- الألحان والموسيقى الكلاسيكية الإيرانية تعلو نغماتها في كل مكان بالأسواق الشعبية في العاصمة طهران
خلود أبوالمجد
أقام «ستوديو الأربعاء» أمسية سينمائية مساء أمس الأول بنادي الكويت للسينما في المدرسة القبلية عن أفلام الدورة العاشرة للمهرجان الدولي للأفلام القصيرة «100 ثانية» في إيران، واستضافت الأمسية الناقدة الفنية ليلى أحمد التي كانت ضيفة المهرجان السينمائي «100 ثانية» في دورته العاشرة، الذي أقيم مؤخرا في العاصمة الإيرانية طهران في الفترة من 2 حتى 4 مارس الماضي.
وقالت أحمد في بداية حديثها، قبل عرض الأفلام على الحضور، إن الهدف من إقامة المهرجان هو كشف المواهب الجديدة على صعيد الأفلام القصيرة جدا، والتي لا تزيد مدتها على دقيقة وأربعين ثانية، وتشجيع المخرجين الشباب من الجيل الجديد على إخراج أفلام باختلاف التقنيات، والتي تتناول المواضيع الاجتماعية والدينية والتقاليد والتراث العام، في زمن قصير، وبأسلوب يتسم بالبساطة والحرفية على صعيد التقنيات، وبموازنات مالية شحيحة.
وأضافت ليلى أحمد قائلة: «لم تكن وسط العاصمة الإيرانية طهران متهالكة العمران، كما هي في الواقع مثلما شاهدنا حين استضافتنا للمهرجان، فروح الشباب جددت الرؤى، ورأينا في عيونهم بريق مستقبل يشع على العاصمة ومحافظاتها، وتشحن النفس بالأمل».
وأكملت: «برأيي ان هذا حدث بعد فوز الإصلاحيون في الانتخابات التشريعية الأخيرة ربيع 2016، فالإصلاحيون يدعمون سياسة الانفتاح، وتدعم شبابها الذين لهم رأي مختلف ورغبة في تغيير واقعهم، ومواكبة عصرهم والتأثير والتأثر بالثقافات المختلفة خصوصا الغربية، إلى جانب محافظتهم على هويتهم العرقية والحضارية».
وقالت أيضا: «كما لاحظت انتشار الألحان والموسيقى الكلاسيكية الإيرانية، تعلو نغماتها في كل مكان بالأسواق الشعبية في العاصمة طهران وتصدح عبر أجهزة التسجيل في سيارات الأجرة، والناقلات العامة، وهذا يعني بالنسبة لي أن ثمة صوتا آخر مرتفعا يعلن عن نفسه داعما للتغيير، فالثلوج التي رأيتها تكسو الجبال التي تحيط العاصمة طهران وتذوب في فصل الربيع، ربما تعني «الفرحة» بفك الجمود الذي عاشه الإيرانيون في ظل حكم المحافظين المتشدد الذي حرم كل أشكال الفنون والثقافة، ومارس ضغوطات رقابية لا تليق بأمة فارسية حضارية منحت عبر تاريخها الكبير من الفكر والثقافة والفن الإنساني الكثير من الإبداع.
هذا وشهدت أيام المهرجان مثلما أكدت الناقدة ليلى أحمد، إقبالا جماهيريا كبيرا تدفق على السينما لمشاهدة العروض في قاعات سينمائية حديثة، وقالت: المشاركون شباب إيرانيون من مختلف القوميات والمعتقدات، ومن دول آسيوية وأوروبية، وغالبية الأفلام بها رؤى جميلة وأفكار جديدة، إلى جانب الحس الكوميدي الاجتماعي النقدي، حيث انقسمت هذه الأفلام إلى فئات هي «أنميشن ودرامي ووثائقي وأخلاقي»، أما الكاتبة البريطانية فرجيينا وولف فقالت في كتابها القيم «السينما والأدب»: «إن على السينمائيين أن يتجنبوا ما نحصل عليه بالكلمات» وهذا بالضبط ما حدث على الأغلب ضمن مهرجان «100 ثانية».
ودارت قصص الأفلام، التي عرضت ضمن أمسية الأربعاء، حول عدد من القضايا الاجتماعية الملامسة للواقع الذي نعيشه، كقصة الفيلم الذي بدأ باستعراض بيت جميل كانت الأسرة المقيمة فيه تستمع للراديو وإذا بالمخرج يستعرض بكاميرته الدمار والخراب الذي خلفته الحرب، حيث تم الاعتماد في الأساس أثناء التصوير على تكنولوجيا الكاميرا الرقمية والتي لعبت دورا محوريا مثلها مثل أي شخصية أساسية في الفيلم، من حيث أبعاد الصورة وزمنها، فلم تعد مهمة الحوارات المباشرة، لأن اللغة السينمائيه تطغى وساعدتها المؤثرات الصوتية والموسيقى التي جاءت متسقة مع أفكار الفيلم، أو الغناء، وإيماءات الجسد ولغة العيون، في ظل مونتاج جميل تمكن من التعبير عن مرور الحدث والمكان وكذلك الزمن، فبدا الفيلم مختزلا ومكثفا في دقيقة واربعين ثانية وذا إيقاع متناغم، وبحرفية عالية وهذا كان أمرا مذهلا، معبرا عن مواهب جميلة.