- يحظى بنسبة مشاهدة عالية في الكويت والخليج
ياسر العيلة
هناك حدود معينة ينتهي عندها الخير وتبدأ بعدها حدود الشر، فكل إنسان بداخله جانب الخير وجانب الشر، وهناك أشياء بالتأكيد تستفز النسخة الشريرة بداخله.
هذه باختصار الفكرة التي يدور حولها مسلسل «حدود الشر».
فالمسلسل الذي ينتمي إلى الدراما التراثية وتدور أحداثه في نهاية الخمسينيات وبداية الستينيات من القرن الماضي من خلال أسرة تتكون من الأم نعيمة «حياة الفهد» وزوجها عيسى «أحمد الجاسم» وأبنائهم الثلاثة مريم «هبة الدري» وبدرية «هنادي الكندري» وابن وحيد جاسم «محمد الأنصاري» وتعيش معهم ابنة عمهم عائشة «شيماء علي» وهذه الأسرة لها أملاك في البصرة بالعراق، تواجه الأسرة حدثا مفاجئا يتمثل في دخول ابنهم جاسم السجن نتيجة تسببه في إصابة صديقه بعاهة مستديمة في العين بالخطأ. وتحدث المواجهة بين نعيمة وزوجها الذي يتهمها بالتقصير في تربية ابنهما جاسم وتصب نعيمة غضبها على زوجها بسبب قيامه بتسليم ابنهما للشرطة وترفض وجوده معها في غرفة واحدة ليقوم عيسى بالزواج من فتاة عراقية تدعى ليلى «ميس كمر» يأتي بها من البصرة لتعيش معهم بالمنزل مع زوجته وابنتيه لتبدأ الحرب بين نعيمة وهي الشخصية الرئيسية في العمل وليلى الزوجة الجديدة وكل واحدة منهما تدبر المكائد للأخرى والسعي للتخلص من الثانية بالمكر والدهاء والشر.
أما ابنتا نعيمة فلكل واحدة منهما هدف تسعى الى تحقيقه، مريم «هبة الدري» كل أحلامها أن تسافر للخارج لاستكمال دراستها، وفي هذه الفترة الزمنية كان من الصعوبة أن يسمح الأهل بسفر فتاة لاستكمال دراستها خارج الكويت، وتتحدى مريم أهلها من أجل تحقيق حلمها وترفض الزواج اكثر من مرة إلا أن تتم خطبتها غصبا عنها من تركي «محمد عاشور»، أما الابنة الصغرى بدرية «هنادي الكندري» فهي فتاة تهتم بمظهرها وجمالها، وكل هدفها في الحياة أن تتزوج وتكوّن أسرة، وبالفعل تتزوج من سعود «عبدالعزيز النصار» الذي كان يرغب في البداية في الزواج من مريم ولكن أمام رفضها طلب الزواج من شقيقتها بدرية.
أما ابنة عمهما عائشة «شيماء علي» فكل أحلامها أن تتزوج ابن عمها جاسم، لكنه لا يهتم بمشاعرها وحبها له لأنه يحب جارته لطيفة «نورا» وعندما يدخل السجن يتزوجها إبراهيم «فهد باسم» الشقيق الأكبر لأحمد «عبدالله الهيثم» الذي كان السبب في دخول جاسم السجن، وسبب زواج إبراهيم من لطيفة كرهه لجاسم وانه يريد أن يحرق قلبه عليها وينجح بالفعل في ذلك وينجب منها طفلا، حيث أصرت لطيفة على أن تسميه جاسم، باختصار هذه أحداث مسلسل حدود الشر.
تمثيلياً، قدمت الفنانة القديرة حياة الفهد دورا مناسبا وفي نوعية من الأعمال التي تجيد فيها بشكل كبير وهي الأعمال التراثية «ملعبها» الذي تصول وتجول فيه، فأم سوزان مدرسة تمثيلية تلقائية حملت على عاتقها نجاح هذا العمل الذي يحظى بمشاهدة عالية من قبل الجمهور في الكويت والخليج، حيث قدمت بإحساسها مشاهد «تعور القلب» جعلت المشاهدين يتعاطفون معها خاصة أنها من الأساس شخصية طيبة تحولت الى شريرة بفعل الأحداث التي وقعت لها وأهمها زواج زوجها عليها.
وبالنسبة للفنان الإماراتي أحمد الجسمي، أرى أن دوره في حدود الشر من أفضل الأدوار التي قدمها في الأعوام الأخيرة، واتضح للجميع وجود توافق روحي وتفاهم بينه وبين حياة الفهد، حيث قدم معها اكثر من عمل من قبل.
أما ليلى «ميس كمر» فهي بحق مفاجأة المسلسل من حيث الأداء والحضور الطاغي في دور تراجيدي بعيدا عن الكوميديا التي اشتهرت بتقديمها في أول تعاون لها مع النجمة حياة الفهد، وميس ينطبق عليها المثل «رُب ضارة نافعة» فكان من المفترض أن تقدم دور «ليلى» في المسلسل الفنانة العراقية «إيناس طالب» ولكن تأخر استخراج فيزا دخول الكويت لها جعل القائمين على العمل يتجهون الى «ميس كمر» التي أجادت بشكل كبير وقدمت جرعات من الشر في أدائها نالت بسببها كره المشاهدين لليلى.
وبالنسبة لهبة الدري، فقدمت كما ذكرت دور فتاة تسعى لاستكمال دراستها خارج الكويت وفي الوقت نفسه هي مريضة بـ «الصرع» وأجادت هبة في دورها، إلا أنني توقعت أن تكون عودتها مع الفنانة حياة الفهد بعد غياب 12 سنة أقوى مما أشاهده في العمل، فكان يجب أن يكون الخط الدرامي الخاص بالبنات في منزل نعيمة أقوى مما شاهدناه، كان بحاجة لأحداث أكثر وأكشن أكثر، فهنادي الكندري تحديدا لم أشعر بدورها في العمل، لم تكن مؤثرة أو محركة للأحداث، وحسب معرفتي بها فأنا أعلم أنها ترفض تقديم أدوار غير مؤثرة في أعمالها، والكلام نفسه ينطبق على شيماء علي، فلا يعقل أن يكون ذلك «حدود» أدوارهن فقط وكنّ بحاجة لمساحة أكبر في العمل من قبل الكاتب الموهوب محمد النشمي.
من اكتشافات المسلسل الفنان الشاب محمد الأنصاري الذي جسد شخصية «جاسم»، بالفعل فنان موهوب وأداؤه طبيعي من دون مبالغة ينبئ عن قدوم نجم جديد، وحدث معه نفس ما حدث مع ميس كمر، فهو لم يكن المرشح الأول للدور، فمن قبله تم ترشيح الفنان فؤاد علي ومن بعده الفنان أحمد حسين لكنهما اعتذرا لأسباب مختلفة ليذهب الدور الى الأنصاري.
أما باقي الممثلين فكل منهم أجاد في الدور الذي قدمه بداية من سعود «عبدالعزيز النصار» وتركي «محمد عاشور» وإبراهيم «فهد باسم» وأحمد «عبدالله الهيثم» وبالنسبة للطيفة «نورا» فتفاوت أداؤها في الحلقات، فأوقات تكون مقنعة و«عايشة» الشخصية وتمثل بعفوية وأحيانا كانت تبدو وكأنها حافظة النص وتردده فقط.
باختصار مسلسل «حدود الشر» عمل جميل والبناء الدرامي للشخصيات الرئيسية به كان متماسكا، فالتناغم الحواري في العمل كان جيدا جدا خاصة بين الثلاثي «نعيمة وليلى وعيسى»، ولكن العمل افتقد للأكشن والإثارة خاصة أن عنوانه «حدود الشر» لكننا لم نشاهد إلا الشر العادي، الشر المستأنس، فمن المسؤول عن ذلك؟ هل الكاتب محمد النشمي هو المسؤول وكان يجب عليه أن يثري نصه بخطوط درامية تضفي على الأحداث إثارة خاصة كما ذكرت في شخصيات هبة وهنادي وشيماء؟ أم أن المخرج هو المسؤول عن ذلك فتوقعت أن أشاهد شرا غير تقليدي في المسلسل خاصة أننا سمعنا وقت تصويره ان العمل سيكون صادما للمشاهدين؟ وأعتقد أن دور النجمة حياة الفهد كان بحاجة لجرعات من الشر خاصة أن دورها يتطلب ذلك.
بالنسبة للإخراج، فالمخرج الكبير أحمد دعيبس لم يضف جديدا في العمل واكتفى بالخروج به الى بر الأمان، فلم نشاهد جديدا على مستوى الصورة بل بالعكس «قطعات» كثيرة في الكثير من المشاهد لم تكن موفقة بالإضافة الى أن طريقة إنهاء الحلقات انعدم فيها عنصر الإثارة والتشويق لجعل المشاهد ينتظر حلقة الغد بشغف، فالكثير من الحلقات انتهت بشكل عشوائي كأن مقصا استخدم في فصل الحلقات بحسب وقتها الزمني دون مراعاة عنصر التشويق.
ربما هذه بعض الملاحظات السلبية على العمل ولكن بالتأكيد الملاحظات الإيجابية كثيرة جدا، خاصة في تسلسل الأحداث بشكل سلس بعيدا عن الملل في الأداء، والأداء المؤثر لعدد من نجوم العمل وعلى رأسهم القديرة حياة الفهد التي أبكتنا في مشاهد كثيرة، وعلى المستوى الشخصي انتظرت منها لمحات كوميدية «خاصة أنها بارعة في خلق المواقف الكوميدية» انطلاقا من مقولة «شر البلية ما يضحك».
اقرا ايضا