فاجأنا برادلي كوبر بأول إخراج له مع رابع فيلم يبنى على الحكاية الكلاسيكية التي يبدو أن هوليوود مهووسة بها، وفي حين أن الحبكة تبدأ بالتباطؤ في الفصل الثاني، يتمكن كوبر من إعادة الزخم إليها في فصل ثالث مؤثر يفاجئنا تماما ويمس الروح بكل عمق.
يبدأ الفيلم بأصوات حفلة موسيقية صاخبة، مع تصميم الصوت الذي يجعلك تشعر بالحماس لوجودك في منطقة تعج بالناس من جهة، وبألم الموسيقى الصاخبة بشكل غير معقول من جهة أخرى. ستشعر برغبة في سد أذنيك في بعض اللحظات، وربما هذه طريقة يستخدمها صانعو الأفلام لجعلك تتعاطف أكثر مع شخصية البطل الرئيسي جاكسون ماين الذي يلعب دوره كوبر أيضا إلى جانب الإخراج والذي بالإضافة إلى كونه مدمن كحول ومخدرات، يعاني أيضا من طنين في الأذنين.
يروي الفيلم نفس القصة التي رأيناها في النسخ السابقة لهذه الحكاية، لكن الفيلم الأقرب لنسخة كوبر هو الذي لعبت فيه «باربرا سترايسند» دور البطولة عام 1976، مع بعض التغييرات الكبيرة بالطبع. قد تكون نسخة شخصية ماين هذه هي شخصا سكيرا ويتعاطى الحبوب من دون توقف، إلا أنه يبقى قادرا على ملء حفلاته الغنائية بالحشود المتدافعة وتقديم أداء موسيقي رائع. وعندما ينفد الكحول من ماين أثناء وجوده في سيارته، يدخل إلى أحد العروض الغنائية في حانة ويلتقي فتاة تدعى آلي تؤدي دورها المغنية ليدي غاغا، وهي مغنية جيدة جدا لدرجة أن مديرة الحانة تسمح لها بتقديم عرضها الخاص. وكما هو الحال في كل قصة حب هوليوودية تتضمن شخصا شهيرا، يقع جاكسون على الفور في غرام آلي كما لو أنها المرأة الوحيدة على الأرض التي تعامله على حقيقته.
الاختلاف الأكبر بين هذه النسخة والنسخ التي سبقتها من«A Star Is Born» يتعلق جاكسون بآلي، فهي شخصية أكثر فعالية هذه المرة، مع سيناريو يسمح لها بتحقيق النجاح بمفردها بدلا من الحصول على مساعدة الشخصية التي يؤديها كوبر. تقدم ليدي غاغا أداء رائعا بدور آلي، ويبدو أداؤها كما لو أنه امتداد طبيعي لفيلمها الوثائقي. ندرك من اللحظة التي نلتقي بها أنها لا تقبل أي هراء من أي أحد، وهي لا تتردد بمخاطبة جاكسون حول مشاكل إدمانه، حتى انها تلكم شابا لإزعاجهما.
كما يضيف كوبر مع شريكيه في التأليف «إيريك روث» و«ويل فيتيرز» اختلافا آخر كبيرا في هذا الفيلم عبر إظهار آلي وجاكسون كشخصين متعاونين، ويستكشفان علاقتهما بعمق أكبر من أي من الإصدارات السابقة لهذه القصة مما يحافظ على التوازن بين القصتين المتداخلتين على مدار الفيلم. يقدم الفيلم موضوعا أساسيا حول معنى أن تكون فنانا، والذي يستخدم لتفسير السبب وراء كون آلي شخصا مميزا للغاية. وكما يقول جاكسون في الفيلم: «الجميع فنانون، الجميع يملكون موهبة في شيء ما. لكن ليس لدى الجميع ما يقوله».
ويلعب كوبر دور النجم الذي ينطفئ نجمه ويعتنق هذا الدور بالكامل، وفي نفس الوقت يقدم التقدير للممثلين الذين سبقوه. ومما يساعد في إنجاح أدائه هو أنه في الواقع مغن جيد جدا لدرجة مفاجئة، ويستطيع أن ينافس شخصا مخضرما مثل ليدي غاغا ويجعلنا نصدق أنه يمتلك خبرة تضاهيها.
لكن لسوء الحظ، وفي حين أن الفصل الأول من الفيلم مليء بالطاقة والحماس والوتيرة السريعة، إلا أن «A Star Is Born» يبدأ بالتباطؤ في الفصل الثاني بعدما اندفع في تصوير صعود آلي نحو الشهرة ويبدأ بالتركيز على مسيرتها المهنية الصاعدة وتراجع الحياة المهنية لجاكسون. ويبدو كما لو أن المؤلفين قد اضطروا لاحتمال هذا الفصل ليصلوا إلى ذروة هذه القصة الكلاسيكية. ويركز الفصل الثالث بالكامل على ردود الفعل العاطفية وتتويج العلاقة المحورية للفيلم. وفي حين أن قصة جاكسون تصبح درامية بشكل أكبر في النصف الثاني، إلا أننا رأينا هذه القصة كثيرا من قبل. وتضيف هذه النسخة فصلا ثالثا مطولا يركز على آلي وكيف تتفاعل مع كل ما حدث لها، ابتداء من صعود حياتها المهنية وعلاقتها مع جاكسون، وتتوج بأفضل أغنية في الفيلم والتي يمكن أن تتخيل بأن تكون احدى الأغنيات المرشحة في حفل جوائز الأوسكار المقبل.
وعلى الرغم من أن فيلم «A Star Is Born» يضيع نفسه في الوسط، إلا أن برادلي كوبر ينجح في إعادة كل الزخم في الدقائق الـ 20 الأخيرة، مع أداء موسيقي من ليدي غاغا سيحطم قلبك ويجعل جميع الحضور يذرفون الدموع.