بالرغم من الغموض الذي يلف المشهد الليبي إلا ان جميع المعطيات تشير الى اقتراب نهاية نظام العقيد معمر القذافي، وبخاصة بعد حث وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ قادة الثوار على تحقيق تقدم سريع في وضع خطة مفصلة لمرحلة ما بعد حكومة القذافي والتي قد تتضمن مشاركة السلطة مع بعض أنصار القذافي.
وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية في تقرير بثته على موقعها الالكتروني أن وزير الخارجية البريطاني أشار عقب زيارته القصيرة لمعقل ثوار ليبيا الى تزايد المخاوف في العواصم الغربية وخاصة في بلاده والولايات المتحدة وفرنسا حيال ما قد يحدث عقب إسقاط حكم الرئيس الليبي.
ووصف هيغ قادة ثوار ليبيا بإيمانهم الشديد بالديموقراطية وسيادة القانون إلا انه ينبغي عليهم التعلم من تجربة العراق والتي شملت تطهيرا شاملا لأنصار صدام حسين وذلك جرى تحت برنامج «اجتثاث البعث» التي دعمته الولايات المتحدة لتجنب تقديم أي تعهدات من جانبهم.
وتأتي تصريحات هيغ في الوقت الذي يكثف فيه الناتو هجماته بمروحيات الهليكوبتر مستهدفة أهدافا حيوية في طرابلس، فيما قال مسؤولون أميركيون وبريطانيون انه لا يوجد مؤشر يدل على الفترة المستغرقة لإنهاء الثورة ضد الرئيس القذافي التي تستمر لمدة أربعة شهور بينما مازال الناتو يشن هجماته للشهر الثالث.
وأشارت الصحيفة الى انه في حال اكتشاف ان القوات المناهضة للقذافي كما يقول بعض المسؤولين الغربيين منقسمة فعليا لاعتبارات شخصية وسياسية فهذا المناخ لن يساعد على تشكيل حكومة او قد تكون ضعيفة لتولي الحكم بعد القذافي، وهذا يجعل دعم القوى الغربية للثوار مجازفة لعدم معرفة ما اذا كانت الحكومة القادمة ستتبع النظام الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان ام لا؟
في هذا الوقت أفادت تقارير إخبارية أمس بأن علم قوات الثوار الليبيين يرتفع في مدينة «يفرن» الواقعة جنوب غربي العاصمة طرابلس والتابعة الى قوات القذافي، موضحة أنه لا يوجد أدلة على وجود قوات موالية للعقيد.
وكانت المعارضة قد أعلنت سيطرتها على المدينة بعد نجاح الناتو في تدمير العديد من آليات القذافي بالقرب من يفرن كما نجح الثوار في فك الحصار الذي ضربته كتائب القذافي حول مدينة «الزنتان»، وطردها إلى منطقة بوابة بئر عياد التي تشهد اشتباكات عنيفة بين الطرفين.
في سياق متصل، افادت تقارير صحافية بان بعض الليبيات لجأن الى الكهوف في الجبل الغربي مع أسرهن في الآونة الأخيرة بحثا عن مأوى من قصف قوات العقيد العشوائي لبلدة الزنتان الواقعة تحت سيطرة المعارضة.
واشارت التقارير الى ان العديد من العائلات تبيت في خنادق تحت الأرض وتعدت على الآبار في الحصول على الماء وعلى الشموع في إنارة الكهوف.
الى ذلك، واصلت قوات حلف شمال الأطلسي (ناتو) قصفها أهدافا تابعة لقوات الرئيس الليبي معمر القذافي في العاصمة طرابلس وضواحيها الشرقية وشنت الطائرات غارات جوية مكثفة ودمرت نظاما لاطلاق الصواريخ على الساحل الليبي قرب البريقة خلال الـ 24 ساعة الماضية.
وقال قائد عمليات «ناتو» في ليبيا الجنرال تشالز بوشار في بيان له «ان قوات حلف شمال الاطلسي قصفت مواقع مهمة منها مركز قيادة وسيطرة ومنشأة لتخزين الصواريخ ومنشأة عسكرية في طرابلس وقاذفة صواريخ وثكنات ونقطتا تفتيش بالقرب من البريقة».
من جهة اخرى، أعلن وزير المالية الجزائري كريم جودي أن قرار تجميد أموال وأصول نظام العقيد معمر القذافي جاء تطبيقا لقرارات مجلس الأمن الدولي بخصوص هذا الجانب، رافضا في نفس الوقت الكشف عن حجم هذه الأموال والأصول.
وقال جودي في تصريح له امس «إن الجزائر ملزمة ككل الدول بتطبيق القرارين 1970 و1973 المتعلق بفرض عقوبات على العقيد الليبي معمر القذافي وأبنائه وعدد من أركان النظام الليبي، إضافة إلى الشركات الليبية» مؤكدا أن الجزائر لا تفعل ذلك من موقف، وإنما انطلاقا من الالتزام بتطبيق قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، ورفض الوزير الجزائري بشكل مطلق الكشف عن تفاصيل حجم وطبيعة الأموال والأصول المالية الليبية في الجزائر.