وصفت المصادر المواكبة لاجتماعات قمة مجموعة الثماني في ايرلندا الشمالية في اليومين الماضيين بأنها أشبه بحلبة مصارعة وقف فيها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مدافعا عن النظام السوري في وجه الزعماء السبعة الآخرين وفي مقدمتهم نظيريه الأميركي باراك أوباما والفرنسي فرانسوا هولاند ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون. ويبدو أن الرئيس الروسي نجح في فرض وجهة نظره، حيث خرج البيان الختامي لقمة مجموعة الثماني دون أي ذكر لمصير رئيس النظام السوري بشار الأسد. واذ اعلن البيان الختامي الذي قرأه كاميرون التزام المجتمعين بالحل السلمي للأزمة السورية، الا انه اكتفى بالدعوة الى عقد مؤتمر السلام الدولي «جنيف 2» في أسرع وقت ممكن.
وأعرب قادة مجموعة الثماني عن تأييدهم الشديد للدعوة لعقد محادثات سلام في جنيف لحل الأزمة في سورية «في أقرب وقت ممكن».
وفي نهاية القمة التي عقدت في ايرلندا الشمالية، دعا القادة كذلك الى التوصل الى اتفاق بشأن حكومة انتقالية سورية «يتم تشكيلها بالموافقة المتبادلة»، مشيرين الى ضرورة الحفاظ على القوات العسكرية وأجهزة الأمن.
واتفقت الدول الأعضاء الثماني على الإعراب عن «قلقها الشديد» من «الخطر المتنامي للإرهاب والتطرف في سورية».
وأكد قادة الدول الصناعية الأكثر ثراء في العالم في بيانهم الختامي «اننا قلقون جدا من الخطر المتنامي للإرهاب والتطرف في سورية»، معبرين ايضا عن أسفهم لأن الطابع «الطائفي» يطغى بصورة اكبر على النزاع.
واعتبر كاميرون أن قادة دول المجموعة نجحوا في التغلب على «الخلافات الجوهرية» بشأن مستقبل سورية، وتعهدوا بتقديم نحو 1.5 مليار دولار في «دعم إنساني» جديد لشعبها.
وقال إن الرئيس السوري بشار الأسد يجب أن يرحل، لكن أعضاء نظامه يمكن دعوتهم للانضمام إلى حكومة انتقالية تشجع على تغيير ديموقراطي.
وأضاف كاميرون في مؤتمر صحافي منفرد بعد القمة أن المجتمع الدولي يجب أن يتعلم الدرس من العراق ويتجنب خلق فراغ سياسي في سورية.
وتابع كاميرون «لا يمكن التفكير في أن الأسد يمكنه الاضطلاع بدور في حكومة مستقبلية ببلاده»، ومع هذا «ندرك أن سورية تحتاج لحكومة قادرة على العمل».
وقال رئيس الوزراء البريطاني إن قادة مجموعة الثماني اتفقوا على المساعدة في تخليص سورية من الإرهابيين وتمكين خبراء الأمم المتحدة من التحقيق في مزاعم استخدام الأسلحة الكيماوية خلال الحرب الأهلية في البلاد.
ورغم أن بوتين فرض وجهة نظره، الا ان رئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر اعتبر ان البيان الختامي لمجموعة الدول الثماني يمثل تحولا حقيقيا في موقف الرئيس الروسي.
وأضاف هاربر للصحافيين «لدينا نتيجة مختلفة تماما ونتيجة افضل كثيرا مما ظننت اننا سنحققه» وكان هاربر قال قبل القمة انه يخشى ان يكون الاتفاق في مجموعة الثماني صعبا بسبب دعم بوتين لسورية.
وقال «أعتقد أن ذلك كان تحركا مهما جدا من جانب السيد بوتين والروس» وكان وصف الاجتماع بأنه اجتماع السبعة ضد واحد.
من ناحيته، قال بوتين ان روسيا لا تستبعد إرسال شحنات أسلحة جديدة الى النظام السوري.
وصرح للصحافيين في ختام قمة مجموعة الثماني التي عقدت في ايرلندا الشمالية «اذا أبرمنا مثل هذه العقود، علينا تنفيذها».
وأضاف الرئيس الروسي «نحن نرسل الأسلحة الى حكومة شرعية طبقا لعقود قانونية».
بدوره، قال الرئيس الأميركي باراك اوباما ان من المهم بناء معارضة قوية في سورية يمكنها العمل بعد خروج بشار الأسد من السلطة.
وكان سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي أعلن للصحافيين قبل صدور البيان الختامي أن بلاده حالت دون ذكر مصير الرئيس السوري بشار الأسد فيه.
وكانت الأزمة السورية وضعت قمة الثماني الكبار في موقف لا تحسد عليه من التمزق، إذ بدا أن الاجتماع سيغدو قمة السبع، بعد أن اختارت روسيا بوتين مصادمة موقف شركائها والاستمرار في دعم حليفها بشار الأسد، رغم كل ما واجهته من انتقادات حادة، قبل وأثناء القمة.
وأظهرت تقارير إعلامية، أن الانقسام والتوتر كانا حادين إلى درجة صعب إخفاؤهما، خلال لقاءات قادة مجموعة الثماني لاسيما خلال لقاء رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون برئيس روسيا فلاديمير بوتين، ولقاء الأخير أيضا بالرئيس الأميركي باراك أوباما.
وعنونت «إندبندنت»: كاميرون يقول لروسيا انضمي للجوقة حول سورية أو واجهي العزلة، ناقلة عن مصدر بريطاني أن كاميرون دعا بوتين، لدعم الموقف الموحد لدول المجموعة بشأن سورية مستقبلية دون بشار الأسد، أو مواجهة العزلة.
وطلب كاميرون دعم بقية الدول لخطة من 5 نقاط لتسهيل عقد جولة ثانية من مباحثات السلام في جنيف، موضحا أن الدول السبع قد تصدر بيانا خاصا حول سورية، في خطوة قد تعني إقدام المجموعة رسميا على عزل روسيا.
أما صحيفة «ديلي ميل» فتساءلت: ألا يفترض أن هدف مجموعة الثماني تخفيف التوتر الدولي؟ أوباما وبوتين قدما عرضا غريبا لإبداء انسجامهما عقب لقاء كارثي بالقمة.
وحللت الصحيفة الصور الملتقطة لكل من أوباما وبوتين أثناء لقائهما، حيث بدا الوجوم على وجهيهما، وقدما عرضا هزليا لإظهار انسجامهما أمام الكاميرات، دون أن ينظر أحدهما إلى الآخر مباشرة.
وكان كل واحد منهما يقطب حاجبيه بينما كان الآخر يتحدث، وجر أوباما كرسيه بعيدا عن بوتين الذي ظهر عليه التململ من حركة يديه وقدميه، وهو يحملق بعيدا.
وبينما كان أوباما لا ينفك عن احتضان أقرانه من قادة الدول، لم تبد على ملامحه ابتسامة وهو يجلس إلى جوار بوتين متثاقلا ويمضغ علكة.