محمد بسام الحسيني
كانت إسبانيا في 1936 مسرحاً لانقلاب دعمه الزعيمان النازي أدولف هتلر والفاشي بينيتو موسوليني من قبل القوميين على الجمهوريين وحلفائهم اليساريين، ما أدى إلى حرب أهلية استمرت أكثر من 3 سنوات، وحصدت مئات الآلاف من القتلى المدنيين والعسكريين.
أوصل الانقلاب الجنرال فرانكو إلى السلطة التي قبض عليها 36 سنة.
توفي فرانكو عام 1975، ومع عودة الديموقراطية، وقّع الإسبان ما عُرف بـ «ميثاق النسيان»، معتمدين إياه أساساً لطي صفحة الماضي والعفو الشامل.
لكن ذلك لم يكن برأي الكثيرين الحل الشافي، وخاصة أهل الفكر والفنانين من رسامين وأدباء وكُتّاب وإعلاميين، رأوا أن إسبانيا بحاجة إلى «ميثاق للتذكر» دائم الحضور في وجدان المواطن الإسباني، لأن الذاكرة والألم هما طريقا الخلاص والاتعاظ.
مناسبة هذا الحديث هو تقرير وثائقي بانورامي عن الذكرى المئوية لتأسيس «دولة لبنان الكبير» التي تحولت إلى «الجمهورية اللبنانية»، وقد ضم «الوثائقي» جزءاً كبيراً وشهادات عن الحرب وويلاتها ومراحلها التي تثبت أن حتى الاصطفاف الطائفي بين بعض المكونات اليوم وتحالفها من ثنائيات وغيرها بعدما تقاتلت في الماضي، هو تحالف مصلحي مرحلي يمليه العامل الإقليمي وليس الوضع الداخلي أو المصلحة الوطنية.
ربما هذا من أبرز ما نتعلمه من بانوراما الـ MTV عن المشهد اللبناني والتي تفتح أمامنا مساحة للتفكير في إنقاذ هذا البلد الذي باتت عوامل إنقاذه واضحة بانتظار التنفيذ: الحياد عن الصراعات التي أظهرت النتائج الكارثية للانغماس فيها خلال الحرب، إصلاح الأحزاب لكي لا تبقى جامدة على حالها ومناطقية وطائفية بحتة بل تتحول إلى أحزاب وطنية عابرة للطوائف، كون الأحزاب هي الأجهزة السياسية القادرة على تولي الحكم وإدارة الدولة، انتظام المؤسسات، اتعاظ المسؤولين وإحساسهم بما سيقوله عنهم التاريخ الذي ما عاد ممكنا أن يصبح مساحة قابلة للتجميل والأكاذيب.. وأخيراً والأهم أن تكون الرسالة قد وصلت إلى المواطن اللبناني لكي لا يقبل بعد الآن أن يكون وقوداً لصراعات، بل صانع سلطة قادرة على تلبية طموحاته أو على الأقل توفير الحد الأدنى من حقوقه.