لم يجد المدنيون السوريون الفارون والمحاصرون في شرق حلب نصيرا إلا الأحوال الجوية التي ساعدت في وقف الغارات الروسية وغارات النظام، فيما باءت جميع الجهود الدولية في التوصل ولو الى اتفاق لرفع الحصار او ادخال مساعدات لآلاف المحاصرين الذين تقطعت بهم السبل.
فقد اقترحت روسيا اقامة اربعة ممرات انسانية الى شرق حلب الذي تحاصره الى جانب قوات النظام، للسماح بدخول المساعدات واجلاء مئات الحالات الطبية الطارئة، كما اعلنت الامم المتحدة أمس.
وقال يان ايغلاند رئيس مجموعة العمل حول المساعدة الانسانية في سورية، التابعة للامم المتحدة للصحافيين: ان «الاتحاد الروسي اعلن رغبته في اقامة اربعة ممرات انسانية بالتعاون مع مجموعتنا هناك» وان يبحث «كيف يمكننا استخدام الممرات الاربعة لاجلاء الناس».
وذلك بعدما اعلن مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسورية ستافان ديمستورا أن روسيا والنظام السوري رفضا طلبا من الأمم المتحدة لوقف مؤقت للقتال لإجلاء نحو 400 مريض ومصاب في حاجة ماسة للعلاج واستعاضت عن ذلك باقتراح ممرات آمنة. واضاف ان 30 ألف شخص يتلقون المساعدات بعد أن فروا من منطقة شرق حلب المحاصرة في الأيام القليلة الماضية ليصل إجمالي النازحين في المدينة إلى 400 ألف.
وقال إيغلاند إن الأمم المتحدة لديها غذاء يكفي 150 ألف شخص جاهز في غرب حلب لكن لا يمكنها حتى الآن الوصول إلى نحو 200 ألف شخص ما زالوا في المنطقة التي نفدت بها مخزونات الغذاء وتجرى بها العمليات الجراحية في أقبية المباني بدون مخدر.
وفي مجلس الامن، تكرر السجال نفسه منذ اندلاع الحرب السورية قبل خمس سنوات بين روسيا والدول الغربية التي حملتها مسؤولية تدهور الوضع في حلب.
وقالت السفيرة الاميركية لدى الامم المتحدة سامنتا باور «ان المجلس لا يرد على نداءات المدنيين لان روسيا لا تريد ذلك».
بدوره، قال السفير البريطاني ماثيو رايكروفت: «هذا المجلس غير قادر على التحرك على الاطلاق» متسائلا «لماذا؟ لان روسيا تستخدم الفيتو مجددا».
ورد السفير الروسي فيتالي تشوركين متهما الغربيين بالسعي الى «انقاذ ارهابيين» و«استغلال مشاكل انسانية لغايات سياسية».
ميدانيا، دفعت التطورات المتلاحقة والخسائر التي منيت بها المعارضة نتيجة الهجمة غير المسبوقة من النظام والميليشيات الرديفة له بدعم روسي واسع، على الأحياء المحاصرة في حلب، دفعت الفصائل المتواجدة داخل الأحياء الشرقية إلى الاندماج الكامل ضمن ما يسمى «جيش حلب»، بقيادة موحدة للحفاظ على المناطق التي ما زالت تحت سيطرتهم في الوقت الذي تواصل فيه قوات النظام وحلفاؤها محاولاتها اجتياح الأحياء المكتظة بأكثر من 200 ألف مدني.
وقالت مصادر ميدانية وأخرى اعلامية بحسب شبكة «شام» إن الفصائل بمختلف مسمياتها قد «انصهرت» في بوتقة جيش حلب، بغية تمتين جبهاتها ووقف تقدم آلاف المقاتلين الذين يساندون النظام بدعم جوي روسي وحضور ايراني طاغٍٍ.
ووفقا للمصادر فقد تم تعيين أبو عبدالرحمن نور قائدا عاما وأبو بشير عمارة قائدا عسكريا، على أن يتم الغاء أي تسمية أو وجود أي قوة خارج هذا التشكيل.
بدوره، نقل موقع «عنب بلدي» عن مصدر في «الجيش الحر» أن الاندماج جاء بعد اجتماع كبرى فصائل حلب الشرقية، وصدر القرار بتسمية «الجيش» في الساعات الأولى من فجر أمس.
وأوضح المصدر أن أبرز الفصائل المنضوية في «جيش حلب» هي «الجبهة الشامية، أحرار الشام، نور الدين زنكي»، إلى جانب نحو سبعة فصائل أخرى.
وأكدت المصادر ان باكورة هذا الاندماج هي احباط هجوم قوات النظام على حي الشيخ سعيد واستعادة بعض المناطق التي سيطر عليها النظام في منطقة السكن الشبابي المجاورة. وقد اكدت رويترز خبر الاندماج نقلا عن فصيلين من الفصائل المعارضة. ونقلت عن مسؤولين معارضين تحدثا من تركيا ان التحالف الجديد سيسمى «جيش حلب» ويرأسه قائد جماعة الجبهة الشامية أبو عبدالرحمن نور لقيادة هذا الجيش.
وقال مسؤول بالجبهة الشامية لرويترز إن التحالف الجديد سيساعد في مركزية عملية اتخاذ القرار.
في المقابل، قال المرصد السوري لحقوق الانسان: «يعمل النظام على تضييق الخناق على ما تبقى من قسم حلب الشرقي الذي ما زال تحت سيطرة المعارضة»، مضيفا ان قوات النظام بعد سيطرتها على شمال شرق المدينة، باتت تحاول التقدم «شرقا في محيط كرم الجزماتي وجنوبا» في حي الشيخ سعيد الشاسع المساحة.
واوضح ان مئات من جنود الحرس الجمهوري ومن الفرقة الرابعة انتشروا «تمهيدا لحرب شوارع» في المناطق الاكثر اكتظاظا بالسكان في شرق حلب. واضاف انهم «يتقدمون لكنهم يخشون الكمائن في تلك المناطق بسبب كثافة السكان والمقاتلين».
في غضون ذلك، قال المرصد وعاملون بالدفاع المدني إن السحب الكثيفة والأمطار حالت دون شن النظام وروسيا ضربات جوية على المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة في شرق حلب أمس وإن كان القصف المدفعي والاشتباكات العنيفة استمرا.
وأكد إبراهيم أبو الليث المسؤول بالدفاع المدني في الجزء الذي تسيطر عليه المعارضة من حلب لرويترز إنه لا توجد طائرات حربية. وأضاف أن البعض يحرقون أمتعتهم أو أثاثهم للاستدفاء.
ومضى قائلا إن وضع النازحين سيئ للغاية وإنه لا توجد لهم ملاجئ أو وقود أو حطب وإن كثيرين ينامون في الشوارع.
وقال بيبرس مشعل وهو عامل إنقاذ بالدفاع المدني بالمنطقة إن الكثير من الأسر النازحة داخل حلب المحاصرة تعيش في منازل بلا أبواب.
في المقابل، نشر النظام السوري مئات من جنوده لاستعادة الاحياء الاكثر اكتظاظا بالسكان في شرق حلب وتسريع سقوط معقل المعارضة الذي حذرت الامم المتحدة من تحوله الى «مقبرة ضخمة».