دمشق ـ هدى العبود
وجه وزير الخارجية السوري وليد المعلم رسالة مباشرة لتركيا أمل فيها أن تراجع مواقفها حيال بلاده، وقال في رده على سؤال لـ «الأنباء» في مؤتمر صحافي عقده بدمشق «نحن نتطلع الى تركيا كدولة جارة وصديقة والصديق عند الضيق ونأمل أن يراجعوا مواقفهم» مشيرا إلى أن الديبلوماسية السورية مشهورة بهدوئها وعدم رد فعلها وتمد يدها للآخرين، مستدركا بقوله «الحب من طرف واحد مضن». واشار بقوله «نحن حريصون على أفضل العلاقات مع الجارة التركية لدينا أكثر 850 كم من الحدود المشتركة نؤثر عليها ويؤثرون علينا ولا نريد أن نهدم سنوات من الجهد الذي قاده الرئيس بشار الاسد لاقامة علاقة مميزة مع تركيا وأرجو أن يعيدوا النظر في موقفهم».
وشدد الوزير المعلم على أن سورية «لا نأخذ دروسا من أحد وبعد الاصلاح سنقدم للآخرين دروسا في الديموقراطية وقال «القافلة السورية ستسير مهما عوت الكلاب».
وحول الموقف الأميركي حيال سورية وقولها انها تريد أفعال لا أقوالا قال المعلم «الجدية والأفعال تأتي من خلال مؤتمر الحوار والوطني، ومن يرد أن يختبر جديتنا فليأت لمؤتمر الحوار الوطني ليكون شريكا في صناعة المستقبل.. كلينتون استمرت عشر سنوات لإنجاز قانون الضمان الصحي، فلماذا لا تنتظرنا أسابيع» نافيا وجود اتصالات بين دمشق وواشنطن وقال «لا يوجد اتصالات ماداموا ينتهجون موقفا غير متوازن فنحن معنيون بشأننا السوري».
وقال المعلم في بداية المؤتمر الصحافي «نحن السوريين نستطيع أن نصل كلنا معا إلى القواسم المشتركة بيننا أيا كانت اختلافات وجهات النظر أو المشارب عندما نقف معا على ارضية مشتركة فإنه ليس لأحد خارج اطار العائلة السورية أن يملي أو يطلب ولذلك فإن الشأن السوري شأن داخلي واي تدخل خارجي نرفضه لسنا بحاجة له لأننا نتحرك ونستظل بالمصلحة السورية الجامعة لنا».
وأضاف: «نسمع تصريحات تنتقد خطاب الرئيس الاسد ونقول إن خطاب الاسد تضمن أمورا جديدة وعديدة وهامة، ومن المستغرب الا يروا حديثه عن الدستور من حيث تعديل المادة الثامنة أو بالكامل» وتابع: «الرئيس الاسد طرح توجها نحو مناقشة مشاريع القوانين التي وضعها في طريق تحقيق الاصلاح.. وهذه القوانين ستكون موضع بحث ودرس من قبل أعضاء مؤتمر الحوار الوطني فضلا عن أن الدستور تعديلا أو إعادة كتابة سيكون موضع بحث.
وانتقد الوزير المعلم بشدة الموقف الأوروبي حيال سورية مطالبا إياها بعدم التدخل بالشأن السوري وإذكاء الفتن، موجها في الوقت نفسه الشكر للأصدقاء في إشارة إلى روسيا والصين والبرازيل ولبنان، وداعيا الأصدقاء «الذين أداروا ظهرهم للخطاب أن يراجعوا أنفسهم»، في إشارة منه إلى تركيا.
وقال «ما يزعجني أن هناك ردود فعل صدرت من خارج حدودنا من مسؤولين أوروبيين معروفين بعضهم لم يقرأ الخطاب، وهذا مؤشر أن لديه مخططا يريد السير به هدفه زرع الفوضى والفتنة في سورية، بعضهم قال إن الخطاب غير كاف، كيف يكون غير كاف وقد نص على تعديل الدستور بما في ذلك المادة الثامنة، أليس الدستور هو الاطار الذي يرسم الحياة السياسية للمجتمع».
وتابع: «بعضهم قال إن الرئيس الاسد لم يذكر في خطابه من هي الفئات المدعوة لمؤتمر الحوار الوطني مع أنه قال كل السوريين يجب أن يشاركوا في الحوار، وهناك أشكال للمشاركة بالأمس وضع مشروع قانون التعددية الحزبية على موقع التشاركية في مجلس الوزراء، وقبله عرض مشروع الانتخابات وقبله مشروع قانون الادارة المحلية، وهناك لجنة لإعداد قانون جديد للإعلام، بالإضافة إلى القوانين والمراسيم التي صدرت قبل أشهر قليلة، لذلك أقول لهم كفوا عن التدخل بالشأن السوري ولا تثيروا الفوضى ولا الفتنة فالشعب السوري بروحه الوطنية العالية قادر على صنع مستقبله بعيدا عنكم».
وبشأن العقوبات التي فرضت على سورية، أعرب الوزير السوري عن أسفه لعدم قدوم أي مسؤول اوروبي لمناقشتنا فيما يجري في سورية، وأوضح «اعتمدوا على معلومات من خارج سورية وبدأوا بسلسلة عقوبات واليوم يستهدفون لقمة عيش المواطن السوري وهذه توازي الحرب، وأنا كوزير خارجية أقول بصراحة: سننسى أن أوروبا على الخارطة وسأوصي قيادتي بتجميد عضويتنا في الاتحاد من أجل المتوسط وكنا قد جمدنا حوارنا من أجل الشراكة الأوروبية ـ السورية، وسنتجه شرقا وجنوبا وبكل اتجاه يمد يده لسورية، العالم ليس أوروبا فقط وسورية ستصمد كما صمدت 2003».
وفي رده على سؤال حول دعوة بعض المعارضة في الداخل لوقف ما تسميه العنف وانتشار الجيش قال المعلم «إن كانوا يطالبون بوقف العنف فليوقفوا العنف، لا يوجد جيش يستدعي العنف ضد شعبه، اذا كانوا حريصين على وقف العنف فليوقفوه، كل السوريين مدعوون للمشاركة وليختاروا من يأتي ويشارك وهناك لجنة ستضع الأسس الكاملة للحوار، هذا المؤتمر هو الذي سيحدد الآليات والمشاركين وكل شيء» من دون أن يحدد ما إذا كان الإخوان المسلمون سيشاركون في الحوار.
وتابع «أقول للسوريين المطالبين بالتغيير تعالوا إلى الحوار الوطني الجامع لنا وامتحنوا جدية وإرادة القيادة السورية أما أن تجلسوا خارج قاعة الحوار وتحرضوا على التظاهر والفتن فهذا عمل غير مجد ولا يخدم سوى أعداء سورية، كونوا شركاء في صنع المستقبل هذه هي الديموقراطية في أحلى صورها».
وحول ما تتداوله بعض وسائل الإعلام حول إقامة منطقة حظر جوي في سورية أوضح المعلم بقوله «أؤكد أنه لن يكون هناك حظر جوي على سورية، وأؤكد أنه لن يكون هناك تدخل عسكري في سورية كفاهم فضائح في ليبيا.. من حسن الحظ أن سورية لا يوجد فيها نفط يعوض تكاليف العملية».
كما نفى المعلم اعتقال من عاد من المهجرين السوريين من منطقة جسر الشغور وقال «أنفي نفيا قاطعا أن يكون أي شخص عاد لمنزله وقد تم اغتياله أو اعتقاله أو اغتصابه» وأضاف «عندما يعلن رئيس الجمهورية السورية أنهم آمنون فهذه أعلى سلطة في البلاد تعطيهم الأمان».
وقال «لدي ما يثبت أن الخيام (خيام المهجرين) نصبت قبل أسبوع من دخول الجيش السوري الى جسر الشغور وأن هناك من المسلحين من أجبر العائلات على الهجرة الى هذه الخيام»، مشيرا إلى أن مجلس الوزراء السوري وجه نداء لعودتهم وقد اعيدت البنية التحتية واعيد الماء والكهرباء والمواد الغذائية متوافرة، وقال «نأمل من الاصدقاء الاتراك المساعدة لاعادتهم آمنين لبيوتهم ونحن نكفل حسن معيشتهم».
وحول ما تداولته بعض وسائل الإعلام عن تدخل إيراني مباشر في سورية قال «أنفي نفيا قاطعا وأكرر النفي عن وجود تدخل إيراني أو من حزب الله فيما يجري على الأرض السورية، وسبق أن نفينا ذلك» مضيفا «نعم هناك دعم سياسي إيراني ومن حزب الله لسورية من أجل تجاوز هذه الازمة وهناك دعم للإصلاحات التي أعلنها الرئيس ولكن لا يوجد أي دعم عسكري على الارض».
كما نفى أي دور في تشكيل الحكومة اللبنانية «ولم يكن لدى الاسد وقت لكي يتدخل في الشأن اللبناني».
وفيما يخص المواقف العربية حيال الشأن السوري قال «لا اريد الخوض في الوضع العربي ولكل قطر أوضاعه الداخلية بسبب رياح التغيير، لذلك لا أريد أن أقول كم من الاتصالات جرت للتعبير عن مساندة القادة العرب لسورية، مع ذلك اقول لا نحتاج لإدانات لهذه التصرفات الاوروبية بل نحتاج لأفعال وآمل أن تشاهدوا أفعالا».
ونفى الوزير السوري نفيا قاطعا ما أشيع عن وجود محادثات سورية ــ إسرائيلية وقال «أنفي نفيا قاطعا مثل هذه الاتصالات، اسرائيل هي العدو الذي يحتل الجولان ويشرد الشعب الفلسطيني ومزارع شبعا والضفة الغربية وكفار شوبا، شبابنا وشباب فلسطين الذين حاولوا عبور الحدود، ليست هناك عملية سلام، الحقوق يجب أن تؤخذ كما سلبت اسرائيل ستبقى العدو طالما الاحتلال قائم، وإسرائيل تستغل ما يجري من أحداث وقد بدأت اقامة جدار عازل بالجولان تحت أنظار وسمع أولئك الذين يدعون حرصهم على السوريين».
السلطات السورية توسع حملتها الأمنية وأنباء عن سقوط قتلى وجرحى بالمدينة الجامعية في دمشق
أوروبا توسع العقوبات على سورية لتشمل 4 كيانات و7 شخصيات
- باريس تدين «منطق العنف الأعمى» وروما تحذر من أي تدخل غير الإدانات والعقوبات الاقتصادية
في سياق متصل ووسط دعوات جديدة للتظاهر غدا تحت عنوان «جمعة سقوط الشرعية» دعا نشطاء المعارضة السورية على مواقعهم على الـ «فيس بوك» الى «تنفيذ إضراب عام» اليوم الخميس «وفاء لدماء الشهداء».
من جهته، ذكر رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن الذي يتخذ من لندن مقرا له ان «قوات الأمن داهمت بعنف المدينة الجامعية في دمشق واعتقلت أكثر من 100 طالب» بحسب فرانس برس.
واشار الى «حدوث عدة إصابات في صفوف الطلاب عندما انهال رجال قوى الأمن واعضاء من اتحاد الطلبة الموالي للنظام عليهم بالضرب بالهراوات».
واضاف عبدالرحمن ان «قوات الأمن قامت بعدة حملات مداهمة واعتقلت عددا من الأشخاص في دير الزور وحي ركن الدين في دمشق وقرية الحميدية التابعة لمدينة طرطوس وقرية حمورية في ريف دمشق»، دون ان يتمكن من تحديد عدد المعتقلين.
من جهتها، نقلت قناة «العربية» عن مصادر مطلعة أمس الأول أن عددا من القتلى والجرحى سقطوا في هجوم شنته قوات الأمن السورية على المدينة الجامعية في دمشق. وأضاف المصدر أن إطلاق نار سمع في محيط المدينة التي ضربت قوات الأمن السورية حصارا حولها. وكانت أنباء أولية تحدثت عن حملة مداهمات مشابهة حدثت في المدينة الجامعية بحلب بعد خروج مظاهرات تندد بالخطاب الذي ألقاه الرئيس السوري.
إلى ذلك، قامت مجموعة ممثلين عن السفارات الأجنبية في أنقرة أمس بزيارة إقليم هطاي في جنوب تركيا الذي يستضيف لاجئين سوريين يصل عددهم إلى 10290 لاجئا.
وذكرت وكالة أنباء الأناضول أن مجموعة الديبلوماسيين زاروا مخيمات اللاجئين وقد أوجز لهم مسؤولون أتراك الوضع.
وتحدث الديبلوماسيون إلى اللاجئين السوريين الذين نادوا بشعارات ضد نظام الرئيس السوري.
وقد تراجع عدد اللاجئين السوريين إلى تركيا إلى 10290 شخصا بعد عودة 539 لاجئا إلى سورية.
وذكرت «الأناضول» ان 530 سوريا عادوا إلى بلادهم ما يعني ان عدد اللاجئين السوريين في إقليم هطاي في جنوب تركيا هو 10290 شخصا.
وقد أرسلت مديرية إدارة الطوارئ والكوارث التابعة لمكتب رئاسة الوزراء التركي حوالي 2.3 مليون دولار إلى مكتب حاكم إقليم هطاي لتلبية حاجات السوريين. وذكرت المديرية ان وزارة الصحة التركية أطلقت برنامجا لتلقيح الأطفال السوريين.
في غضون ذلك، نقلت وكالة «رويترز» للأنباء عن ديبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي ان دول الاتحاد توصلت إلى اتفاق سياسي أمس لتوسيع العقوبات ضد سورية لتشمل 4 كيانات مرتبطة بالجيش و7 أفراد منهم 3 إيرانيين مرتبطين بحملة الحكومة السورية على الاحتجاجات.
وقال ديبلوماسي في الاتحاد الأوروبي «هناك اتفاق سياسي حول توسيع القائمة»، مضيفا أن العقوبات الجديدة ستصبح سارية ابتداء من يوم غد «بمجرد أن تقدم الدول الأعضاء في الاتحاد موافقتها الرسمية على القرار».
وقد أعد قائمة العقوبات الجديدة بريطانيا وفرنسا وسيرفع العدد الاجمالي للافراد والكيانات المستهدفين من جانب الاتحاد الاوروبي على سورية الى 34.
وقال الديبلوماسي ان الايرانيين شاركوا في تقديم معدات ودعم للمساعدة في قمع المعارضين في سورية، فيما أكد متحدث باسم الحكومة البريطانية «نرحب باضافة اسماء ثلاثة ايرانيين في مجموعة العقوبات الموسعة ضد النظام السوري».
وقال «هذا يبعث برسالة واضحة الى حكومة إيران بأن تقديم معدات ومشورة فنية لمساعدة النظام السوري في قمع الاحتجاجات غير مقبول».
من جانبه، اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أمس ان الرئيس السوري بشار الأسد لا يتمتع بأي «مصداقية»، وحض مجلس الأمن الدولي على تجاوز انقساماته حيال الأزمة السورية. واوضح بان كي مون للصحافيين خلال لقاء غداة إعادة انتخابه أمينا عاما للأمم المتحدة «لا اجد مصداقية تذكر فيما قاله حتى الآن». وأضاف «كم سيستغرق هذا الامر من وقت؟ ينبغي عليه ان يتخذ إجراءات ملموسة». وتابع بان كي مون انه سيكون «من الأهمية بمكان» ان يحسم مجلس الامن الدولي الامر بصوت واحد حيال الازمة التي تهز سورية.
وعلى صعيد المواقف السياسية أيضا، انتقدت وزارة الخارجية الفرنسية أمس «منطق العنف الأعمى» لدى النظام السوري، وذلك ردا على اتهامات وزير الخارجية السوري وليد المعلم الذي قال ان باريس «تمارس سياسة استعمارية» بحجة الحفاظ على حقوق الإنسان.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية برنار فاليرو خلال مؤتمر صحافي «منذ بضعة اشهر، دعت فرنسا باستمرار السلطات السورية الى فتح حوار سياسي وتطبيق الإصلاحات التي تلبي التطلعات التي عبر عنها الشعب السوري». واضاف «منذ ذلك الحين، حبس نظام بشار الأسد نفسه في منطق العنف الأعمى والذي لا يفضي الى نتيجة». وأكد المتحدث ان «موقف فرنسا من الأنظمة التي تستخدم العنف ضد شعوبها معروف: فهي تفقد شرعيتها ولا تؤدي إلا الى تفاقم مناخ العنف في بلادها».
من جانبه، حذر وزير الخارجية الايطالي فرانكو فراتيني أمس من أي تدخل في سورية غير الإدانات والعقوبات الاقتصادية.
ونقلت وكالة الأنباء الإيطالية «آكي» عن فراتيني في مداخلة أمام مجلس الشيوخ الإيطالي ان «أي تدخل ضد سورية خلافا لفرض عقوبات اقتصادية والإدانات بوسعه زعزعة الاستقرار» في منطقة الشرق الأوسط.
وقال إن «ايطاليا كانت طالبت الأمم المتحدة بإصدار حكمها» إزاء أحداث العنف التي تشهدها سورية خلال الأشهر الأخيرة.
ولفت رئيس الديبلوماسية الإيطالية إلى أن هناك قلقا أبدته بعض الدول الأعضاء في الأمم المتحدة مفاده أن «سلك مسار اصدار القرارات الأممية من شأنه خلق مرحلة ثانية»، مضيفا ان هذا ما حدا بالاتحاد الروسي والصين الشعبية إلى قبول الإدانة ورفض القرارات الأممية ضد النظام السوري. واعترف فراتيني بأن هنالك من يرى «ازدواجية في المعايير» حيث «يتولد شعور بأننا تدخلنا في ليبيا بينما نقف خاملين إزاء ما يحدث في سورية» وقال في هذا الصدد «لابد من تجاوز هذه الاختلافات».
في سياق آخر، قال مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السورية أمس ان نقل السفير السوري في أنقرة نضال قبلان تم بشكل اجرائي بحت.
وقال المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه ليونايتد برس انترناشونال «عملية نقل السفراء عادية وتجريها وزارة الخارجية بشكل دائم وهي عملية ادراية ولا علاقة لها بما تمر بها العلاقات السورية التركية التي نحرص على تميزها».