-
العبيد: الحوكمة احتلت الصدارة في الشركات خلال السنوات العشر الأخيرة نتيجة الأزمات المالية
أكد رئيس مجلس إدارةبنك الكويت والشرق الأوسط ورئيس اتحاد المصارف حمد المرزوق ان الأزمة المالية العالمية الأخيرة والتي وصفها بأنها الأعنف منذ الكساد العالمي عام 1929، أظهرت العديد من الإخفاقات وجوانب القصور في القطاع المصرفي والمالي العالمي.
وأوضح المرزوق خلال ندوة بعنوان «الحوكمة والأزمة المالية العالمية» والتي نظمها معهد الدراسات المصرفية وترأسها مدير المعهد د.رضا الخياط وحاضر فيها إلى جانب المرزوق مدير إدارة الرقابة المكتبية في بنك الكويت المركزي يوسف جاسم العبيد، أن المخاطر الحقيقية الناجمة عن هذه الأزمة تتمثل في الخسائر الفادحة التي طالت العديد من الأدوات المالية وخاصة المشتقات على القروض ذات المخاطر العالية مثل cdo وتعثر الكثير من المؤسسات المصرفية والمالية في مواجهة التزاماتها نتيجة اختلالات حادة في هياكل السيولة والتأثيرات السلبية لهذا التعثر على البنوك، وكذلك تراجع قيم الأصول العقارية والأصول المالية مما ترتب عليه تدني قيمة الضمانات وتأثير ذلك على جودة المحفظة الائتمانية والاستثمارية للعديد من البنوك، بالإضافة الى تقلص مصادر السيولة العالمية والإقليمية نتيجة لإحجام العديد من البنوك عن إقراض العملاء وحتى إقراض بعضها البعض.
أسباب المخاطر
وأشار المرزوق إلى أن الأسباب الرئيسية التي أدت إلى تحقيق المخاطر تتعلق بعدم تطبيق الحوكمة السليمة او الادارة الرشيدة في المؤسسات المصرفية العالمية، وكذلك عدم كفاية رؤوس الأموال لدى المؤسسات المالية وخاصة شركات الاستثمار لمواجهة المخاطر التشغيلية ومخاطر الأصول، كذلك عدم مصداقية التصنيفات الائتمـــانية الممنوحة من مؤسسات التصنيف العالمية وما ترتب على ذلك من اندفاع البنوك العالمية في شراء أوراق مالية ذات تصنيفات ائتمانية عالية تعثرت بشكل فجائي.
6 إخفاقات
وأفاد المرزوق بأن هناك 6 إخفاقات أساسية واجهتها المؤسسات المالية والمصرفية المحلية في مجال الحوكمة السليمة وهي: خلل في تركيبة مجالس الإدارات وعدم إلمام مجالس الإدارات لهذه المؤسسات بحجم ونوعية المخاطر التي تواجهــها، وقصور شديد في إدارة المخاطر لبعض البنوك والغالبــية العظمى لشركات الاستثمار، وقصور في التقارير المقدمة لمجالـــس الإدارات وعدم وجـــود آلـــيات محــ-ددة ذات كفاءة لمتابعة تنفيذ الاستراتيجيات المتعلقة بالمخاطر أو تحجيمها بعد تحققها، بالإضافة الى المبالغة في أنظمة المكافآت السخية جدا والتي شجعت الإدارات التنفيذية على التركيز على المدى القصير.
حوكمة الأوسط
وذكر المرزوق أنه تم وضع سياســـة الحــوكمة لبنك الكويت والشـــرق الأوسط وفق آخـــر التــطورات العالمية الخاصة بقواعد حوكـــمة الشركات بصــفة عامة والمؤسسات المصرفية بصفة خـــاصة، مــــع الأخذ في الاعتبار البنية التشريعية والتنظيمية والرقابية في الكويت فضلا عن الظروف الخاصة بالبنك ونظامه الأساسي.
إدارات المخاطر
وذكر المرزوق ان إدارات المخاطر بالشركات والبنوك يقـــع على عاتقها الخطأ بالدرجـــة الأولى، مشيرا الى ان هذه الادارات كانت بمثابة مجرد ديكور في العديد من الشركات والمؤسسات.
وأشار الى ان شركات الاستثمار والبنوك الاسلامية تأثرت بالأزمة ولكــــن بدرجة أقل من غــــيرها، مبينا ان السبب في ذلك لا يرجـــع لكفــــاءة ادارات المخاطر فيها مقارنة بمثيلاتها في المؤسسات غير الاسلامية، ولكن ذلك يرجع للمحاذير الشرعية في استخدام بعض الأدوات غير المباحة شرعا.
الأوسط.. نموذج
وحول أهمية وجود ممثل عن الحكومة في كل بنك محلي من عدمه قال المرزوق انه ليس بالضرورة ان يكون هناك ممثل عن الحكومة في البنوك، واستشهد ببنك الكويت والشرق الأوسط كمثال، قائلا ان الأوسط عندما كان يخضع للحكومة كان يوفر 250 وظيفة سنويا اما الآن تحت راية القطاع الخاص فيوفر 650 وظيفة وهذا الرقم مرشح للزيادة، كما ان ارباح البنك تضاعفت بمعدل 5 مرات على الأقل، فهي كانت في حدود 12 مليون دينار والآن وصلت الى نحو 50 مليون دينار في 2008، لافتا الى ان تراجع الأرباح في 2009 يرجع للمخصصات الكبيرة التي اتخذها البنك كسائر البنوك.
دور البنك المركزي
من جانبه تحدث مدير ادارة الرقابة المكتبية ببنك الكويت المركزي يوسف جاسم العبيد عن اهمية نظام الحوكمة في البنوك ودور بنك الكويت المركزي بشأنها، لافتا الى ان موضوع الحوكمة احتل الصدارة في الشركات خلال السنوات الاخيرة كنتيجة للأزمات المالية التي تعرضت لها الشركات الكبيرة، كما تطرق الى تفاقم الوضع مع الأزمة المالية والاقتصادية العالمية مؤخرا، وتزايد الاهتمام الدولي بتوفير ادارات أقوى للشركات قوامها أسس ومبادئ الحوكمة الحصيفة.
وحول اهمية الحوكمة في البنوك مقارنة بالمؤسسات الأخرى اشار العبيد الى ان البنوك تستمدها من محورين اساسيين، الأول هو طبيعة الدور الذي تلعبه البنوك في الحياة الاقتصادية، اما الثاني فهو طبيعة العمل المصرفي والمالي من حيث تزايد درجة التعقيد فيه وتعذر مراقبة مخاطره من قبل السلطات الرقابية وحدها.
وأكد العبيد ان الاقتصاد الكويتي شهد مجموعة من التطورات التي اكدت على ضرورة تطوير وتقوية معايير حوكمة الشركات وبخاصة في الجهاز المصرفي في الكويت، لافتا الى ان اهمها هو التوجيهات نحو تطوير الكويت كمركز مالي وتجاري واقليمي، واتساع قاعدة الجهاز المصرفي في الكويت.
مشكلة وليست أزمة
وأكد العبيد اكثر من مرة على ان الكويت تواجه مشكلة وليست ازمة، لافتا الى ان «المركزي» كان له بعد نظر ورؤية مستقبلية جعلته يتخذ اجراءات حصيفة ساهمت الى حد كبير في التقليل من آثار تداعيات الأزمة على الكويت.
وأشار في هذا السياق الى ان بنك الكويت المركزي اتخذ اجراءات حالت دون تدهور الأوضاع، حيث تبنى ضمان الودائع بعد الغائها في وقت سابق، وذلك بهدف انقاذ بنك محلي عانى خطرا كبيرا مع بداية ظهور تداعيات الأزمة في الكويت.
إعادة الاتزان للبنوك
وأضاف ان هذا الاجراء المهم أعاد الاتزان للبنوك من جهة وحد من تسرب الأموال للخارج من جهة اخرى، بل الأكثر من ذلك ان هذا الإجراء ادى الى استقطاب أموال من الخارج.
ولفت العبيد الى ان من الاجراءات المهمة للحد من تداعيات الأزمة اصدار قانون الاستقرار المالي وهو القانون الذي حظي بإشادة كبيرة من جهات أجنبية عديدة، مبينا ان القانون رغم عدم دخول الشركات الكويتية تحت مظلته منذ صدوره وحتى وقت قريب بإعلان شركة محلية الدخول تحت مظلته الا انه وفر الأمان للشركات المتعثرة.
أخطاء مشتركة
أفاد المرزوق بأن المسؤولية مشتركة عند وجود مشاكل معينة بين جميع الجهات، لافتا الى ان مشكلة القروض على سبيل المثال هي نتاج أخطاء مشتركة بين البنوك والشركات المقترضة، مبينا ان البنوك افرطت في الاقراض لدرجة ان احد البنوك قام بزيادة قيمة المحفظة الائتمانية بنسبة 50%.
وأكد المرزوق ان هناك حاجة فعلية لقيام المؤسسات المالية والمصرفية بإجراء مراجعة شاملة لانظمة الحوكمة لديها، لافتا الى انه لا يكفي وجود سياسات وانظمة خاصة بالحوكمة، مشيرا الى ان الحوكمة السليمة تترسخ بوجود ثقافة متحفظة فيما يتعلق بإدارة المخاطر.
وهاجم المرزوق مؤسسات التصنيف العالمي وحملها جزءا كبيرا من الأزمة العالمية، مشيرا الى ان هذه المؤسسات اخطأت في منح التصنيفات بل وبالغت فيها بشكل كبير، كما انها افترضت ان العقارات التي تقدم كضمانات للقروض ستزيد بنسبة من 5 إلى 6% سنويا.
إدارات الرقابة الداخلية
قال العبيد ان الجهات الرقابية تقوم بدورها على أكمل وجه، غير ان إدارات الرقابة الداخلية في المؤسسات والشركات عليها دور يجب ان تقوم به للتحقق من تنفيذ تعليمات الجهات الرقابية، مؤكدا على ان قيام إدارات الرقابة الداخلية في المؤسسات يساعد الجهات الرقابية الرسمية بالقيام بالدور المنوطة به.
وأشار العبيد الى انه لا يجب إغفال جانب مهم جدا عند بداية ظهور تداعيات المشكلة في الكويت وهو ان بنك الكويت المركزي قام على وجه السرعة بضخ أموال كبيرة في البنوك عززت مستويات السيولة لديها وهو ما أدى الى تفادي مشكلة كبيرة كانت ستطول كثيرا من القطاعات وخاصة القطاع العقاري على وجه الخصوص.