- صلاح خلف كان يقول: لن أكون الشهيد الأول ولا الشهيد الأخير، فكل أبناء فلسطين مستعدون لتقديم مهر فلسطين من دمائهم الزكية
- كان شديد الإعجاب بحكمة وحنكة صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد ويصفه بنصير القضية في المحافل الدولية
بقلم: يوسف عبدالرحمن
وأنا أجمع أوراق مذكراتي والنفس تراودني لفتح ملف منسي من تاريخ القضية الفلسطينية وقفت على قول جبران خليل جبران: «الحقيقة التي تحتاج الى برهان هي نصف الحقيقة»، وعليه قررت أن افتح ملفا منسيا طواه الجميع بمن فيهم حركة فتح والشعب الفلسطيني وهو ملف البطل الشهيد القائد صلاح خلف الذي اغتيل في 14 يناير 1991 في تونس في عملية جبانة حيكت خيوطها في بغداد بأطراف فلسطينية ضالعة في المؤامرة لاغتيال هذا القائد الفلسطيني على يد العميل «حمزة أبوزيد» الذي نسب إلى الموساد الإسرائيلي وفي عملية طالت مجموعة من قيادي حركة فتح هايل عبدالحميد (ابوالهول) والقائد فخري العمري ابو محمد العمري وبالتنسيق مع الرئيس التونسي المخلوع لعنة الله عليه في الدنيا قبل أن يدخل مزبلة التاريخ بعد أن شارك في قتل أكثر من قائد فلسطيني وعلى رأسهم الشهيد البطل خليل الوزير صانع الانتفاضة الفلسطينية ومهندسها. انشغلت بعد التحرير ولكن لم اغفل عن هذا الملف الساخن وكلما شاهدت الاوضاع والمستجدات قلت في نفسي، لانتظر قليلا، ومر الزمن، وفي زمن ثورات الشباب افتح هذا الملف لعل الشباب الفلسطيني يفتح عينيه ويطرح معي هذا السؤال: من قتل القادة الفلسطينيين بعد ان وقعت حركة فتح وحركة حماس اتفاق القاهرة؟ ويتبع هذا السؤال بالعديد من الاسئلة مثل:
من «يافا» مسقط رأسه إلى «قرطاج» حيث فاضت روحه على الساحل التونسي للبحر المتوسط حيث قضي برصاص الغدر العربي والخيانة والطعن بالظهر مثل كثيرين من رفاق دربه في اللجنة المركزية لحركة فتح أواصل فتح هذا الملف الساخن الذي اعرف مسبقا انه لن يرضي «قلة» من الشعب الفلسطيني الضالعين في استشهاد معظم القادة الفلسطينيين الابرار الذين كان كل ذنبهم أنهم كبروا وتجاوزوا حدا ليس من المسموح لهم بلوغه في ظل زعامة موجودة تريد ألا يغيب عنها الضوء والوهج الإعلامي والسياسي على الدوام ويكون بيدها القرار الأول والأخير.
رحمك الله يا «أبو إياد» اتذكر يوم قلت لي في إحدى الامسيات قبيل الاحتلال العراقي في شهر مايو عندما كانت منظمة التحرير الفلسطينية تستعد لتكريم كوكبة من ابناء الكويت في مقر المنظمة في حولي ما معناه الأيام القادمات حبلى بالاحداث ومشكلتنا نحن الفلسطينيين ان نستقطب من هنا وهناك وإما أن تكون معي أو تكون ضدي في حساباتي».
بون كبير يا «أبو إياد» بين ولادتك في يافا ورحيلك في قرطاج ولنقم بالعملية الحسابية 1933 ولادتك وفي 1991 اغتيالك ثمانية وخمسون عاما من التاريخ الوطني المشرف حملتها بمسؤولية القائد البعيد عن حب الكرسي والجلوس عليه وكنت دائما في صفوف الجماهير، ودفعت حياتك ثمنا لمبادئك وقيمك.
كنت فلسطينيا
كنت على الدوام فلسطينيا، تحلم بفلسطين الواحدة ولم تكن تعلم بأن «دولتك الحلم» اليوم فريقان الأول في الضفة والقطاع والثاني في غزة وليس هناك من أمل بعد الله سوى هؤلاء الشباب الفلسطينيين الذين حتما ستتقارب صفوفهم مجتازين كل العقبات نحو التوحد بإذن الله وانه ليوم قريب.
عندما اختاروك للاغتيال عقب مجموعة طاهرة من القادة الرواد في الشهادة الذين سبقوك لم يكن في بالهم أيها الصديق العزيز ان بمقتلك يسدل الستار على «سرهم» الدفين بأن الرصاصات الاسرائيلية ليست متهمة أبدا وفاتهم في مقتلك بل انها عربية بيد فلسطينية في دولة عربية وبأمر من طاغوت تلوثت يده بالدماء الفلسطينية على الدوام.
أيها البطل الشهيد: أكثر من ثلاثة عقود من النضال والجهاد حملتها على كاهلك المتعب من أجل وطن عزيز وشعب يعطي الشهيد تلو الشهيد في سبيل استرجاع الارض السليبة، مستلهما منك والقادة الشهداء الذين سبقوك «القدوة» لمواصلة هذا الدور البطولي.
كان صلاح خلف يقول لن أكون الشهيد الاول ولا الشهيد الاخير، فكل ابناء فلسطين مستعدون لتقديم مهر فلسطين من دمائهم الزكية.
كان كلما حدثني عن حلمه يقف طويلا ليفكر ثم يواصل طرح همومه ولكنه لم يفقد الامل يوما.
في إحدى الجلسات قال لي: سيكون لنا وطن، وسنبني فلسطين حجرا حجرا، ومدينة مدينة، وسنزرع كل بيارات الزيتون التي اجتثتها الآلة الاسرائيلية، وسنقيم دولة الديموقراطية الحقيقية التي سيضرب بها المثل.
قدوته والده
كان، رحمه الله، كثيرا ما يتذكر والده القادم من غزة الموظف البسيط في السجل العقاري، وكيف كان هذا الأب حريصا على تعليمه مثل سائر الآباء الفلسطينيين الذين يحرصون على تعليم أولادهم لانهم وصلوا إلى قناعة ان التعليم سيجعل اولادهم اكثر قدرة على معرفة طبيعة الصراع العربي ـ الاسرائيلي.
وكان القائد صلاح خلف معتزا كثيرا بنفسه، كيف دخل وهو الشاب اليافع إلى «منظمة النجادة» وهي منظمة تسعى لمقاومة تهويد فلسطين، وتدرب مع اقرانه على استخدام السلاح الخشبي نظرا لندرة السلاح.
وكان، رحمه الله، يذكر كيف جرب الاعتقال عندما داهمت شرطة الانتداب منزل اسرته واصرت على اعتقاله بتهمة الاعتداء على تلميذ يهودي، وكيف كان هذا من اسباب هجرة اسرته من يافا الى غزة هربا من القوات الصهيونية عن طريق البحر تحت وابل من الرصاص اليهودي.
ولانني في الاساس معلم وممن شاركوا في قيادة جمعية المعلمين الكويتية كان معظم حديثنا يأخذ هذا المنحى التعليم والتربية والعمل النقابي وقليلا ما كنت اطرح معه الجوانب السياسية ما لم يبادر هو بطرح ما في داخله لي واتجاوب معه في الحوار.
وكان صلاح خلف.. يعتبر والده رمزه الفلسطيني الحقيقي ويذكر كثيرا افضاله وحرصه على تعليمه مما جعله يفكر واخوه الاكبر عبدالله في ضرورة مساعدة هذا الاب بالعمل سرا لتوفير مصدر جديد للدخل وكيف كانت بداياته في مصر لدراسة اللغة العربية في جامعة الازهر، وكيف بدأ نشاطه النقابي الطلابي المنظم وتعرف على الطالب «ياسر عرفات» وتعاون الاثنان من خلال رابطة الطلبة الفلسطينيين (1952 – 1956) ثم انتظما من خلال رابطة الخريجين الفلسطينيين وما نالهما من الاجهزة الامنية المصرية.
وكان ابو اياد شديد الفخر بلقائه الرئيس جمال عبدالناصر عندما اتيحت له فرصة عرض مطالب الطلبة الفلسطينيين من مصر ومن جامعة الدول العربية.
وقال لي مرة: لقد عملت في غزة بعد التخرج بشهادة الفلسفة غير انني عندما نلت دبلوم التربية وعلم النفس من جامعة عين شمس المصرية قبلت دعوة العمل في الكويت وحضرت اليكم في بلدكم كي امارس دوري الوظيفي كمرحلة غير ان دربي سيكون نحو تحرير فلسطين.
الكويت محطة رئيسية
في كل جلساتي الكثيرة كان يذكر الكويت بأنها وجه الخير على القضية الفلسطينية وكان شديد الاعجاب بحكمة وحنكة صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الاحمد، وكان يومها وزيرا للخارجية، وكان يصفه بنصير القضية في المحافل الدولية، وانه على الدوام وراء ما تحظى به منظمة التحرير الفلسطينية في الكويت من استجابة لمطالبها.
في الكويت نقطة ابهار دائمة في عيون «ابو اياد» لانه كان من اشد المؤمنين بالدور الكويتي في بناء حركة فتح وتأصيل دور منظمة التحرير الفلسطينية خاصة في ظل القيادة السياسية التي كان يرأسها امير البلاد حينذاك سمو الشيخ جابر الاحمد ـ رحمه الله ـ وسمو الامير الراحل الوالد الشيخ سعد العبدالله ــ صاحب الايادي البيضاء على القضية الفلسطينية والذي استطاع بشجاعته ان يخرج الرئيس ياسر عرفات من الاردن وهذه قصة معروفة فيها تفاصيل طويلة يتذكرها اخواننا اهل فلسطين واهلنا في الكويت.
في الكويت بدأ النضال السياسي مع رفقاء دربه ياسر عرفات وخالد الحسن والاخ الاستاذ سليم الزعنون ـ ابو الاديب ـ وهذا الرجل وللامانة التاريخية كان على الدوام مع الحق الكويتي مدافعا صلبا كما ان هناك رفيقا آخر هو رفيق قبلاوي ـ أبوزياد ـ رحمه الله الذي قتل في الكويت، ويقال على يد الأجهزة الأمنية العراقية البعثية لأنه رفض تسيير مظاهرة للمقبور صدام حسين.
ومن الكويت الحرة الداعمة دائما للحق الفلسطيني بدأ النضال الوطني لبناء غطاء رسمي للتحرك الفلسطيني الفاعل وبدأ الاتصال بمجموعة من الفلسطينيين كان من ابرزهم يوسف النجار وكمال عدوان ومحمود عباس (ابو مازن) وكان هؤلاء يعملون في دولة قطر، وتمكن هؤلاء المؤسسون من بناء الحركة التي اصبحت في السنوات اللاحقة من اكبر فصائل الثورة الفلسطينية ورائدة النضال الوطني التحرري الفلسطيني وقد ذكر الرئيس عرفات ان سواحل الصليبخات تشهد للكويت انها الحاضن الأساسي في تكوين حركة فتح على أرضها
الرجل الثاني
أطلق دائما على ابو اياد الرجل الثاني في فتح، وفي منظمة التحرير الفلسطينية، ومع تفرغ ابو اياد للعمل الثوري الفلسطيني استطاع هذا القائد ان ينجح وينجز مهام صعبة من خلال زياراته الى القاهرة ودمشق وبيروت.
من ينسى مشاركته في معركة الكرامة عام 1968 وفي العمليات طيلة سنوات الحرب اللبنانية، وكيف صمد في اثناء الحصار وغادرها مع المقاتلين عام 1982.
شخصية كاريزما
اعترف انا وغيري ممن تعرفوا او وقفوا على شخصية صلاح خلف بأنه صاحب شخصية محبة وسلسة ومرنة وثورية وهذا يلمسه المقربون الذين عملوا معه او جمعتهم المصادفة أو العمل معه اما الذين عمل معهم من الكوادر الحزبية او التنظيمية فلقد اسرتهم شخصيته كما هو عرفات وأبوجهاد وغيرهما.
كنت اقول له في ملتقياتنا انك صاحب كاريزما في الشخصية الخطابية، تملك «المايك» والكلمة وتسيطر على قلوب المستمعين لك، ومن شاهد خطاباته في المهرجانات يعي تماما ما أقصده لأنه شخصية تأسر الجمهور الذي يتوافد له بالمئات والعشرات ليستمعوا لحديثه الصريح دائما.
كان صلاح خلف يثير دغدغة مشاعر الجماهير العربية، فهو دائم الانتقاد للانظمة العربية، لهذا ربطت الكثير من الاوساط ما بين اسمه ومنظمة ايلول الاسود التي ضربت المصالح الاسرائيلية والمصالح الاميركية في ارجاء العالم بل كانوا يصفونه بأن يمثل العنف الثوري الهادر المستهدف.
كان رحمه الله شديد المطالبة بالاصلاح واول الرافضين للانشقاق على الحركة، مسموع الكلمة، وقال لي في اكثر من لقاء: علينا ان نستمع للجميع المؤيدين والرافضين ولا نريد اضعاف الحركة، ويقصد حركة فتح، لذا نجده عندما تسلم الحركة ومنظمة التحرير واستمر في نهجه الوحدوي، تعرض للعديد من محاولات الاغتيال التي نجا منها بفضل الله عز وجل ثم بفضل يقظته وحذره حتى جاء أمر الله عز وجل في تونس واغتيل وهو ينتظر الرئيس عرفات الذي وعده باللقاء العاجل لإصدار بيان يدين العدوان العراقي باحتلال الكويت واغتيل أبوإياد في رأيي المتواضع لإصراره على بيان الادانة وهذا ما كان يرضي الرئيس وطغمة الشر ممن حوله في العراق والقضية؟!
أعداء أبو إياد
كنت على الدوام في الاحاديث اللصيقة الجانبية اداعبه: ألا تخاف الموت ابا اياد؟ يتبسم ويرد بثقة المؤمن: لا راد للأجل إن حضر، انا مؤمن بالله والقدر، وأحاول ما استطعت اليقظة والله الحافظ.
كان شديد الثقة بقضاء الله، لذا كان من البديهي وهو الذي يرأس جهاز الامن الفلسطيني ان يكون حذرا ويقظا لأنه كان يعرف ان جهاز الاستخبارات الاسرائيلي (الموساد) يريد رأسه بأي ثمن وآخرين، لأنه كان يمثل العنف الثوري، حاولوا الوصول اليه ما استطاعوا، خاصة بعد استشهاد اخوانه كمال ناصر وكمال عدوان وابو يوسف النجار في بيروت على ايدي الكوماندوز الاسرائيلي في عملية فردان 1973، وهناك ايضا اطراف فلسطينية جماعة ابو نضال والتي تمكنت من تجنيد «حمزة ابو زيد» المجرم الخائن في تنفيذ عملية قرطاج بعد ان تم تجنيد هذا الخائن الخسيس المأجور «حمزة ابو زيد» وهو احد حراس (ابو الهول) هايل عبدالحميد، والذي قضى نحبه مع زميله ابو محمد العمري مدير مكتب ابو اياد في عملية قرطاج التي الصقت زورا بالموساد الاسرائيلي والقتلة هم معروفون، بعد هذا العرض، وأترك للقارئ الكريم تحديد هوية القاتل ومن وراءه!
اختلافه مع الختيار
من يعرف صلاح خلف ـ رحمه الله ـ عن قرب يعرف كم عانى من رفيق دربه ياسر عرفات، فكان على الدوام يقوّم اخطاءه ويرفض الكثير من تصريحاته ويحاول في اول فرصة مع الاعلام تصحيح المسارات، وعندما تسأله: ابو اياد لم هذا التصريح؟ يقول لك: ببساطة لاصلاح ما خلفه الغير، ويقصد هنا ياسر عرفات؟!
لذا لا عجب ان صلاح خلف قضى نصف عمره يجسد الحفاظ على الوحدة ويطالب دائما بالاصلاح ورفض اي انشقاق وان كان صغيرا، وسرعان ما يعالجه، قائلا رحمه الله: يجب ان نكون موحدين امام العدو الصهيوني، وكلنا يذكر موقفه الرافض لاول انشقاق حصل في حركة فتح عام 1983.
هكذا هو صلاح خلف، سياسي بارع، وديبلوماسي حكيم، وحتى اكون منصفا دعوني انشر لكم مقال الأخ الأستاذ محمد جودة النحال عضو المجلس الثوري لحركة فتح الذي كتبه في 15 يناير 2011 ولعل ابرز ما فيه: في مثل هذا اليوم الرابع عشر من يناير 1991، فقدت منظمة التحرير الفلسطينية والثورة الفلسطينية وحركة فتح ثلاثة قادة من أخلص وأمهر قادتها وحراس أمنها الاوفياء الذين كانوا يتمتعون بالتأثير والقوة والنفوذ وتحمل المسؤولية، حيث كان لهم سجل حافل بالتضحية والفداء والكفاح ضد الاحتلال الإسرائيلي على مدار الصراع مع الاحتلال وحتى استشهادهم، انهم الشهداء القادة الشهيد القائد صلاح خلف «أبو إياد» والشهيد القائد هايل عبدالحميد «أبوالهول» والشهيد فخري العمري «أبومحمد».
وللمكانة الخاصة للشهيد القائد صلاح خلف في جميع مراحل الثورة الفلسطينية منذ بدايات التأسيس حتى استشهاده، ولدوره البارز والمميز في حفاظه على أمن الثورة وحركة فتح، أجد أنه من الواجب تسليط الضوء على حياة هذا القائد العظيم لما فيها من دروس ومحطات مهمة وكثيرة يمكن الاستفادة منها في أيامنا هذه.
دوره في اتحاد طلبة فلسطين
وأثناء وجوده في القاهرة كان نقطة انطلاق لعملية النضال، حيث تعرف على ياسر عرفات الطالب في كلية الهندسة آنذاك، وبدأ ينمو توجه بين عدد من الطلبة ـ كان هو من بينهم ـ يدعو إلى ضرورة اعتماد الفلسطينيين على أنفسهم بعد أن فقدوا الثقة بالأنظمة العربية، فقرروا عام 1952م مباشرة هذه الفكرة بتقديم ترشيحهم إلى قيادة اتحاد الطلاب الفلسطينيين، وكان التشكيل الوحيد الذي يمثل قطاعا ما من الرأي العام الفلسطيني، ونجحت لائحة «أنصار الاتحاد الطلابي»، وأثبت ذلك أن الطلاب يتطلعون ـ وبرغم معتقداتهم الايديولوجية ـ إلى عمل وحدوي.
وبدأ التطور في عمل الطلبة الفلسطينيين بعد الغارة الإسرائيلية على غزة في عام 1955م، حيث نظموا المظاهرات والإضرابات عن الطعام، وكان من جملة مطالبهم إلغاء نظام التأشيرات بين غزة ومصر، وإقامة معسكرات تدريب إجبارية تتيح للفلسطينيين الدفاع عن أنفسهم ضد الهجمات الإسرائيلية، واستجاب الرئيس عبد الناصر لمطالبهم، وبدأت العلاقة تتوطد بين الطلبة والثورة المصرية، ونشط أبو إياد ورفاقه في تجنيد الكوادر وتوطيد هذه العلاقة. بعد أن أنهى أبو إياد دراسته في مصر عاد إلى غزة عام 1957م للتدريس، وبدأ عمله السري في تجنيد مجموعات من المناضلين وتنظيمهم في غزة.
أبو إياد وبدايات تأسيس حركة فتح
وعلى الطرف الآخر في الكويت كان رفيق دربه: أبو عمار يعمل هناك مهندسا وينشط في تجنيد المجموعات الفلسطينية. وانتقل أبو إياد إلى الكويت عام 1959م للعمل مدرسا، وكانت فرصة له هو ورفاقه ياسر عرفات وخالد الحسن وسليم الزعنون وفاروق القدومي (أبواللطف) ومناضلين آخرين في بلدان مختلفة، كان أبرزهم أبويوسف النجار وكمال عدوان ومحمود عباس (أبومازن) المقيمين في قطر، لتوحيد جهودهم لإنشاء حركة التحرير الوطني الفلسطيني «فتح» لتعيد الفلسطينيين إلى أرضهم وحقوقهم وعزم مؤسسو «فتح» على التصدي لكل محاولة لإخضاع الحركة الوطنية لإشراف أي حكومة عربية، لما في ذلك من عقبات قد تثنيهم أو تبطئ بهم السير نحو هدفهم، وبدءوا بعرض مبادئهم أمام الجماهير الواسعة بواسطة مجلة «فلسطيننا والصخرة»، وابتكروا جهازين: أحدهما عسكري، والآخر سياسي في الفترة بين 1959م و1964م. مكن (المؤسسون) من بناء الحركة التي أصبحت في السنوات اللاحقة اكبر فصيل فلسطيني ورائدة النضال الوطني التحرري الفلسطيني. وكان ابو اياد منذ ذلك الوقت وحتى استشهاده يوصف بأنه الرجل الثاني في فتح، وفي منظمة التحرير الفلسطينية.
أبو إياد ودخول فتح للمنظمة
وعندما ظهرت منظمة التحرير الفلسطينية برئاسة الشقيري اكتشفت «فتح» خطورة هذه المنظمة التي تشرف فيها الأنظمة العربية على الحركة الوطنية الفلسطينية، وحاول ياسر عرفات وصلاح خلف الاتصال بالشقيري، لإقناعه بالتنسيق السري بين نشاطاته العلنية وبين عمل يخوضونه بصورة سرية وكان موقف الشقيري سلبيا، ومع ذلك ارتأى عرفات وصلاح خلف أن المشاركة في هذه المنظمة ستجعلهم فاعلين في الحياة السياسية وسيفيدون من مقدراتها وإمكانياتها، فانخرط فدائيو «فتح» في جيش التحرير ـ تحت إشراف المنظمة.
أبو إياد والانطلاقة
شهدت أوساط فتح منذ خريف 1964م خلافا حول حرب العصابات، فمنهم من رأى أن الوقت مبكر وكان الطرف الآخر وعلى رأسهم أبو إياد يرى أن الوضع مناسب لبدء الكفاح المسلح، وأن «فتح» ستتطور إلى حركة جماهيرية بممارسة الكفاح، واستطاع أبو إياد وبحنكته وحكمته إقناع المتحاورين برأيه.
وجرى توقيت ميعاد أول عملية عسكرية في 31/12/1964م، ومنها كانت انطلاقة البلاغ العسكري الأول باسم «العاصفة». ورغم المضايقات العربية، وضآلة الدعم الخارجي والخلافات داخل «فتح» واصلت «فتح» حرب العصابات، مما زاد من التوتر بين إسرائيل والبلدان العربية.
شكلت هزيمة العرب في حرب عام 1967م نقطة انطلاق جديد لحركة فتح، فأقيمت قواعد على طول نهر الأردن، وآزرهم في ذلك السكان المحليون والقوات الأردنية، وتوج ذلك بانتصار معركة الكرامة التي على إثرها تدفق الآلاف للانتساب لحركة فتح.
بعد هذه المعركة كان صلاح خلف وراء إصدار بيان عن اللجنة المركزية لفتح يعلن تعيين عرفات ناطقا باسم فتح وبالتالي باسم «العاصفة».
ديبلوماسية صلاح خلف وقيادته لأمن الثورة
وفي عام 1969م استطاعت حركة فتح السيطرة على منظمة التحرير، وبالتالي آلت رئاسة المنظمة لعرفات وتم دمج الحركة الفدائية في منظمة التحرير، وبدأت المنظمة بتأمين مرتكزات دولية، وكان ذلك باتجاه إلى الدول الاشتراكية التي دعمت كفاح الشعب الفلسطيني بالمال والتدريب والدورات مثل كوبا وفيتنام.
وبدأ اسم أبو إياد يبرز عضوا للجنة المركزية لفتح، ثم مفوض جهاز الأمن في فتح، ثم تولى قيادة الأجهزة الخاصة التابعة للمنظمة. ومنذ عام 1970م تعرض لأكثر من عملية اغتيال سواء من الإسرائيليين أو بعض الحركات الفلسطينية الممولة من الأنظمة العربية.
اعتقال أبو إياد وخروج قوات الثورة من الأردن
وصلت العلاقات بين السلطات الأردنية والمقاومة الفلسطينية حد الاشتباك المسلح وذلك في سبتمبر عام 1970م، واعتقل صلاح خلف في هذه الأحداث في عمان مع عدد من رفاقه، ثم دعي إلى القصر الملكي في عمان للقاء الوفد العربي الذي جاء إلى عمان للتوصل إلى وقف المعارك، وتم إخراجه من عمان على الطائرة نفسها التي أقلت الوفد العربي إلى القاهرة ليشرح للرئيس عبدالناصر الوضع في الأردن، وانتهت المقاومة الفلسطينية في الأردن صيف 1971م، ويقر أبو إياد أنه بذلك قلبت صفحة من تاريخنا بصورة نهائية.
أبو إياد وحرب أكتوبر 1973
كان صلاح خلف من القلة التي عرفت بعض الخفايا التي سبقت حرب أكتوبر 1973م ورافقتها وأعقبتها، حيث أسر الرئيس السادات له ولعدد من المقاومة الفلسطينية بذلك، طالبا منهم أكبر عدد ممكن من الفدائيين للاشتراك معه في المعركة، وحضر أبو إياد إدارة غرفة عمليات المعركة مع السادات، وبعد هذه المعركة تبنى صلاح خلف مشروع إقامة الدولة على جزء من فلسطين، وصولا إلى إقامة دولة ديموقراطية على كامل فلسطين تضم الفلسطينيين والمسيحيين واليهود، وعلى إثر هذا المشروع برزت جبهة الرفض الفلسطينية التي رفضت هذا المشروع.
أبو إياد والحرب الأهلية اللبنانية
كان لأبوإياد دور بارز في لبنان إبان الحرب الأهلية، فقد كان أحد قادة المقاومة المكلف بعملية المفاوضات المعقدة بين الفصائل اللبنانية من جهة، والفصائل اللبنانية والمقاومة الفلسطينية من جهة أخرى، وشارك في الإعداد لاتفاقية شتورا عام 1977م التي نظمت هذه العلاقة والوطنية.
رصاصات خائنة تنهي حياة صلاح خلف
من المعروف انه في بداية حدوث الأزمة العراقية الكويتية قال صلاح خلف في تصريحاته انه دائما يقف مع الأحداث التي تؤدي في النهاية لتحرير فلسطين المحتلة وتخدم كل مصالح الشعب الفلسطيني الذي يعيش في أرضه المحتلة أو يعيش متفرقا بين الشعوب العربية المجاورة.. ولكنه لا يؤيد الأحداث الخاصة التي تؤثر على الأسرة العربية الموحدة وتحطم تضامنهم وتزعزع الثقة في أنفسهم. وقد استنكر تماما ما قام به الرئيس العراقي صدام حسين مع الدول العربية المجاورة وأعلن على الملأ موقفه من تلك القضية.. وقال بكل صراحة: لن نكون يوما رهن إشارة من الرئيس العراقي صدام حسين.
ورغم أن الشهيد صلاح خلف ورفاقه قد سهروا على رعاية وطنهم وخدموا قضيتهم بكل الطرق حتى أصبحوا من أشهر الشخصيات الأمنية البارزة في منظمة التحرير الفلسطينية.. إلا أنهم في النهاية قد تم اغتيالهم بيد عربية على ارض عربية.. فقد كانت تلك اليد العربية هي يد فلسطينية.. وتلك الأرض العربية هي الأرض التونسية ولم تخسر إسرائيل عدوتهم الأولى والأخيرة والتي كانت تتمنى قتلهم مهما كلفها الأمر، ثمن رصاصة واحدة.. كيف تمت عملية الاغتيال؟ في 14 من شهر يناير عام 1991 اتصل صلاح خلف بصديقه هايل عبدالحميد في تمام الساعة الثانية عشرة ليلا يخبره بأن الرئيس ياسر عرفات سيصل على طائرته الخاصة إلى تونس قادما من العاصمة العراقية بغداد في تمام الساعة الواحدة صباحا.. وعليه إبلاغ أعضاء القيادة الفلسطينية للذهاب إلى المطار من اجل استقبال سيادة الرئيس قبل نزوله من طائرته بـ 20 دقيقة على الأقل. وطلب أبوالهول من صلاح خلف أن يأتي إليه في منزله ثم يذهبان إلى المطار لاستقبال الرئيس معا في سيارة واحدة.. فوافق صلاح خلف وحضر إلى منزل هايل عبدالحميد في تمام الساعة الثانية عشرة والربع ليلا.. واستقبله أبوالهول في صالون منزله الخاص في الوقت الذي كانوا يستعدون للذهاب إلى المطار لتأمين وحراسة موكب الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات. وعندما دقت الساعة تمام الواحدة صباحا.. خرج صلاح خلف وهايل عبدالحميد إلى خارج المنزل واخبرا فخري العمري بسرعة التحرك إلى المطار مع أفراد الحراسة والأمن.
وأصدر فخري العمري أوامره بتجهيز السيارات وركوب أطقم الأمن والمخابرات. وكان صلاح خلف وهايل عبدالحميد يقفان بجانب إحدى السيارات التي اتضح أنها سيارة صلاح خلف وكانا يتحدثان بشأن ذهاب كل واحد منهما إلى المطار في سيارته الخاصة.. ولكن قبل انطلاقهما بلحظات قليلة فتحت النيران على صلاح خلف لتخترق الطلقات النارية جسده وتمزق جميع أعضائه.. فصرخ هايل عبدالحميد بأعلى صوته في أفراد الحراسة طالبا منهم محاولة إسعاف صلاح خلف وانضم إليهم فخري العمري مسرعا ليحاول إسعافه ونقله لأحد المستشفيات ولكن هايل عبدالحميد وفخري العمري تلقيا دفعة طلقات نارية من مدفع رشاش اصابتهما بجروح وإصابات قاتلة.. وعلى الفور تم نقلهما إلى اقرب مستشفى لإنقاذ حياتهما.. ولكنهما ماتا وهما في الطريق إلى المستشفى.
رحل جسداً وبقي فكراً ونهجاً
بعملية الاغتيال الجبانة هذه استطاعت أيدي الغدر أن تذهب جسد الشهيد القائد صلاح خلف بعيدا عنا إلى عالم آخر، لكنها لم تستطع أن تذهب فكره ونهجه الثوري من عقول أبناء فتح وأبناء فلسطين الأوفياء، الذين سيستمرون في السير على نهجك وخطاك الثورية يا أبا إياد.
تمر الذكرى العشرون لرحيلك ونحن بأمسّ الحاجة لحنكتك السياسية التي طالما استطاعت أن تنزع فتيل أزمة أو شقاق سواء على المستوى الفلسطيني أو العربي، نستذكرك وساحتنا الفلسطينية منقسمة على نفسها وأنت من جسّد ورفاقك الأطهار معاني الوحدة والوفاق، سيدي كم نحن بحاجة لقادة مثلك، كم نحن بحاجة لحنكتك العسكرية، كم نحن بحاجة لديبلوماسيتك الناجحة، كم نحن بحاجة لعقليتك الأمنية الفريدة.
فلك منا ألف سلام وأنت تخلد في الجنان، لك منا ألف سلام وروحك الطاهرة تحلق في فضاء الوطن، لك منا ألف سلام وأنت تعلمنا في موتك الصلابة والتحدي والعنفوان.
عزيزي القارئ: أترك لفكرك الرصين أن ينطلق في التفكير في قتل القادة الفلسطينيين على مدى اشتعال الثورة الفلسطينية المباركة.
والسؤال: ولم توقف هذا العمد المبرمج لاغتيال قادة حركة فتح اليوم بعد رحيل عرفات؟
ولم لايزال القتل العمد لقادة حركة حماس مفتوحا على أبوابه بعد استشهاد شيخنا أحمد ياسين، رحمه الله، واخوانه الأبطال؟!
انها ملفات يجب ان تفتح مع اتساع الحراك السياسي العربي والفلسطيني الذي نأمل معه ان يتوحد قادة الحركات السياسية الفلسطينية لنشهد الدولة الفلسطينية التي ستعيد لنا فلسطين السليبة إن شاء الله ان حسنت النوايا والتوجهات وتم التوحد بعد طول فرقة أضرت بقضية فلسطين والشعب الفلسطيني الصابر على هذا الانقسام الحاد بين فصائل الثورة ولقاء مصر للمصالحة مبادرة خير ان شاء الله.
تصريح جدة خطير
من ابرز تصريحات صلاح خلف ما ذكره في وثيقة الاستقلال والسياج السياسي الذي يحمي الانتفاضة التي طرحها على الجالية الفلسطينية في جدة عام 1989: ان اغتيال اي قائد سيخلق فراغا في الساحة، ولكن هذا غير مهم، فقد اغتالوا ابوجهاد ولم يوقفوا المسيرة، صحيح اننا خسرنا قائدا كبيرا وأخا عزيزا، لكن في النهاية الانتفاضة مستمرة والثورة مستمرة، فميزة جيلنا عن اجيال الثورات الماضية ان لنا كادرا اذا انتهيت انا يأتي من يواصل بعدي، واذا انتهى هو يأتي من بعده وهذا هو الصحيح فالطريق طويل ولذلك اقول لكم ان الواحد منا ينتظر دوره في الشهادة ولا ينتظر حتى يصبح وزيرا ولا ان يصبح زعيما.
انظروا وتمعنوا في عباراته وإشاراته لتعرفوا انه مستهدف وانه قد يغتال في أي لحظة وهو غير طامح الى زعامة زائفة، رحمك الله ابو إياد فقد كنت متوقعا لحظة استشهادك بيد الاقرباء قبل الأعداء.
رأيه في حركة «حماس»
سئل في أحد لقاءاته بالصحافة عن بقاء «حماس» خارج بنية القيادة الموحدة هل هذا يعكس رغبة في «فتح» او ناجم عن الطبيعة الخاصة لـ «حماس» ذاتها وظروفها؟ فقال: أبو إياد: كل عمل لمصلحة «م.ت.ف» وكل مشاركة في اي فصيل في هذا العمل تعد امرا طبيعيا اريد ان اشير الى نقطة: توجد بين «فتح» و«حماس» خلافات، وصلت في بعض الأحيان الى حدود لا يمكن الحديث عنها، وقد وقعت احتكاكات، وخصوصا في منطقة غزة، غير اننا في «فتح» والفصائل الاخرى نشجع اللقاءات بين القيادة الموحدة وحماس ولانزال نعمل نحن والآخرون لكي تنضم حماس الى هذه القيادة لأن دخولها في هذه القيادة يحبط مطامع اسرائيل في إحداث التفرقة غير ان لإسرائيل مخططا آخر حيث تحاول الا تكون «حماس» ضمن القيادة الموحدة وهناك عناصر في حماس يحصلون على السلاح، واسرائيل تعرف هذا وتعرف من اين يصل وهناك جهات عربية لا اريد ان احددها، تساعد في نقل هذا السلاح، والهدف هو تعميق الخلافات وخلق اجواء غير مواتية للانتفاضة لقد قلت هذا منذ اشهر عديدة ونبهت الى مخاطره وقدمت معلومات دقيقة بهذا الشأن وبينت مصدرها، جرت اتصالات كثيرة مع حماس وقد شعروا بخطورة الأمر، هناك من يستغل عناصر من حماس لدفعهم إلى استخدام السلاح بطريقة خاطئة، وانا اعتقد ان حماس لا يمكن ان تقع في هذا الخطأ التاريخي، ولانزال حريصين على ان تتمثل حماس في القيادة الموحدة فليس الآن هو وقت التمايز، سيصبح التمايز مباحا بعد ذهاب الاحتلال ولابد ان تكون هناك انتخابات ديموقراطية، ومن حق «حماس» تقديم نفسها في الانتخابات، وبرأيي ان على «حماس» ان تتخلى عن رغبتها في التمايز الآن، قد يجوز ان تتميز ببيانات سياسية اما في مجال نشاط المقاومة اليومي ضد الاحتلال فلا مجال إلا لتكاتف الجميع في جبهة موحدة لمواجهة العدو الإسرائيلي.
قوافل الشهداء والكيان الإسرائيلي
منذ فجر الثورة الفلسطينية على يد الحاج امين الحسيني والقسام وغيرهما ممن ضحوا بأرواحهم في سبيل تحرير فلسطين والقدس الشريف من براثن اليهود، والشعب الفلسطيني يقدم الشهداء تلو الشهداء فالعدو الاسرائيلي لا يفرق بين قادة فتح الذين ذكروا في الملف وقادة حماس الذين استشهدوا في بطولة وتضحية وشهادة وفي مقدمتهم شيخنا احمد ياسين، د.عبدالعزيز الرنتيسي، يحيى عياش، محيى الدين الشريف، صلاح شحادة، محمود ابو هنود، د.فتحي الشقاقي، د.ابراهيم المقادمة، واسماعيل ابو شنب، رحمهم الله.
وهكذا شعب دعائمه الجماجم والدم سيصل الى مبتغاه وتحقيق حلمه فالبطولة والشجاعة عمل رائع وعظيم ومكلف لأن الشجاع لا يرهبه الموت ولان المسلم الموحد يعلم تماما ان الاعمار بيد الله وان الجبن لا يؤخر عمرا ولا يدفع بلاء وانما الذي يحقق النصر هو الصبر والمصابرة والتقوى.
رحم الله شهداء الكويت الذين سقوا بدمائهم ارضهم واخوانهم الفلسطينيين الذين دافعوا عن شعبهم وبلدهم السليب وهؤلاء الشموس والاقمار البشرية عند خالقها، استشهدوا في سبيل قضية واحدة هي الدفاع عن الارض والعرض امام عدو غاصب فحصلوا على احترام الجميع والتاريخ.
حارس الرئيس التونسي: «بن علي» متورط باغتيال أبو إياد ورفاقه
|
عبدالرحمن سوقير الحارس الشخصي للرئيس التونسي المخلوع زين العابدين |
كشف الحارس الشخصي السابق للرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي تورطه باغتيال القادة الفلسطينيين صلاح خلف ابو اياد وهايل عبدالحميد ابوالهول، وفخري العمري ابو محمد، بعد عملية تنسيق محكمة مع جهاز الموساد الاسرائيلي بمشاركة الحارس حمزة ابو زيد. وذكر الحارس الشخصي «عبدالرحمن بن محمد بن سوقير» في تصوير فيديو انه اكتشف ارتباط الرئيس زين العابدين بن علي بعلاقات وثيقة بالموساد الاسرائيلي، بعدما تمكن «بن سوقير» من الامساك بحمزة ابو زيد احد حراس زين العابدين الذي قام بتصفية القادة الفلسطينيين الثلاثة.
واشار «بن سوقير» الى ان زين العابدين طلب قتل حمزة ابو زيد كي لا ينكشف امره، ولكي تطوى صفحة اغتيال القادة الفلسطينيين دون اي تداعيات حيث تبين له لاحقا «كما يقول بن سوقير ان زين العابدين على علاقة بجهاز الموساد الاسرائيلي وان مطالبته التخلص من القادة الفلسطينيين هدفت إلى عدم الكشف عن تلك العلاقة وانهاء القضية عبر دفن سرها مع منفذ عملية الاغتيال حمزة ابو زيد».
علاقة حمزة أبوزيد وأبو نضال
معلوم أن القاتل حمزة أبوزيد من اتباع (صبري البنا) الملقب بـ «أبو نضال» الذي يقود جماعة منشقة عن حركة فتح، وان زرعه تم من زمن بعيد ليكون بالقرب من قادة جهاز المخابرات الفلسطينية (ابوياد ـ ابوالهول ـ العمري). يجب التوقف عند العملية التي تمت لأن القاتل الحقيقي هو المقبور صدام حسين ومن سانده في احتلال الكويت من القادة الفلسطينيين، وتصريحات القائد صلاح خلف محفوظة في إذاعة لندن ومونت كارلو بإدانته للاحتلال العراقي وقوله الله وحده يعلم بالمصيبة التي تحل بالأمة العربية وكم أنا متشائم من هذا الليل الزاحف نحونا.
رواية المقتل
طلب القاتل حمزة أبوزيد من زوجة أبو الهول كأسا من الماء ليشربه، واشارت له الى الثلاجة التي لا تعمل وتطوع لاصلاحها، وفي المطبخ جهز سلاحه استعدادا لما هو مقبل عليه، ودخل الغرفة واطلق النار على رأس ابو اياد ثم فخري العمري ثم ابو الهول الذي توفي لاحقا في طريقه للمستشفى وسط ذهــول ابي الهول من صدمة الخيانة من المجرم حمزة ابو زيد حارسه الشخصي.
دعوة
٭ يجب أن يُقرأ كل ما كتبه د.سمير محمود قديح حول ما وراء عملية اغتيال الشهيد القائد صلاح خلف وهايل عبدالحميد (ابو الهول) وفخري العمري ـ رحمهم الله.
حمزة أبو زيد
شاب فلسطيني له ماض مضطرب، عنوانه معسكر اللاجئين خلف مدرسة البنات محل مصطفى سليم خلف في الأردن، ولد في معسكر الوحدات عام 1963 موطنه الأصلي من عرب فلسطين 1948 الذين نزحوا من يافا ثم عبروا الأردن واستقروا في سورية، أرسل في عام 1982 الى يوغسلافيا وتدرب على استعمال الاسلحة وعاد الى سورية ثم ارسل الى باكستان 1983 كحارس أمن وفي عام 1984 ارسل الى بلغاريا كحارس أمن وفي 1985 ارسل الى قبرص وأعيد إلى تونس بعد تنكر في زي أبونضال وصبري البنام واطلق سراحه في عام 1986 ثم غادر إلى مانيلا عام 1988 وفي عام 1990 ذهب الى ليبيا ليحضر تأبين أبوجهاد وكان كثير التردد على العراق في ايامه الاخيرة.
مجرم مدرب
عندما قتل برصاصة الإثم أبو إياد وابو الهول والعمري صرخ: قتل أبو إياد.. قتل أبو إياد الحقوا القاتل، اقبضوا عليه، ثم جرى واطلق النار من مدفعه الرشاش في اتجاه منزل يسكنه يهودي، ليبعد التهمة عن نفسه وينسبها للمواطن التونسي اليهودي؟
سؤال
ليت حركة فتح تقوم بفتح ملف الاغتيال من جديد وتطرح السؤال: لماذا أعدم «حمزة أبوزيد» في البحر؟!
حوار مع أبو أياد
اجرى الاستاذ يحيى حمزة مدير تحرير «الأنباء» الاسبق حديثا صحافيا مع القائد ابواياد نشر في 28 ديسمبر 1985 حول العديد من القضايا التي تشهدها الساحة الفلسطينية، ولقي الحوار جدلا واسعا في الصحافة المحلية والخارجية.