- سلام العائد من نيويورك: طلبت مساعدة روحاني لانتخاب رئيس
بيروت ـ عمر حبنجر
لاحت امس بارقة امل في افق قضية العسكريين اللبنانيين لدى تنظيمي داعش والنصرة والتي اربكت الحياة السياسية والامنية في لبنان على امتداد الشهرين الماضيين، تمثلت في عزم الحكومة وضع مسألة «المفاوضة والمقايضة» على طاولة مجلس الوزراء بعد غد الخميس على وقع التصعيد المتواصل من قبل اهالي العسكريين على مستوى اغلاق الطرق الرئيسية، وفي طليعتها طريق ضهر البيدر التي تشكل الشريان الرئيسي بين بيروت والبقاع.
وسيحاول الفريق الحكومي المقتنع بألا مفر من المقايضة مع الدواعش لانقاذ ارواح العسكريين باقناع الفريق الآخر المختبئ وراء هيبة الدولة والجيش بأن خيار الحسم العسكري الذي ينادي به هذا الفريق وفي طليعته التيار العوني لن يفي بالغرض، لا بل انه يصب الزيت على النار ويرش الملح على الجرح، خصوصا بعدما اطل زعيم جبهة النصرة في سورية ابو محمد الجولاني مهددا بشريط صوتي بنقل المعركة الى الدول الغربية.
الجولاني دعا اهل السنة في لبنان بالانقضاض على حزب الله، محذرا الفصائل السورية من المشاركة في «حلف الشر الدولي»، داعيا شعوب الغرب الى الحذر لأن «المعركة ستنتقل الى بلادكم ما لم تعترضوا على قرار حكامكم»، مؤكدا ان فاتورة الحرب على المسلمين ستكون باهظة لكنها ستعيد الغرب 100 سنة الى الوراء.
كلام الجولاني اضاف الى هموم اللبنانيين هما فوق هم العسكريين المخطوفين، والى جانب الهم الاكبر المتمثل في الخطر الزاحف عبر الحدود الشرقية مع سورية بالاضافة الى سعي النظام السوري لادخال لبنان في معركته بشتى الوسائل الديبلوماسية والعسكرية، والى جعل لبنان جزءا من الحرب الدائرة عنده.
هذه الصورة عاد بها رئيس الحكومة تمام سلام من الامم المتحدة مدعومة بالجزم المطلق بأن الاسد لن يكون جزءا من التحالف الدولي ضد الارهاب، وبالتالي لن يكون نظامه بمنأى عن نهائيات الحملة الدولية ضد داعش في سورية والعراق، علما ان هذا التوصيف لم يحظ باهتمام وزير الخارجية جبران باسيل الذي اصر على لقاء وزير الخارجية السوري وليد المعلم.
سلام كرر القول امس ان انتخاب رئيس للجمهورية هو الاولوية الاولى بالنسبة اليه، حتى انه طلب المساعدة في ذلك من الرئيس الايراني حسن روحاني في اقرار ضمني منه بمسؤولية حزب الله عن عرقلة انتخاب رئيس جمهورية لبنان.
واعلن سلام ان لبنان في مواجهة مع الارهاب اينما كان، واعتبر ان حزب التحالف الدولي للنصرة وداعش يصب ايجابا في الوضع اللبناني، الا انه لفت الى ألا بشرى لديه تطمئن اللبنانيين بأنهم في منأى عن تداعيات ما يحصل في المنطقة.
نائب من 8 آذار علق على كلام سلام مستبعدا لـ «الأنباء» انتخابات رئاسية قريبة بسبب الظروف الاقليمية، وقال ان فريقه يفضل العماد عون لولا «الفيتو» عليه، وان العماد جان قهوجي اخطأ عندما لم يكمل معركة عرسال، وان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة يفضل البقاء حاكما للبنك، ويبقى جان عبيد بالطليعة وفق تقديره.
نائب بيروت د.عاطف مجدلاني اعرب عن اعتقاده انه امام مهمة انقاذ ابنائنا من العسكريين المخطوفين لا يجوز ولا يمكن ان يكون هناك خط أحمر، لذلك فإن موقف كتلة المستقبل من الاساس هو التفاوض والمقايضة، ودعا الوزراء الى وضع انفسهم مكان اهل العسكريين المخطوفين.
وعن تذرع بعض رافضي المقايضة بهيبة الدولة، قال د.مجدلاني لاذاعة «صوت لبنان»: هيبة الدولة باتت علامة استفهام منذ اصبح هناك اناسا متهمين باغتيال اكبر شخصيات البلد، كالرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه، ونحاولة اغتيال الوزير بطرس حرب، ولا تستطيع الدولة القبض عليهم، كونهم محميين من فريق لبناني، ويتجولون في احدى المناطق دون حسيب او رقيب. ولذلك، اصر د.مجدلاني على الحكومة كي تقوم بمقايضة هؤلاء العسكريين بشتى الوسائل.
ولاحظ نائب كتلة المستقبل انه بغياب رئيس الجمهورية بات يتعذر على الحكومة اتخاذ اي قرار في مجلس الوزراء بسبب الحاجة الى توقيع 24 وزيرا، فوزير واحد ممتنع يمكن ان يوقف قرار مجلس الوزراء، من هنا تبقى الاولوية لانتخاب رئيس للجمهورية.
بدوره، المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم قال في مداخلة تلفزيونية ان اختيار اهالي العسكريين المختطفين لتنفيذ شروط الخاطفين يعد كارثة كبيرة.
واكد ان هناك باب ضوء في ملف العسكريين المختطفين وان الملف يسير على الطريق الصحيح، من دون اعطاء تفاصيل.
اما موضوع اقامة مخيمات جديدة للسوريين على الاراضي اللبنانية، فسيكون بمنزلة الطبق المر على مائدة مجلس الوزراء الخميس المقبل، فوزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس سحب اقتراحه القديم باقامة ثلاثة مخيمات على الحدود المشتركة بين البلدين بسبب ضيق المساحات او الحاجة الى التنسق مع النظام السوري، وسيقترح اقامة مثل هذه المخيمات على الجانب اللبناني من الحدود، ووزير الداخلية نهاد المشنوق سيطرح باسم كتلة المستقبل حصرهم في مخيمات جامعة ومحدودة، بدل ابقائهم موزعين على 1400 مخيم، الامر الذي يرفضه حزب الله بلسان التيار الوطني رفضا قاطعا، مطالبا باقمة هذه المخيمات على الحدود بجانبها السوري!
عضو كتلة التغيير والاصلاح النائب زياد اسود نبه من اعادة اقتراف الخطأ نفسه الذي حصل مع الفلسطينيين عام 1948، ودعا الى اقامة مخيمات للسوريين داخل الاراضي السورية.
وزير الداخلية نهاد المشنوق قال انه سيبحث في وضع الطرق المقفلة مع رئيس الحكومة تمام سلام، مؤكدا ان الاولوية هي للمعالجة بالحسنى، انما اذا تعذر ذلك «فسنناقش الخيارات الاخرى».
وقال انه سيناقش مع حزب الله وامل والتيار الوطني الحر اقامة مخيم للاجئين السوريين في عرسال خارج بلدة عرسال، وتوقع المباشرة بخطوات عملية خلال اسبوعين. وتعليقا على قول وزير الخارجية جبران باسيل ان انشاء مخيمات للاجئين السوريين سيفجر لبنان، تساءل المشنوق: هل ما يحصل في عرسال هو بالنسبة للوزير باسيل حفل تكريم لتكون المخيمات عامل تفجير؟
واضاف: اذا كان وزير الخارجية يريد افتعال ازمة سياسية فهذا شأنه، لكن بالنسبة لي الامن فوق كل اعتبار، وعندما يصبح مهددا لا تعود تغير كل نظريات وزير الخارجية.
المشنوق وفي حفل تكريم له اقامه متخرجو المقاصد الخيرية الاسلامية، قال ألا قيمة لعلم الدولة الاسلامية الذي يؤيده البعض عندما يستخدم لذبح جندي لبنان تحت رايته.
وقال: هذا العلم وهذا الكلام المكتوب عليه يفتقد قيمته في هذه الحالة، وانا ارفض ان يقول لي احد ان هذا العلم هو علم دولة الاسلام.
على صعيد قطع الطرق، سجل امس ولاول مرة منذ اسبوع اقفال اهالي العسكريين طريق ترشيش ـ زحلة والقلمون ـ طرابلس بالاضافة الى ضهر البيدر في السادسة والنصف صباحا وليس عند العاشرة، كما درجت العادة، ما حال دون وصول الموظفين الى اماكن عملهم، بالاضافة الى شاحنات نقل الخضار من البقاع الى بيروت والجبل، او تلك المتجهة بطريق الترانزيت من بيروت الى العواصم العربية عبر سورية، الامر الذي احكم عزل محافظة البقاع عن باقي المناطق اللبنانية عزلا تاما او اقله 95% بحسب تقديرات مراسلي الصحف في البقاع. وساهم الطقس الممطر والصقيع على رؤوس الجبال في اقفال بعض الطرق الفرعية، وقد استعان اهل المخطوفين على مواجهة حال الطقس باقامة مدافئ على الحطب داخل خيامهم.
وتحدث مزارعو البقاع عن خسائر يومية توازي مليوني دولار نتيجة تذر تصريف انتاجهم من الفاكهة والخضار.
هذا الحال اثار احتجاج المطران عصام درويش راعي ابرشية زحلة للكاثوليك الذي تساءل عما اذا كان اغلاق الطرق هو الوسيلة الانجح لتحقيق المطالب، وهل ان المقصود تدمير اقتصاد البقاع؟
اما في الشمال، فقد قطع اهالي الجندي ابراهيم مغيط طريق الشمال الرئيسي في القلمون جنوبي طرابلس منذ الخامسة فجرا، كما قطعوا الطريق البحري القديم.
وفي البقاع الشمالي، قطعت عائلة الجندي عباس مشيك طريق حدث بعلبك ـ عيون السيمان، ووجهت شقيقته نداء الى الرئيس سعد الحريري برحمة والده ان يعمل على تحرير الاسرى.