين من بند الرواتب والاجور من دون الرجوع الى مجلس النواب.
وقال النائب يوسف: احتاج الوزير الى 71 مليار ليرة شهريا لتسديد بدل غلاء المعيشة، المفروض ان يسدد بسلفة مالية، فأخذها من بند الرواتب والأجور وسددها، بحيث سدد نحو 497 مليار ليرة خلال سبعة اشهر من بند الرواتب والاجور، دون ان يسمح له مجلس النواب بذلك وهو الآن يريد تغطية قانونية لذلك.
ورد الوزير علي حسن خليل من خلال مكتبه الاعلامي بالقول: يتحدثون بأمور كثيرة فيما المطلوب تشريع مخالفات المرحلة السابقة، وكان الاجدى التوجه الى مجلس النواب لإقرار قانون لفتح اعتمادات اضافية للإنفاق وهي النقطة التي لا يستطيعون الرد عليها.
لكن الخبير المالي لويس حبيقة اكد في حديث إذاعي ان لا احد يمكنه ايقاف اجور الموظفين.
وقال: الاجور حالة مستمرة وبالتالي هي ليست بحاجة الى اذن كل شهر لدفعها، فهي ليست مصاريف استثنائية او اضافية او توظيفا جديدا.
وفي حال بقي وزير المال على موقفه المصر على ربط الصرف بقانون يصدر عن مجلس النواب، قال حبيقة: في هذه الحالة يستطيع الوزير اخذ اجازة، ليتولى وزير المال بالوكالة التوقيع عنه وإلا فإن مجلس الوزراء مجتمعا عليه ان يأخذ القرار.