منذ أكثر من سنتين بدأنا نشهد ما يسمى الأرصفة المأجورة والمستثمرة من قبل شركة خاصة، وهذه الأرصفة عبارة عن الأماكن والساحات التي عادة ما تعود ملكيتها لمحافظة دمشق، لا شك أن الاستثمار حالة إيجابية لاسيما إذا كان من شأنه أن يرفد خزينة المحافظة بمزيد من المال الذي يمكن أن تستثمره في مشاريع تطويرية للبنى التحتية في دمشق.
لكن هل هذا ما يحدث فعلا؟
مشروع كراجات الأرصفة الذي تعتبر ريعيته مقارنة بحجم الأموال الموظفة فيه خيالية، وإليكم هذه الحسبة البسيطة: «60 سيارة × 50 ليرة × 12 ساعة × 360 يوما» الناتج ينوف عن ثلاثة عشر مليونا من الليرات سنويا، وهو ما يجمعه مستثمر هذه الكراجات لرصيف واحد فقط، والذي يمتد من جسر الرئيس إلى فندق «الفورسيزنز» فقط، والذي يتسع لستين سيارة على أقل تقدير، فما هي الحسبة إذا حسبنا مجموع الأرصفة التي تدخل في نطاق استثماره والتي تعد بالعشرات إذا لم نقل بالمئات.
أنا لا أحسد هذا المستثمر المحظوظ ولست ضد استثماره، وكل ما أتساءل عنه هو حجم الأموال المستثمرة في هذا المشروع، وحجم الأموال المقدمة من قبل المستثمر لمحافظة دمشق، وبعد ذلك بإمكاننا وبإمكانكم معرفة الأرباح التي يجنيها هذا المستثمر على حساب لقمة المواطن وكرامته. كما أعتقد ـ وكما هو واضح للعيان ـ أن المستثمر لم يقدم سوى آلات القطع التي يستخدمها الآن والمنتهية صلاحيتها بانتهاء مدة استثماره، والتي لا يتجاوز عددها بضع عشرات، وقيمتها في أعلى التقديرات عشرة ملايين ليرة، بقي معرفة المبلغ الذي قدمه للمحافظة والذي يجب أن يقدر بالتأكيد بمئات الملايين سنويا مقياسا بالمرائب التي عهدته المحافظة وسط دمشق بأربعين مليون ليرة سنويا، والذي لا يتسع سوى لمائتين وخمسين سيارة على أعلى تقدير، كما أنه مرآب نظامي كلف الخزينة الكثير لإنشائه، طبعا وصل هذا الرقم إلى ما وصل إليه أثناء المزايدة التي أجرتها المحافظة، فبرأيكم ما هو الرقم الذي تتوقعونه إذا أجرت المحافظة مثل هذه المزايدة على كراجات الأرصفة، مع العلم أنها تتسع لأكثر من ألفي سيارة..؟
بالتأكيد سيصل الرقم ـ إذا لم نقل مائتي مليون على الأقل ـ إلى مئة وخمسين مليون ليرة سنويا، فهل تقبض المحافظة مثل هذا المبلغ؟
هدى العبود