محمد ناصر
جميل إصرار نجوى كرم على إهداء جمهورها سنويا عملا جديدا ولكن الأجمل ان يأتي الجديد دائما على قدر التوقعات من نجمة كبيرة لها حضورها الكبير.
فمسيرة نجوى السنوية مع ألبوماتها تراوحت صعودا وهبوطا بدءا من عمل «يا حبايب» الذي أرخ لميلاد نجمة مهمة ثبتت نفسها رقما صعبا مع ألبوم «شمس الغنية» لتشهد تراجعا واضحا في «انا معكن» ثم لتبدأ صعودها نحو القمة مع «نغمة حب وانا ما فيي».
وان كان عمل نجوى السابق «عم بمزح معك» قد أخذ حظه الوافر من الانتشار والذي دخلت عبره لألوان غنائية جديدة ومنوعة، الا ان عملها الجديد «خليني شوفك» شهد عودة نجوى لدورانها حول نفسها وحصرها بقالب غنائي واحد طغى عليه جو «الدبكة» خاصة عبر اغنيتي «خليني شوفك» و«الله يشغلو بالو».
ولا شك ان شهية نجوى انفتحت على هذا النوع عقب النجاحات الكبيرة لأغاني الدبكة، خاصة ان نجوى ترى نفسها الأحق في استثمار نجاح الأغاني الفولكلورية كونها اول من تبنتها وغنتها بين جيلها منذ «خلي كتفك بكتفي» و«ما بدي عيونك تحكيني»، ورغم تضمن الألبوم ثماني اغنيات سنستعرضها سويا الا ان البارز كان غياب الاغنية الرومانسية التي اولتها نجوى سابقا اهتماما كبيرا وصل حد تسمية العمل باسم الاغنية الرومانسية كألبوم «كبر الحب» و«عيون قلبي» وغيرها، لتفاجئنا نجوى بغياب الاغنية الرومانسية التي يبدو ان نجوى لم تعثر على اغنية ترى وتتوسم فيها نجاحات كأغنية «نقطة عالسطر حبيتك» فارتأت الاكتفاء بلون ونمط غنائي واحد كسرته بأغنية «الدني أم».
كما افتقدنا في العمل الجديد اللمسات المميزة للموزع الموسيقي هادي شرارة الذي عرفت معه نجاحات مهمة كان ابرزها «شو هالحلا» و«تعا خبيك» ففضلت نجوى عدم التعاون معه بعد خلاف في الآراء.
خليني شوفك
بعد النجاح الكبير لفارس كرم في اغانيه اللبنانية الشعبية وكذلك مع ملحم زين في اغنية «علواه» والتي لحنها له وسام الامير اتكلت نجوى على وسام الامير ليعطيها لحنين شعبيين من الدرجة الأولى لمعرفتها المسبقة بمقدرة وسام وبراعته في تلك النوعية ولم تكتف بذلك بل لجأت الى الموزع روجيه خوري الذي قام بتوزيع اغاني فارس كرم الفولكلورية لتضع في عهدته اغنيتين «الله يشغلو بالو» و«خليني شوفك بالليل» على امل ان تعرف معه ومع هاتين الاغنيتين نجاحات جديدة تضاف الى رصيدها العامر بالنجاحات.
فأتت الأغنيتان ضمن جو واحد ولون واحد ومؤلف وملحن وموزع واحد فتشابهتا في كل شيء تقريبا وفرق بينهما الموال المميز لـ «الله يشغلو بالو» والذي ابتدأته ببحة جميلة «يا حبر العين» وختمته بقفلة اجمل بـ «آخي وكأس الآخ مشروبي» واتت تهدجات صوتها في «ما عم يغمض لي جفين» لتزيد من رقة وعذوبة هذه الاغنية.
أما اغنية الالبوم الرئيسية «خليني شوفك» فحملت روحا تجديدية لنجوى من ناحية الكلمات التي وصفت بالجرأة الزائدة «مش عيب الملقى بالليل الليل بيستر العيوبي» و«خليني بوسي الخدين» و«بدي كم بدي ضمك» و«خليني مرة شمك» لتظهر لنا نجوى العاشقة والمغرومة والمبادرة لفعل الغرام وهو ما فعلته في اغنية «تعا خبيك» والتي تقول لحبيبها فيها «تعا غلغل فيك»!
موسيقيا حملت الاغنية لحنا وان بدا مكررا فله جمالية خاصة مع «ولو صفوا عمامي صفين» وسمعنا فيها تنوعا بالطبقات ومزيجا من الطربي والجبلي الذي اشتهرت فيه.
ولا شك في أن نجوى عندما اختارت هذه الاغنية لتكون عنوان الألبوم قد وجدت فيها كل مواصفات الاغنية الناجحة التي تستطيع حمل العمل كاملا.
حرامي
اغنية خفيفة رشيقة سلسلة كلاما لحنا وتوزيعا اتى قريبا من الايقاع المصري المحبب الا ان اكثر ما يميزها هو كلام كاتبها نزار فرنسيس الذي لعب على كلمة حرامي فأعطاها بعدا ظريفا ربطه بسرقة القلوب خاصة عندما تقول نجوى «يا حرامي» وعندما يتداخل التوزيع الموسيقي مع سرعة نجوى في الغناء في مقطع «مطرح ما يكون خيالك بدي كون».
أبوس عينك
تصر نجوى دائما على غنائها باللهجة اللبنانية وعندما تغني باللهجة الخليجية فهي تنكر ذلك وتقول انها اللهجة البيضاء وهي المزيج بين البدوي والخليجي الذي كانت رائدته المطربة سميرة توفيق.
فأتت «أبوس عينك» وفق تصنيف نجوى باللهجة البيضاء فأعطتنا اغنية هجينة لا بدوية ولا خليجية فخلطت نجوى بين اللهجتين فأضاعت مشيتها فافقدت الاغنية لهجتها وجاءت الطامة بعنوان الاغنية الذي لفظته نجوى خطأ حين قالت «ابوس عينك» والمفروض ان تكسرها لتكون «عينِك» او حين تقول فاااديت روحك فيجب كسرها ايضا لتكون «فِديت روحك».
كما حيرتنا نجوى عند لفظها كلمة «ذبحتني وما عاد ينفعني دوا» فمرة قالت «ذبحتني» بالطريقة الصحيحة ومرة ثانية لفظتها بالطريقة اللبنانية فحولت حرف الـ «ذ» الى حرف الـ «د» فاصبحت «دبحتني»!
ولابد من الاشارة الى امر يحيرنا مع نجوى هو تسليم صوتها واحتكاره للملحنين اللبنانيين، فان سلمنا بصواب رأيها بغنائها فقط باللهجة اللبنانية فلماذا عندما تغني اللهجة البيضاء بحسب تصنيفها تحجم وتمتنع عن الاستعانة بملحن خليجي وتسند المهمة لملحن لبناني؟! ونتساءل ألم يكن من الأجدى ان يتصدى لمهمة تلحين «ابوس عينك» ملحن خليجي بدلا من عماد شمس الدين الرائد والمبدع والمميز في ميدانه الاساسي وهو تلحين الأغاني اللبنانية؟
فعند مقارنة «ابوس عينك» بالاغنية الخليجية الفعلية التي غنتها نجوى في منتصف التسعينيات وهو «منو هذا الحلو» نجد تلك الاغنية القديمة تتقدم بمسافات شاسعة على الاغنية الجديدة من كل النواحي، حتى عند مقارنتها بأغاني «الحبيب» و«ما عاش من زعلك» وغيرهما تأتي النتيجة لصالح هذه الاغنيات، لتكون «ابوس عينك» الحلقة الاضعف في مشوار نجوى مع اللهجة البيضاء وكذلك الاغنية الاضعف في هذا العمل.
مصنع بارود
هي أجمل اغاني الألبوم واكثرها تميزا تشعر وانت تسمعها بصوت رصاص الفرح ينطلق من قلبك وبزغاريد السعادة وقبلات الاعجاب تنطلق لتحط على جبين ملحم بركات ونزار فرنسيس اللذين اهديا نجوى اغنية رائعة تقطر عذوبة رغم عنوانها الصادم «مصنع بارود»، كلمة ولحنا وتوزيعا وصوتا مميزا اجتمعت لتقدم لنا اغنية الموسم لنجوى ولجمهورها ولتضاف هذه الاغنية الى رصيد وتاريخ نجوى الزاخر بالأغاني المميزة.
وعسى نجوى ان تتلقف «قلبي مصنع بارود» فتدعمها أقله عبر غنائها بالمهرجانات، خاصة بعد نشر اخبار تفيد بأن خلافا وقع بين ملحم بركات ونجوى كرم بعد اصرارها على عدم تصوير هذه الاغنية ڤيديو كليب مقابل الحاح ملحم على تصويرها!
ولع
كان من المقرر ان تحمل «ولع» عنوان الألبوم الجديد، الا ان نجوى عدلت عن رأيها في هذه الأغنية التي لحنها وكتب كلماتها شريكها الدائم عماد شمس الدين والذي معها عرفا سويا نجاحات هي الأبرز في رصيد نجوى.
أتت الأغنية بلحن جميل، خاصة مع الكوبليه الأول بـ «عندك طلة طلة غريبة يا شمس غيبي طل الملك» لتهدينا نجوى أغنية جميلة مع بعض الملاحظات التي رفعت حرارتنا وأولها كلام مقدمة الأغنية والذي لا يركب على قوس قزح «عندك شخصية كتير قوية وبخاف عليك من الحسد!».
حرارة قلبك فوق المية! وعيونك بتولّع بلد!
ما عدا سطحية بعض الكلام التي افسدت جمالية الأغنية ستكون ولِّع من الأغاني التي ستجد نجاحات عند جمهور نجوى كرم.
ايدك
منذ «أنا ما فيي» من الصعب الا تجد اغنية للثنائي نجوى كرم وعماد شمس الدين لا تفرقع وتضرب لتكون أغنية العام بالنسبة للثنائي.
«ايدك» تمثل برهانا ساطعا على نجاحات الثنائي فهي اغنية خفيفة رشيقة سريعة تدخل قلبك فورا بسلاستها وظرفها الذي يجعلك تستلقي على ظهرك من الضحك وانت تسمع نجوى بصوتها الممتزج بين العذوبة والتعصيب وهي تعنِّف حبيبها «اوعى تشوبرلي بايدك، جلِّس واحكيني مزبوط» و«منقزني ومنرفزني يعني بدك ما تواخذني، هيدي العملة ما بيعملها الا الخوت».
فإضافة لاستخدامها كلامات لبنانية محضة «تشوبرلي.. منرفزني، الخوت»، فقد أتت انسيابية الصوت والألحان والكلمات والتوزيع متناسقة تماما لتقدم لنا واحدة من الأغنيات التي ستفرقع حتما أقله في لبنان وليفخر عماد شمس الدين بإضافة «ايدك» الى رصيده الغنائي الغني والمثمر مع نجوى كرم التي اشعرتنا نحن نسمع هذه الاغنية بأجواء الشحرورة صباح مع اغنيتها «دق الباب» عندما تقول «افتحتلو ورقصتلوا واهلا وسهلا قلتلو». ونتمنى ان تقدم نجوى على تصوير هذه الأغنية التي قدمت فيها كل ما يريده جمهورها منها. اما اغنية «الدني ام» هي باكورة مشوار نجوى مع كتابة الأغاني، فصحيح ان نجوى كثيرا ما تعدل وتنسق في كلمات أغانيها، الا ان «الدني ام» اول اغنية من كتابة نجوى كرم وأتت الأغنية لتكمل العقد الأُسري بعد «وكبرنا يا بيي» مع وديع الصافي لتلم الشمل في «الدني ام» ولتسير نجوى معها على عادة إدراج اغاني مناسبات في كل ألبوم لها إذ سبق ان تضمن عملها الفائت اغنية للأفراح والزواج «الحلم الأبيض»، لتضج الإذاعات العربية في عيد الأم من الآن وصاعدا بصوتها.
الصفحات الفنية في ملف ( pdf )