مفرح الشمري - عبدالحميد الخطيب
الحرية هي أغلى ما يملك الإنسان وهي حق غير قابل للتفريط، إذ لا حياة بدون حرية، وهذا ما يدفعه للتمرد إذا ما جارت عليه قوى الظلام التي تريد إفساد كل شيء مستغلة العدو القادم من الخارج والتيارات الفكرية المختلفة، كان ذلك الخط العام لمسرحية «همهمات» التي صاغ أحداثها المؤلف وليد الانصاري ومن إخراج مشاري الفضلي ومن بطولة احمد علي جمعة، بدر الحلاق، علي العلي، عبدالعزيز المسعود، سعاد الحسيني، بندر الفضلي، مكياج شهد العبيد، تصميم البوستر هالا، مساعد مخرج احمد شفيق، إعداد المعالج الدرامي لميس الزامل وديكور وأزياء وإضاءة عبدالعزيز بوصخر، وهي تمثل فرقة مراكز الشباب ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان ايام المسرح للشباب في دورته العاشرة.
لا يختلف اثنان على أن أي مساحة من الإبداع تحتمل الصواب والخطأ، وما قدمه أبناء مراكز الشباب اجتهاد محمود في حدود إمكاناتهم وخبرتهم، إذ استطاع المخرج ان يترجم فكرة الأنصاري بصريا من خلال اختياره لشكل مسرح الدمى ليعبر عن الإرادة المسلوبة لأبطاله، مستعينا بالحبل ليضرب مثالا على تضييق الخناق وقمع الحريات، ملمحا الى الايدي المسيطرة التي تحكم بالحديد والنار، ولم يترك المخرج حضور مسرحيته في النفق المظلم الذي ادخلهم فيه وانما المح الى الغد الذي يحمل الامل على ايدي الاجيال الجديدة، وان الراية سيسلمها الكبار الى الشباب.
جميعها نقاط مضيئة تسجل في مشوار مخرج العرض، لكن ما عابه عدم اشتغاله بصورة جيدة على اداء الممثلين الذين افتقدوا التناغم ولياقة المسرح، حيث هبط الإيقاع في مواضع كثيرة وضاعت حواراتهم، خصوصا عندما تحركوا الى عمق الخشبة فتحول الديكور الذي قسمه الى طبقات ليوظفه للتعبير عن مستويات مختلفة من الصراع الى اداة سلبية وكان فريق العمل يحتاج الى التدريب عليها لفترة أطول.
أما على المستوى البصري، لاسيما السينوغرافيا فكان الديكور هو بطل العمل بما يحمله من دلالات تعبر عن الافكار التي أراد الكاتب ان يوصلها، فالحبال وظفها المخرج بصورة جيدة، ومن ناحية الاضاءة فإنها وان حملت فكرا متطورا ولكن تطبيقها أضاع جماليتها وهندسيتها المفترضة اذ خذلت الممثلين في مواضع عدة ووجدنا الظلام يلف المسرح في اوقات مختلفة من العرض، ويبدو ان خللا ما حدث في منظومة الاضاءة، إذ لجأ المخرج في العديد من المواقف الى الإضاءة المباشرة ليتدارك الاخطاء المتكررة، في حين كان اختيار الأزياء موفقا، إذ تماشت والأسلوب الذي انتهجه المخرج.
وتحكي المسرحية قصة مجموعة من الأشخاص داخل مكان أقرب الى مسرح دمى كل منهم يعبر عن فكر ورأي مختلف ولكن يجمعهم الخوف من السلطة المتمثلة في رجل الأمن ورغم اقتناع تلك المجموعة ان الخنوع والخضوع هو الذي أوصلهم الى الوضع المزري الذي هم عليه، إلا ان خوفهم من العدو المجهول يقمع أي أمل في الحرية قد يراودهم ويذهب بنا العمل الى نهاية حتمية لذلك الصراع بين المصالح المتضاربة على حساب الوطن ويضع الأمل في الأجيال الجديدة.
في الحلقة النقاشية: نص «همهمات» أدبي رائع كان بحاجة إلى رؤية إخراجية أفضل
أشار المشاركون في الحلقة النقاشية التي أعقبت العرض المسرحي «همهمات» الى إبداع المؤلف في هذا النص، وإخفاق المخرج في تقديم رؤية افضل له، حيث قال الاستاذ بالمعهد العالي للفنون المسرحية دخيل الدخيل: إننا أمام نص أدبي ممتع أحداثه بدأت قبل مشاهدة العرض واشتمل على كم خطير من الإسقاطات السياسية والاجتماعية، كما ان هذا النص لا يسقط أحداثه على أي مكان في العالم العربي، فنحن أمام فكر جميل يعبر عن معاناة الانسان عموما في أماكن مختلفة.
وتابع الدخيل: أراد المخرج ان «يدلي بدلوه» في هذا النص وترك المؤلف له ما يشاء من التفسيرات فتصرف المخرج كيفما شاء بالنص، فشاهدنا عرضا مسرحيا به ومضات من الاجتهادات للمخرج الفضلي الذي حاول «بحسن نية» ان يقدم شيئا مميزا، لكن النص به بعد درامي خطير كان يجب التعامل معه بشكل مختلف.
من جانبه قال المؤلف وليد الانصاري ان فرقة مسرح مراكز الشباب لديها فلسفة وهي تقديم شباب جدد في كل عمل مسرحي يقدمون إبداعاتهم ويأخذون فرصتهم لينتقلوا الى الافضل. أما المخرج مشاري الفضلي فختم قائلا: هذه خطوة لتحقيق حلم عشته اربع سنوات في المعهد العالي للفنون المسرحية وكل حرف سمعته من أساتذتي النقاد سأعمل على الاستفادة منه مستقبلا وإن شاء الله غدا اجمل.
صادق بهبهاني: المسرح الجماهيري لم ولن يبعدني عن المهرجانات الأكاديمية
تستمر أنشطة مهرجان «أيام المسرح للشباب» بدورته العاشرة، مع أنشطة المركز الإعلامي من خلال المؤتمر الصحافي الخاص بالفنان صادق بهبهاني، وذلك للحديث عن قصة نجاحه مع المهرجان منذ انطلاقته، وأيضا الحديث عن نشاطاته الفنية على صعيد المسرح والدراما والسينما.
افتتح المؤتمر بكلمة تعريفية عن بهبهاني قدمها الزميل مشاري حامد، بعدها شرع بهبهاني في التحدث قائلا: اعتبر مسرح الشباب محتضنا للمواهب والطاقات، وهو الأمر الذي لا يختلف عليه معظم الفنانين الشباب، فلا أنكر أنني استفدت منه منذ عام 2001 عندما التحقت بالورش التدريبية التي كانت تقام فيه والتي ضمت العديد من نجوم الساحة الفنية الحالية، كذلك عندما بدأت بالمشاركة في انشطة المهرجان لدى انطلاقته عام 2003، قدمت العيد من العروض المسرحية، بالإضافة لمشاركتي في عروض الافتتاح والختام، وهو الأمر الذي فتح لنا أبوابا عديدة، وتعرف المنتجون علينا كشباب للانطلاق لنبدأ مشوارنا الفعلي.
وتابع بهبهاني: المسرح النوعي يبرز قدرات الفنان ويعتبر الانطلاقة الحقيقية، خصوصا أنني مع كثير من الشباب تخرجنا في المعهد العالي للفنون المسرحية، أما المسرح التجاري فهو مختلف تماما لأنه يعطي للجمهور ما يريد أن يراه، مستدركا: بما أن مسرحية الأطفال «بياع الجرايد» تعتبر أول إنتاج مسرحي من خلال مؤسسة «أرتست ميديا» والتي قدمتها في عيد الفطر وسيعاد عرضها في عيد الأضحى المقبل، فقد حاولت تقديمها وفق أسس أكاديمية من خلال التركيز على النص القوي بدلا من الـ «show»، لذلك استعنا بالكاتب بدر محارب لما له من خبرة في هذا المجال، واستعنا بالمخرج عبدالعزيز صفر حتى يتمكن من إيصال الرؤية بالشكل المطلوب، مستطردا: التجربة الإنتاجية في المسرح التجاري لم ولن تبعدني عن المشاركة في الأعمال الأكاديمية والمهرجانات مطلقا، وأنا مستعد للمشاركة في أي مسرحية تعرض علي، بشرط أن تكون مناسبة لي، لأنني كما ذكرت أنا من خريجي المعهد العالي للفنون المسرحية، وبالطبع أشعر بالحنين لهذه النوعية من الأعمال التي قدمتها وأنا على مقاعد الدراسة.