في أعقاب حرب التريليون دولار التي منحت إيران نفوذا على مستقبل العراق أكثر من الولايات المتحدة، وفي ظل حرب أفغانستان الأطول في تاريخ الولايات المتحدة والتي يبدو أنها متجهة الى تريليون دولار آخر من دون أن تقلص تمرد حركة طالبان، قال وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس ان أولئك الذين يريدون أن يخوضوا عملية عسكرية ثالثة ضد العقيد معمر القذافي في ليبيا يجب أن يفحصوا أدمغتهم.
بعض الصقور متحمسون لتنفيذ عمل ضد الليبي المنبوذ يبدأ بفرض منطقة حظر جوي. ولكن القول أسهل من الفعل. فالقذافي ومقابل بضع مئات من الدولارات شهريا لكل متطوع يمكنه الحصول على مزيد من المرتزقة من الدول الأفريقية الجنوبية أي النيجر وتشاد ومالي. وفيما ان الحكومات العربية معارضة للقذافي إلا أن الرأي العام فيها لايزال معجبا بمناهضته للولايات المتحدة.
ويحث الصقور الأميركيون، الرئيس باراك أوباما على الاصطفاف ضد قوات القذافي النظامية، وهو أمر من شأنه ان يجر الولايات المتحدة إلى لعب دور الشرير المعادي للعرب.
في كل من الحرب الأهلية الإسبانية (1936-1939) التي قتل فيها مليون شخص والتي قسمت كلا من أوروبا وأميركا بين معسكرين، واحد مؤيد للنازية والثاني مؤيد للسوفيات، وحرب البوسنة 1992-1995 التي قتل فيها نحو مائة ألف مدني وشرد 2.2 مليون، وجدت الولايات المتحدة نفسها إلى جانب المسلمين. وهاتان الحربان هما نموذجان على كيفية تحول هذه الصراعات بسرعة إلى أزمة عالمية.
ومن هنا يأتي تردد غيتس في التورط في حرب جديدة، إضافة إلى أن فرض منطقة حظر جوي على ليبيا لا يتعلق فقط ببعض الطائرات الحربية التي تنطلق من حاملة طائرات.
لدى القذافي 227 طائرة حربية روسية وفرنسية وبطاريات سام 2 وصواريخ سام 6 المضادة للطائرات ولكن العديد من هذه الطائرات لا تطير أما التي تطير منها فيمكن إسقاطها بسهولة.
ولكن ستكون معجزة إذا لم تسقط أي طائرة أميركية بوابل الصواريخ وهو أمر سيؤدي إلى تصعيد الصراع بسرعة.
ومن شأن نقل أصول عسكرية إضافية إلى المنطقة على سبيل المثال: قاعدة حلف شمال الأطلسي في صقلية أن يكون له عواقب سلبية على الفور على الحرب في أفغانستان وتقليص انتشار البحرية الأميركية في الخليج العربي وخليج عدن.
وبالإضافة الى ما سبق، فبريطانيا التي ترزح تحت التخفيضات الدفاعية والالتزامات في أفغانستان، أوضحت أنها لن تتمكن من المشاركة.
كما ان فرنسا وإيطاليا سعتا طويلا لإقامة علاقات وثيقة مع القذافي وليستا مهتمتين بالضغط عليه. وفي الوقت نفسه، فإن ليبيا على حافة حرب أهلية شاملة ولدى القذافي المال الكافي لاحتلال الشطر الشرقي من البلاد ولكنها ستكون معركة طويلة.