بيروت ـ عمر حبنجر
يقول سعد الحريري في بيان انكفائه عن تشكيل الحكومة: «ليس انا بل احد آخر»، لكن يبدو ان حزب الله وحلفاءه مصرون على الحريري او لا احد، وهذا يفسر لعبة حرق الاسماء الجارية في موقد رئاسة مجلس الوزراء، بدليل عدم صدور الدعوة الرئاسية لإجراء الاستشارات النيابية الملزمة حتى عصر امس، ما يعني ان ثمة طرفا معينا لم يوافق على تسمية م.سمير الخطيب بعد.
وواضح ان هذا الطرف هو حزب الله، لموقفه المغاير لموقف حليفه الوزير جبران باسيل الذي له اعتباراته التي في اساسها الاصرار على بقاء سعد الحريري على رأس الحكومة، وطبعا لهذا الاصرار بواعثه، ومنها وليس كلها: المحافظة على التسوية السياسية الرئاسية التي جاءت بالرئيس ميشال عون الى بعبدا واعطت السراي الكبير لسعد الحريري الذي يُنظر الى ابتعاده عن موقعه في رئاسة الحكومة ابتعادا عن التسوية التي سبق ان هجرها اثنان من اركانها هما وليد جنبلاط ود.سمير جعجع، وبانضمام الحريري الى هذا الثنائي تفقد التسوية، التي حزب الله عمود الخيمة فيها، توازنها وميثاقيتها، وهو ما يرفضه حزب الله ومعه حركة امل على الرغم من تمظهرهما بقبول اي مرشح يتبناه الحريري.
الى ذلك، يحلو للبعض رد تمسك الرئاسة وحزب الله بالحريري لرئاسة الحكومة الى عدم تمكينه من مغادرة السفينة وهي على هذه الحال.
ومن هنا ملاحظة عدم اهتمام الحزب وحلفائه بالاسماء المطروحة، وآخرها اسم م.سمير الخطيب المدير العام لاكبر الشركات الهندسية في العالم العربي وصاحب العلاقات العربية الواسعة، وبالتالي اصراره على ان يتولى شخصيا اعادة تشكيل الحكومة وبشروط الحزب اي تكنو-سياسية.
الخطيب اكد استعداده شرط التوافق عليه، واشار الى اتصالات جرت معه لكنه نفى ان يكون الرئيس سعد الحريري رشحه رسميا لهذا المنصب.
وكانت برزت اسماء اخرى بينها الوزيرة ريا الحسن ووليد علم الدين واسامة بكداش لمنصب رئاسة الحكومة.
في هذا الوقت، جدد اعلام التيار الوطني الحر التأكيد على ان الحكومة الجديدة لن تكون حكومة اللون الواحد، اي حكومة التيار وحزب الله وحلفائهما، بل حكومة تكنو- سياسية مع موافقة الحريري على الاسم الذي سيتم طرحه، بحيث تشكل هذه الموافقة اللون الآخر الكاسر لأحادية لونها السياسي الفاقع.
وتبرر اذاعة «المدى» الناطقة بلسان التيار ذلك بأن المرحلة تتطلب غطاء سياسيا، وتضيف ان الحكومة لن تكون حكومة مواجهة بالمطلق او مواجهة مع الحريري انما حكومة مواجهة مع الفساد.
رئيس مجلس النواب نبيه بري المؤيد لحكومة تكنوقراط سياسية متخوف مما سماه خطة حرق اسماء المرشحين السُنة المحتملين، وقال: هناك محاولة احراق لسمير الخطيب بعد احراق اسماء محمد الصفدي وبهيج طبارة ونواف سلام ورؤساء لجنة الرقابة على المصارف، وفي غمز من قناة سعد الحريري المتمسك بحكومة التكنوقراط استغرب بري كيف ان حكومة تصريف اعمال لا يدعو رئيسها لاجتماع طارئ.
على الارض الصدامات المتنقلة لم تتوقف، لا بل قاربت الخطوط الحمر في بعض المناطق، خصوصا بين عين الرمانة والشياح، حيث انطلقت الحرب الاهلية عام 1975، وفي طرابلس وبكفيا وبعلبك وصور، ما اوحى للحراك الثوري انه امام حملة مضادة من جانب تحالف حزب الله والتيار الوطني الحر وحركة امل في بعض المناطق، تظهّرت بمواكب الدراجات النارية والهتافات المستفزة المنطلقة من الشياح باتجاه عين الرمانة، وفي بعلبك حيث حاصر مناصرو حزب الله وحركة امل انصار الحراك الثوري في مكان اجتماعهم السلمي، وفي مدينة صور حيث احرق الثنائي الشيعي خيمة الحراكيين الثوريين، اما في بكفيا معقل حزب الكتائب فقد قرر التيار الوطني الحر القيام بعراضة بالسيارات في منطقة المتن مرورا ببكفيا، رافعين العلم البرتقالي، الامر الذي استفز اهالي البلدة وكتائبييها، فتصدوا للموكب مانعينه من الوصول الى مقصده وهو نُصب الشيخ بيار الجميل مؤسس الكتائب، في محاولة للرد الضمني على قيادة الكتائبيين لحركة الحراك الثوري عند محلة جسر جل الديب على الطريق الساحلي، وقد تدخلت قوة كثيفة من الجيش بالهراوات وامّنت لموكب التيار الوطني الحر طريقا فرعيا باتجاه بلدة بعبدات، من دون تمكينه من الوصول الى مقصده الاساسي، وكانت الحصيلة بضع اصابات بين الاهالي والجنود جراء الهراوات والحجارة.
وفي طرابلس، رفض الحراك الثوري رفع علم التيار الوطني الحر على شرفة مكتبه في الجميزات، والذي يعتبره الثوار خرقا لاحادية العلم اللبناني، فتدخلت قوة من الجيش لمنع الحراكيين من اقتحام مكتب التيار، وحصلت حالة فوضوية اقدم خلالها ملثمون ـ يقول شهود عيان انهم من خارج الحراك ـ على تحطيم واجهة متجر ظنوها فرعا لمصرف «سوسيتيه جنرال» المجاور للمكتب الى متاجر اخرى، كما القيت قنبلة يدوية على الجيش لم تنفجر، واصيب ثمانية جنود بالحجارة.
وفي مدينة صور، احرق غاضبون يرفعون اعلام حركة امل وحزب الله خيمة للحراك الثوري في ساحة الاعتصام، لكن سرعة تدخل الجيش حالت دون تدهور الامور.
وفي بعلبك، فقد احاطت عناصر حزبية من حزب الله وحركة امل بمقر اعتصام الحراك الثوري وهم يرفعون اعلامهم ويهتفون «شيعة.. شيعة»، واحتدم الموقف عندما اعترض الحراكيون وغالبيتهم من الشيعة على اقحام المذهب في هذا الموقف السياسي رافضين رفع اي علم غير العلم اللبناني فتدخل الجيش.
وعلى طريق القصر الجمهوري، استنفر التيار الوطني الحر فريقه لينظم تظاهرة مضادة لتظاهرة «حزب 7» والحراك الثوري على طريق القصر تحت عنوان رفض الكلام غير اللائق الذي اطلقوه ضد الرئيس ميشال عون، وهنا تدخلت قوى الامن الداخلي ووقفت بين الطرفين.
واعتبرت مصادر الحراك الثوري ان توزع الحملات ضد الثوار المطالبين بحق العيش ومحاربة الفساد بين حركة امل وحزب الله من جهة. من جانبها علقت الهيئات الاقتصادية الاضراب العام الذي كان مقررا له أن يبدأ اليوم وحتى السبت المقبل. إلا أن نقابة محطات البنزين دعت إلى إضراب مفتوح على مستوى البلاد يبدأ من اليوم.