قال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني ان موجة من التفاؤل عمت كافة أسواق المال العالمية الشهر الماضي بفضل استفادتها من إجراءات استمرار إعادة فتح الأنشطة الاقتصادية في ظل تخفيف التدابير الاحترازية لاحتواء الجائحة في كل من الولايات المتحدة وأوروبا، وذلك بالتزامن مع صدور بيانات اقتصادية متفائلة بصفة عامة ومؤشرات تدل على أن السلطات ليست في عجلة من أمرها لتقليص سياسات التحفيز والدعم المالي على الرغم من المخاوف المتعلقة بالتضخم.
وارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز الأميركي بنسبة 1.9% منذ بداية الشهر حتى منتصف يونيو، بينما ظل عائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات أدنى من مستويات الذروة المسجلة في مارس والتي بلغت 1.58%.
كما حققت أسعار النفط مكاسب قوية، إذ تجاوز سعر مزيج خام برنت 70 دولارا للبرميل وسط تفاؤل بشأن الطلب وتشديد الأوپيك لقبضتها على الإمدادات.
وعلى الرغم من توافر العوامل الإيجابية على نطاق واسع، إلا أن الاقتصاد العالمي لم يخرج بعد من دائرة الخطر فيما يتعلق بالجائحة والضغوط المتزايدة على الدول النامية التي لديها فرص أقل للحصول على التمويل واللقاحات، إذ تعهد قادة دول مجموعة السبع بالبدء في معالجة هذا الأمر عن طريق تزويد الدول منخفضة الدخل بما لا يقل عن مليار جرعة لقاح لمحاولة إنهاء الجائحة العام المقبل، على الرغم من أن تلك الكمية أقل بكثير عن 11 مليار جرعة المطلوب توافرها وفقا لمجتمع الصحة الدولي.
انتعاش الاقتصاد الأميركي
لاتـــزال المؤشــــرات الاقتصادية تدل على تحقيق نمو قوي بدعم من تدابير التحفيز المالي الضخمة وزيادة الإنفاق على قطاع الخدمات بصفة خاصة نظرا لشدة اعتماده على إعادة فتح أنشطة الاقتصاد.
وقد قفز مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات الصادر عن معهد إدارة التوريد إلى مستوى قياسي بلغ 64.0 في مايو بفضل الطلبات القوية وطول فترة تسليم الموردين، متجاوزا نظيره التصنيعي لأول مرة خلال فترة التعافي الاقتصادي بعد الجائحة.
وتبعث تلك البيانات على التفاؤل، إذ تشير إلى إمكانية تسجيل الناتج المحلي الإجمالي نمو مرتفع مرة أخرى في الربع الثاني من عام 2021 والذي قد يصل إلى نسبة 9% (على أساس سنوي) بعد ارتفاعه بنسبة 6.4% في الربع الأول من العام، مما سيجعل مستوى النمو الاقتصادي أعلى بكثير مقارنة بمستويات ما قبل الجائحة.
ومن جهة أخرى، استمر الجدل حول توقعات التضخم وتصاعد انعكاسات ذلك على سياسات الاحتياطي الفيدرالي، إذ قفز معدل تضخم أسعار المستهلكين إلى أعلى مستوياته المسجلة في 13 عاما خلال شهر مايو إلى 5.0% على أساس سنوي نتيجة عوامل متعددة تضمنت تزايد الطلب ونقص الطاقة الإنتاجية في القطاعات الرئيسية وتأثيرات قاعدة الأساس من الناحية الإحصائية بما في ذلك تراجع أسعار النفط في العام السابق. كما سجل معدل التضخم الأساسي أعلى مستوياته في 29 عاما عند مستوى 3.8%.
اقتصاد اليورو
واصل النشاط الاقتصادي في منطقة اليورو انتعاشه في ظل تلاشي موجة تفشي الفيروس السابقة وتخفيف القيود.
إذ سجل مؤشر مديري المشتريات المركب في مايو أعلى المستويات في أكثر من 3 أعوام عند مستوى 57.1، كما بدأ قطاع الخدمات (55.2) في اللحاق بقطاع التصنيع المزدهر بالفعل (63.1) وتمكن من سد الفجوة بين أداء القطاعين.
كما تحسنت المعنويات وسط تسارع خطوات إعادة فتح الاقتصاد مما ساهم في تعزيز آفاق السفر والسياحة خلال فترة الصيف الرئيسية.
استمرار التعافي يقفز بالنفط فوق 70 دولاراً للبرميل
أشار تقرير «الوطني» إلى أن سعر مزيج خام برنت اخترق الحاجز النفسي الهام 70 دولارا في 1 يونيو الجاري، حيث تمكن من الاحتفاظ بتلك المكاسب ليصل إلى أعلى مستوياته وينهي جلسة تداولات يوم 14 يونيو عند مستوى 72.9 دولارا للبرميل.
ويأتي ارتفاع السعر على خلفية توقعات ارتفاع الطلب على النفط خلال فصل الصيف في نصف الكرة الشمالي واستمرار قيام الأوبك وحلفائها بتقليص الإمدادات، بالإضافة إلى تزايد أسعار السلع بصفة عامة، أما على صعيد الطلب، فقد تحسن النشاط الاقتصادي، لاسيما في الاقتصادات المتقدمة، وذلك بفضل تسارع وتيرة حملات التلقيح وتخفيف القيود المفروضة على التنقل.
وتتوقع وكالة الطاقة الدولية إمكانية تجاوز الطلب العالمي على النفط مستويات ما قبل الجائحة بنهاية عام 2022، فيما يعتبر تحديثا لتوقعاتها الصادرة في مارس الماضي، في ظل توقعها تسجيل زيادة مقدارها 5.4 ملايين برميل يوميا في العام الحالي و3.1 ملايين برميل يوميا في عام 2022 وذلك بعد التراجع التاريخي بمقدار 8.6 ملايين برميل يوميا الذي شهده عام 2020.