عبدالحميد الخطيب
من جديد تعود مسرحية «عطسة» الى الجمهور، فبعد تقديمها لأول مرة في الدورة الحادية عشرة لمهرجان أيام المسرح للشباب وحصدها لجوائز «أفضل عرض مسرحي متكامل، أفضل مخرج، افضل ديكور»، تم عرض المسرحية مساء امس الاول على خشبة مسرح الدسمة ضمن انشطة «صيفي ثقافي 12» الذي ينظمه المجلس الوطني للثقافة والفنون والاداب في الفترة من 10 حتى 29 الجاري تحت رعاية وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء ووزير الإعلام بالوكالة الشيخ محمد العبدالله.
العرض الثاني لـ «عطسة» شهد روحا جديدة وتألقا من الفنانين المشاركين، خصوصا عبدالعزيز النصار الذي ابهرنا بتقمصه الكبير لدور «الموظف» الذي يحاول بكل الطرق الاعتذار للرجل «المهم» بعدما عطس عليه في دار العرض السينمائي اثناء حضور احد الاعمال المسرحية، فقد تحكم النصار في الشخصية وامسك بزمام انفعالاتها وتقلباتها النفسية، خصوصا عندما يواجه ضميره الذي يؤنبه على فعلته ودفاعه عن نفسه بأن ما فعله حاجة طبيعية خارجة عن ارادته، وساعده في ذلك الرؤية الاخراجية لعبدالله التركماني والتي جاءت متناسقة وبعيدة عن «الفذلكة»، فظهر الحدث والفعل متوازنان، فلم يخرج النصار وزملاؤه عن الخط الرئيسي للقصة بل اضافوا لها عن اول مرة وظهروا متجانسين، ما انعكس على جمالية العرض ككل.
سلطت احداث «عطسة» الكوميدية والمأساوية في نفس الوقت الضوء على العلاقة بين السلطة والشعب والمشاعر الإنسانية التي تنتج عندما يتصادمان، حيث دارت حول موظف بسيط كان يشاهد إحدى المسرحيات، ويجلس أمامه رجل «مهم»، ولسوء حظه يعطس فيتطاير الرذاذ من فمه ويقع على رأس «المهم» الذي يغادر المكان غاضبا، فيخاف الموظف ويذهب سريعا الى بيته ويخبر زوجته بما حدث، فتؤكد انه يجب عليه الاعتذار للرجل «المهم» حتى لا يستخدم سلطته ضده ويؤذيه او يقاضيه ويدخله السجن، فيرفض الموظف هذا الكلام ويقول ان العطس حالة إنسانية طبيعية الجميع يصاب بها في اي وقت واي مكان، وتتزاحم الأفكار داخل رأسه، فالجميع يطلب منه الاعتذار للمسؤول وهو يرى انه لم يفعل شيئا يستحق الاعتذار، ويدور صراع بينه وبين ضميره الذي يؤنبه باستمرار، ويهتدي تحت ضغط الخوف الى كتابة رسالة يعتذر فيها للمسؤول عما فعله، لكن ايضا هذا الحل من وجهة نظر من حوله لا يجدي نفعا، فيقرر أخيرا الذهاب للرجل «المهم» والاعتذار وهناك يجد المهانة وسلب الكرامة بسبب فعلته، وينتهي العرض وهو وحيد بائس ويقول «أنا بشر ولي احتياجاتي كإنسان، والعطس احتياج طبيعي».
يحسب للمجلس الوطني اعادة تقديم العروض التي احتلت مراكز متقدمة في المنافسات المسرحية الاكاديمية جماهيريا، خصوصا ان هذا الأمر مطلب للكثيرين الذين يبحثون عن مشاهدة الأعمال المليئة بالمضامين المهمة، ويحسب للمسرح الكويتي انه قام بتقديم «عطسة» في مهرجان «صيفي ثفافي» هذا العام، لاسيما انها تحمل رسالة مهمة وقيمة فنية وتمثيلية وإخراجية عالية.
والجدير بالذكر ان مسرحية «عطسه» من تأليف محمد حسين المسلم واخراج عبدالله التركماني، وبطولة كل من: عبدالعزيز النصار، سارة التمتامي، مبارك الرندي، خالد الثويني، فهد الخياط، عدنان بلعيس، ناصر حبيب، يعقوب حيات، وتمثيل: هادي كرم، محسن علي، عبدالله البلوشي، عبدالرسول القلاف، محمد النجدي، محمد عبدالنبي، محمد التركماني، محمد الحساوي، مدير الخشبة وإدارة مسرحية زينب خان، حسين بهمن، يعقوب بولند، الموسيقى ومؤثرات صوتية عبدالعزيز القديري، إضاءة عبدالله النصار، فاضل النصار، ديكور م.محمد الربيعان، أزياء زينب خان.