- توافق كامل بين الكويت والمغــرب في جميع القضايا الثنائية والدوليـة
- التواصل العربي أسلاكه ثقافية أكثر منها سياسية
ربط الطموح بهاجس تولد بعد غياب طويل خارج المغرب، فترة دراسته وعمله في المنظمات الدولية، فعاد بحصيلة عن ذاته وبلده والعرب والمسلمين.
الحديث مع وزير الثقافة الاسبق ووزير الخارجية السابق في المملكة المغربية محمد بن عيسى يشعرك بتواضع اللقاء وغنى الكلام الذي يربط السياسة بالثقافة والسينما بالتنمية، قيم ولدت لدى بن عيسى فكرة ميلاد موسم اصيلة الثقافي الدولي في العام 1978 في مدينته الصغيرة، وجعلت منها ملتقى الحوار بين مختلف الثقافات.
قناعة الديبلوماسي المغربي بان العرب والمسلمين ليس لهم حضور لدى الآخر وليس فقط في الغرب، بل في افريقيا والاميركيتين ايضا، والسعي لاثبات الذات سينمائيا مثلا في كان الفرنسية وسبوليتو الايطالية، فلم تكن هناك ارضية تعيد الاعتبار لانفسنا مع انفسنا.
حديث بن عيسى لـ «الأنباء» رأى فيه ايضا ان الطريق معبد اساسا نحو الشمال وكان بجانبه «مسلك» صغير نحو الجنوب، فكان لابد من تجاوز القطيعة لدى الحديث عن تأسيس اصيلة في عز الحرب الباردة والتجاذبات السياسية في البلدان العربية وبين الانظمة والاحزاب التي كانت سائدة بين القوميين العرب والبعثيين والماركسيين والليبراليين في هذا المناخ ولد مشروع اصيلة.
ومن مكتبه المتواضع في مركز الحسن الثاني للملتقيات الدولية، تنطلق رغبات الاب الروحي لمنتدى اصيلة التي تستجيب لهذا الهاجس بان توظف الثقافة والابداع من اجل التنمية في مدينة صغيرة ليس فيها موارد سوى البحر، دون ميناء او فندق او صيدلية ام ماء صالح للشرب، لكن لديها ثروة الانسان، فبدأ الاستثمار في الطفل «الزيلاشي» وصقل مواهبه حتى اصبح شابا عمره 32 عاما ومسؤولا اليوم في مؤسسة منتدى اصيلة الثقافي.
وفيما اذا كان منتدى اصيلة وجد طريقا له الى جانب الطريق المعبد نحو الشمال، ابدى بن عيسى ارتياحه الى ان جزءا تحقق في بقعة ارض يلتقي فيها العربي والاوروبي والافريقي والاميركي ومن جميع المستويات من رؤساء دول وحكومات سابقين ووزراء ومفكرين وأدباء وفنانين يقيمون جسورا للتعارف وتبادل الآراء والخبرات فتحقق بذلك مشروع تنمية المدينة سياحيا بذيوعها وانتشار فكرة موسمها في بقاع العالم التي تجذرت وأوجدت سبيلا للتغيير والتطور ليس بالضرورة بالجمال وحده، لكن في ايجاد تنمية بشرية حقيقية وان كان الدعم المادي اساسيا حيث حظيت مرافق مدينة اصيلة بدعم من الاشقاء في المملكة العربية السعودية والكويت والامارات العربية المتحدة، والبحرين وقطر فكان الدعم كاملا من الكويت لبناء دار «التضامن» وتشييد كورنيش «الصباح» على شاطئ اصيلة.
الحضور الخليجي في موسم اصيلة في دورته الـ 32 مثلته الامارات العربية المتحدة «كضيف شرف» والعلاقات المغربية ـ الخليجية أكد بن عيسى أنها ممتازة حيث تحدو جلالة الملك محمد السادس رغبة دائمة لتوحيد هذه العلاقات من خلال الزيارات والتواصل، مشيرا الى ان الاشقاء في الامارات العربية المتحدة والكويت وغيرهما يستجيبون دائما لما يقوم به المغرب من مشاريع تنموية إضافة إلى توافق كامل من هذه الدول والمملكة المغربية في جميع المحافل والمنظمات الدولية.
بن عيسى الذي رأى أن أصيلة أصبحت محجا لكثير من الاشقاء في الكويت والبحرين وقطر ابدى اسفه لانه لم يوفق حتى الآن في ان يكون احد هؤلاء الزوار من الخليج العربي من السباقين في بناء منتجع أو فندق في اصيلة.
الأمين العام لمؤسسة منتدى اصيلة محمد بن عيسى الذي شغل منصب وزير الثقافة وسفير المغرب لدى واشنطن ووزير الخارجية يؤمن بأن الثقافة والديبلوماسية تكمل احداهما الأخرى واصفا الاولى بأنها المحرك لابراز الدولة في مختلف المجالات وهي سماد مهم للعمل الديبلوماسي واظهار البعد الحضاري والانساني لأي دولة، مثمنا في هذا السياق ومشيدا بالجهود التي تبذلها الكويت ديبلوماسيا منذ ان كان صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد وزيرا للخارجية وعميدا للديبلوماسية العربية والتي يسير على نهجها ايضا نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ د.محمد الصباح الآن ووصفها بانها ديبلوماسية رصينة عاقلة متأنية وصبورة لا تخدم المصلحة الخاصة وانما العمل العربي والانساني من خلال ما يساهم به الصندوق الكويتي للتنمية العربية، مذكرا بأن الكويت دولة تتسم سياستها بالرشد والعقلانية وهذا أمر يعرفه ويقدره الجميع وخير دليل ما أقرته القمة الاقتصادية التي عقدت في الكويت بإنشاء صندوق الحياة الكريمة مشيرا إلى أن لهذه الديبلوماسية رؤية دينامية تحركها.
وفيما إذا كانت هذه الدينامية الديبلوماسية يوازيها حوار بين الثقافات العربية قال بن عيسى ان ذلك ليس بالحدة والمستوى الذي نتطلع اليه، رغم تطور آليات التواصل الاعلامي فالثقافة مثل الغرس تنمو إذا كانت الارض خصبة مذكرا بأن ارض الثقافة هي المناخ السياسي في البلاد والمناخات العربية ليست كلها بنفس الخصوبة ومع ذلك رأى أن هناك اهتماما بالثقافة وبدأ الشعور بأنها مورد أساسي يجب الاستثمار فيه وهذا يعكس صورة وقدرة ورؤية أي بلد انطلاقا من أجواء الحرية المتفاوتة في العالم العربي، مؤكدا على أن الثقافة كانت أكثر فاعلية من السياسة وأن التواصل في العالم العربي اسلاكه ثقافية اكثر منها سياسية.
500 مشارك
استضاف موسم أصيلة الثقافي اليوم في دورته الـ 32 نحو 500 مشارك من السياسيين والمفكرين والمبدعين والإعلاميين الذين ينتمون الى مختلف دول العالم، ويمثلون مشارب فكرية متعددة انسجاما مع التقليد الذي سار عليه موسم أصيلة الثقافي الدولي منذ انطلاقته الأولى في العام 1978 ليساهم في تفعيل التعاون جنوب ـ جنوب عبر التواصل بين ممثلين حكوميين وأولئك المنتمين الى المجتمع المدني والمحافل الأكاديمية العربية وافريقيا وآسيا والفضاء الآيبيري واللاتيني ـ الأميركي، وذلك عبر الحوار المتكافئ مع دول الشمال على أساس من الاحترام المتبادل للخصوصيات الحضارية والمقومات الثقافية لكل الأطراف.
بناء نموذجي
الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة الثقافي محمد بن عيسى يحفظ من عمله الديبلوماسي ذكريات جميلة وهو سعيد بعمله الآن رئيسا لمجلس بلدية مدينة أصيلة، ولا يعتبر نفسه متقاعدا بل عاملا فاعلا انتقل من العمل في الجهاز الحكومي الى العمل المدني الذي يجني ثماره من خلال الحفاظ على نموذجية البناء في المدينة وان تكون البنيات متوازنة في المكان والإنسان وما يتم حوله من تطور في مدينة «الفنون» لذلك فالعمل في مجلس البلدية يركز على ان تتطور المدينة في بنيتها وعمارها وطرقها ومرافقها في حدود ووفق قوانين صارمة.