على الرغم من الحديث الكثير عن تفوق الدراما السورية على نظيراتها العربية، وهذا ما نفترضه وفق العديد من الاستطلاعات على أكثر من فضائية عربية معروفة إلا أن هذا لا يعني عدم وجود سلوكيات كثيرة لهذه الدراما من شأنها أن تحرفها عن مسار التفوق الذي بذل الكثير من أجله فكريا وماديا.
ومن هذه السلوكيات ما كان يعد أحد مقاتل الدراما المصرية التي بقيت متربعة لسنين طوال على عرش الدراما العربية، هذا المقتل هو دراما النجم الأوحد، فالكثير من الأعمال السورية لاسيما في المواسم الثلاثة الماضية شهدت إبرازا لنجم يكاد يكون أوحد في العمل، وفي هذا فقدان لأحد أسرار تفوق الدراما السورية بل وكل دراما ناجحة، وهو البطولة الجماعية فكرا وتمثيلا، وبالمحصلة فإنها نتاج عمل جماعي بدءا من أصغر فني وصولا إلى المخرج.
أما السلوك الآخر الذي يخشى أن تسلكه «درامانا» فهو إخضاع الدراما كفكر وحصيلة إبداعية وموروث شعبي في احد جوانبها لسلطان المال.
لن نخوض كثيرا في تعداد السلوكيات، لكن على الرغم من التطور البصري الذي شهدته الدراما السورية انطلاقا من بداية تسعينيات القرن الماضي، فإنها ـ أو هكذا نرى ـ توقفت عن تناول ما هو جديد من الناحية البصرية، وربما هذا ما تميزت به الدراما التركية التي اختطفت قسما لا يستهان به من المشاهدين في منطقتنا، ونقصد بالتميز التركي تسويق الحالة السياحية من بوابة الدراما، فبعد التطورات الهائلة في تقنيات الإعلام والاتصال بشكل عام وخاصة فيما يتعلق بالصورة أصبح من الطبيعي أن ننظر إلى الدراما السورية كإحدى أدوات التسويق السياحي أسوة بالدراما التركية، حيث لا نجد مسلسلا تركيا إلا يوظف جمال الطبيعة من أجل تسويق العمل الدرامي والتجاري والسياحي، فماذا ينقصنا نحن لإعطاء الدراما السورية هذه الجرعة من أجل إظهار الملامح الحضارية والتاريخية وبالتالي السياحية في سورية؟
ولا نغالي إذا قلنا إن المسلسل السوري «ضيعة ضائعة» للمخرج الليث حجو قد استثمر طبيعة قرية السمرا بهذا الخصوص. ولا يخفى على أحد كم يتقاطر من السوريين والسياح إلى هذا المكان لرؤية البحر والجبل والشجر في تلك البقعة الجميلة من ساحلنا السوري، ولكن هذا لا يعني تجاهل وقائع مريرة على الأرض.
وفي سياق الحديث عن السياحة لابد أن نتساءل عن دور وزارة السياحة في دعم الدراما لتقوم بدور ترويجي، ونرى أنه من المجدي ضخ قسم من الأموال التي توظفها الوزارة في حملاتها الترويجية للدراما لتقوم بهذا الدور، لأسباب عديدة منها أن المسلسل السوري يعرض عادة على الفضائيات العربية جميعها ولمدة ثلاثين يوما على الأغلب، كما أنه يعاد أكثر من مرة وعلى أكثر من فضائية، وبالتالي فرصة كسب مزيد من المشاهدين، هذا فضلا عن أن الأعمال الدرامية ترسخ في أذهان المشاهدين أكثر من رسوخ الإعلانات التي لا تتجاوز مدتها نصف دقيقة في أحسن الأحوال.
هدى العبود