اعدت وحدة البحوث والدراسات في «لاين بتوين» للخدمات الاعلامية تقريرا رصدت فيه «حصاد العام الأول» من عمر الحكومة الحالية لرئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد، وهي السادسة له، حيث انها تتم هذه الأيام عامها الأول.
وقالت في التقرير انه ومن المتفق عليه في أدبيات النظم السياسية أن ثمة مؤشرات عامة وأخرى تفصيلية معينة لقياس أداء الحكومات، تسمح بتوافر أدوات موضوعية تشكل مسطرة محايدة لتقييم السلوك السياسي والأداء المهني العام للحكومة في غضون فترة زمنية معينة وبالتالي القول بمدى نجاحها وتميزها من عدمه.
ويأتي في مقدمة هذه المؤشرات، مضامين وماهية السياسات والخطط وبرامج العمل التي تضعها الحكومة، وترجمتها إلى انجازات ملموسة على أرض الواقع، بما يلبي الاحتياجات التنموية والخدمية للمواطنين، ويعزز من فرص النمو والتطور في مختلف المجالات، ويحقق الأهداف الاستراتيجية للدولة على الصعيدين الداخلي والخارجي، مع الاخذ بعين الاعتبار طبيعة معطيات البيئة السياسية، المحلية والاقليمية والدولية، التي تعمل في إطارها هذه الحكومة، وحجم ونوعية التحديات ـ وربما القيود ـ التي تفرزها هذه البيئة على سلوك وأداء الدولة بشكل عام وعلى حكومتها على وجه الخصوص.
وقياسا على ذلك، يمكننا أن نرصد «حصاد العام الأول» من عمر الحكومة الحالية.
إنجازات تنموية طال انتظارها
منذ اللحظات الأولى لتشكيل الحكومة أجمع المراقبون للشأن المحلي على أن الحكومة الجديدة للشيخ ناصر المحمد هي «حكومة تنمية» بمعنى أن دفع عجلة التنمية في البلاد في مختلف المجالات سيكون أولوياتها المطلقة، وذلك تماشيا مع وتحقيقا للاهداف الاستراتيجية التي تضمنها في النطق السامي ورؤى واولويات الخطابات الاميرية في افتتاح ادوار انعقاد مجلس الامة والتي تتمحور حول التنمية المستدامة والشاملة في الكويت.
والقراءة المتفحصة للأداء التنموي والاقتصادي للحكومة على مدار عامها الأول تؤكد إلى حد بعيد صدق هذا التوقع، على النحو الذي يعبر عن نفسه في المؤشرات التالية:
1 ـ تقديم خطة انمائية للدولة للسنوات الخمس المقبلة، وذلك للمرة الأولى منذ نحو ربع قرن، وهي الخطة التي اقرها مجلس الامة في مطلع العام الحالي، وتقضي بتخصيص نحو 37 مليار دينار لتنفيذ مشاريع تنموية في البلاد في مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية.
2 ـ تنشيط الاقتصاد الوطني في اطار سياسة السوق الحر وجذب الاستثمار وتعظيم القطاع الخاص وتحقق ذلك من خلال إنجاز تشريعات اقتصادية حيوية وتفعل الشراكة بين القطاعين العام والخاص في مقدمته: قانون هيئة سوق المال لتنظيم البورصة الكويتية، وقانون تخفيض ضريبة الدخل على المستثمر من 55 إلى 15% فقط لجذب الاستثمارات الأجنبية.
3 ـ تفعيل نهج الديبلوماسية الاقتصادية الكويتية، من خلال الجولات الخارجية لسمو رئيس مجلس الوزراء إلى العديد من الدول الصديقة والشقيقة في افريقيا واوروبا والعالم العربي، والتي تضمنت ابرام عشرات الاتفاقيات (19 اتفاقية) تتعلق بالازداوج الضريبي والتهرب المالي والاستثمار والتجارة الحرة ومكافحة الاغراق مع دول خليجية وعربية وآسيوية وأوروبية، بهدف تعزيز الاستثمار المتبادل مع دول العالم وفتح افاق ارحب امام القطاع الخاص الكويتي ورجال الاعمال الكويتيين.
4 ـ اتخاذ خطوات فعلية لتحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري في المنطقة.
تحديات مستقبلية ورؤية عام جديد
واوضح التقرير انه ومع مرور عام من عمر الحكومة السادسة لرئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد، ونجاحها في تحقيق الكثير من الانجازات غير المسبوقة لاسيما على الصعيد التنموي والاقتصادي، تصاعدت الآمال والتوقعات وكذلك الترقب الذي يسود الأوساط الشعبية حول المزيد من الانجازات في مختلف المجالات، الأمر الذي يضع على كاهل الحكومة مزيدا من المسؤولية والحرص من اجل مواصلة مسيرة الانجازات وإيجاد حلول للكثير من القضايا والملفات الشائكة التي تنتظرها.
واستنادا للنهج التنموي السابق الإشارة إليه، وفي ضوء ما تم تحقيقه من انجازات خلال العام الأول من عمر هذه الحكومة، فإن المرحلة المقبلة ستكون بالأساس مرحلة انطلاق اقتصادي بما تتطلبه من التوسع الإنتاجي، والتطوير الخدمى، وما يتوقع معه من إطلاق العديد من المشاريع الاقتصادية الرائدة مثل جعل الكويت مركزا ماليا وتجاريا في المنطقة، وتطوير مصادر للدخل الوطني بديلة للنفط، وزيادة حجم الاستثمارات في مجالات العمل كثيفة المعرفة والتكنولوجيا لاسيما المشروعات الصغيرة والمبادرة.
وامعانا في النظر يشار إلى وجود مرتكزات واسس توفر بيئة مواتية لمزيد من النجاح في الاداء السياسي والتنموي للحكومة الحالية لسمو الشيخ ناصر المحمد، يتمثل ابرزها على الصعيد المحلي في توافر السيولة المالية اللازمة للإنفاق على مشاريعها التنموية المقبلة، سواء من قبل الدولة حيث الفوائض النفطية الكبيرة جراء زيادة أسعار النفط الخام، أو من قبل القطاع الخاص المحلي الذي تتوافر لديه الرغبة والمقدرة المالية لتنفيذ غالبية هذه المشاريع.
وبالتوازي مع ذلك، فان التطورات على المستوى الخارجي تعزز احتمالات مواصلة الانجاز لدى الحكومة حيث تتوافر، في ظل العولمة الاقتصادية، امكانات جذب رؤوس الاموال الاجنبية الى الكويت بما في ذلك للتداول والاستثمار في سوق الكويت للاوراق المالية، وتأسيس المصارف والمؤسسات المالية بأنواعها، وكذلك جلب التكنولوجيا المتقدمة لتعزيز الاقتصاد الكويتي لاسيما القطاع النفطي والصناعي، كما توفر هذه البيئة الايجابية امكانات الاستعانة بالخبرات البشرية الاجنبية في بعض المشاريع التي هي بحاجة اليها والعمل على نقل خبراتها المتميزة الى الكوادر الكويتية المؤهلة لذلك.
كذلك تمكن هذه المعطيات الكويت من ابرام اتفاقيات التعاون الاقتصادي وعقد شراكات استراتيجية على المستوى المالي والتجاري مع القوى الاقتصادية الكبرى والصاعدة في العالم على النحو الذي يوفر مجالات ارحب للاستثمار الوطني، ويفتح مجالات اكبر لتسويق ومن ثم تصدير المنتج الوطني حول العالم حيث يمكن الاستفادة من مبادئ منظمة التجارة العالمية خاصة فيما يتعلق بمبدأ المعاملة التفضيلية او الدولة الاولى بالرعاية وغير ذلك.
تحديات اقتصادية وتنموية
وقال التقرير انه ليس ثمة شك في ان الكويت مقبلة على مرحلة جديدة من النمو الاقتصادي والمالي سواء على الصعيد المحلي او على المستويين الاقليمي والعالمي، وهذا الامر بدوره يتطلب من جميع الاطراف المعنية بالقطاع الاقتصادي عموما والمالي على وجه الخصوص المزيد من التكاتف والتعاضد بما يصب في صالح ازدهار البلاد وزيادة حصتها التنموية الاقليمية والعالمية، لاسيما بعد ان اعطى صانع القرار الضوء الاخضر للانطلاقة الكويتية الجديدة على مدرج التفوق والرقي الاقتصادي الاقليمي.
ومازالت هناك العديد من القضايا التنموية الملحة التي بحاجة الى حلول حاسمة وجذرية لها، وفي مقدمتها الاختلالات الهيكلية في الاقتصاد الوطني، والمتمثلة في:
1 - استمرار الاعتماد على مصدر ريعي وحيد للدخل الوطني اذ مازال النفط يشكل اكثر من 85% من اجمالي ايرادات الدولة، مقابل اقل من 15% للايرادات والصادرات غير النفطية.
2 - سيطرة القطاع الحكومي على 75% من حجم الاقتصاد، والخلل في هيكل العمالة «اذ توظف الحكومة 94% من المواطنين» بما ينطوي عليه هذا الوضع من نسبة مرتفعة من البطالة المقنعة تنعكس في انخفاض معدلات الانتاجية، وتقلص دور القطاع الخاص في دعم النشاط الاقتصادي وانعاشه.
3 - عدم التوازن بين بنود الانفاق داخل هيكل الميزانية العامة للدولة، ممثلا في تزايد معدلات الانفاق الحكومي خلال السنوات العشر الاخيرة على النواحي الاستهلاكية، وتزايد المصروفات الحكومية في حين تراجعت معدلات الانفاق الرأسمالي على المشاريع التنموية والانشائية، والتي هي اولى بالزيادة من المنظور التنموي بعيد المدى.
وفي ضوء خطة التنمية الجديدة التي تقدمت بها الحكومة واقرها مجلس الامة، واخذا بعين الاعتبار التطورات الاقتصادية اقليميا ودوليا، يمكننا رصد الخطوط العامة التالية لتكون بمثابة اطر رئيسية للبرامج التنفيذية لخطة التنمية ورؤية «الكويت 2035»، وذلك من خلال: الاعتماد على نظم معلومات متطورة وقواعد بيانات شاملة ومتكاملة بما يسمح بالتحديد الدقيق للاحتياجات التنموية لمختلف القطاعات الاقتصادية، واكتشاف مواطن الضعف والمخاطر المتوقعة ومن ثم العمل على علاجها، وتبين نقاط القوة والفرص المتاحة وصقلها وتطويرها، مع الاخذ بعين الاعتبار طبيعة التجارب التنموية التي تتبناها دول مجلس التعاون الخليجي وبقية دول الجوار، تحقيقا لقدرة تنافسية عالية للاقتصاد الكويتي وسط محيطه الاقليمي والخليجي والعربي، فضلا عن وجود تقييم موضوعي للتنفيذ العملي للخطة التنموية بطريقة دورية، شهرية، ربع سنوية، ونصف سنوية، ضمانا للكفاءة والفعالية في الانجاز.
كما تبدو الحاجة ملحة للحد من البيروقراطية القاتلة التي تقتل كل ابداع ومبادرة خاصة في الميدان الاقتصادي، والعمل على ان تكون الاجراءات ذات الصلة بالاستثمار سلسة وميسرة، وهو ما يتطلب تنسيق الجهود بين الوزارات والجهات المعنية مثل وزارات التجارة والصناعة خاصة مكتب الاستثمار الاجنبي، والداخلية، وبلدية الكويت، وغرفة تجارة وصناعة الكويت.
ومن القضايا التي من المفترض ان تحتل قائمة اولويات الحكومة خلال المرحلة القادمة : توفير المزيد من فرص العمل والتوظيف للخريجين، والحد من ارتفاع الاسعار سواء في المواد الغذائية او في العقارات والوحدات السكنية، فضلا عن تحديث البنية التحتية في العديد من مناطق الكويت التي بحاجة لذلك، وزيادة الرواتب والمعاشات، والتحسين المستمر لمستوى الخدمات.
بالاضافة الى صياغة خطة للتنمية البشرية، وزيادة وتحسين انتاجية الموظف الكويتي من خلال تطوير النظم التعليمية والتدريبية، وربطها بمتطلبات واحتياجات سوق العمل بما يساهم في ايجاد حلول لمشكلة التوظيف وتكدس الخريجين.
ويرتبط بذلك، مواصلة اصلاح الجهاز الاداري والارتقاء بأدائه، والعمل على تطوير معايير شغل الوظائف بمختلف اجهزة ومؤسسات الحكومة انطلاقا من قاعدة «الرجل المناسب في المكان المناسب»، واعمالا لمبدأ الثواب والعقاب في مختلف المستويات الوظيفية بالدولة، والمضي قدما في الخطوات الاصلاحية الرامية الى القضاء على الفساد الاداري والمالي بمختلف صوره وأشكاله.
مؤشرات العام الأول
1 تقديم خطة انمائية للدولة للسنوات الخمس المقبلة للمرة الأولى منذ نحو ربع قرن.
2 تنشيط الاقتصاد الوطني في اطار سياسة السوق الحر وجذب الاستثمار وتعظيم القطاع الخاص.
3 تفعيل نهج الديبلوماسية الاقتصادية الكويتية.
4 اتخاذ خطوات فعلية لتحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري في المنطقة.
مرتكزات المرحلة المقبلة
1 توافر السيولة المالية اللازمة للإنفاق على مشاريعها التنموية المقبلة.
2 التطورات على المستوى الخارجي تعزز احتمالات مواصلة الانجاز ومنها إمكانات جذب رؤوس الأموال الأجنبية.
3 إبرام اتفاقيات التعاون الاقتصادي وعقد شراكات استراتيجية على المستوى المالي والتجاري مع القوى الاقتصادية الكبرى والصاعدة في العالم.
قضايا تنموية ملحة
1 البحث عن لإيرادات بديلة ومكملة للدخل الاوحد والمتمثل في النفط.
2 تقلص دور القطاع الخاص في دعم النشاط الاقتصادي..
3 عدم التوازن بين بنود الإنفاق داخل هيكل الميزانية العامة للدولة.
الخطوط التالية لخطة التنمية
1 الاعتماد على نظم معلومات متطورة وقواعد بيانات شاملة ومتكاملة.
2 وجود تقييم موضوعي للتنفيذ العملي للخطة التنموية.
3 الحد من البيروقراطية القاتلة التي تقتل كل إبداع ومبادرة خاصة في الميدان الاقتصادي.
4 توفير المزيد من فرص العمل والتوظيف للخريجين.
5 الحد من ارتفاع الأسعار.
6 تحديث البنية التحتية في العديد من مناطق الكويت.
7 زيادة الرواتب والمعاشات والتحسين المستمر لمستوى الخدمات.
8 صياغة خطة للتنمية البشرية، وزيادة وتحسين إنتاجية الموظف الكويتي.
9 مواصلة إصلاح الجهاز الإداري والارتقاء بأدائه.
10 العمل على تطوير معايير شغل الوظائف.
11 إعمال مبدأ الثواب والعقاب في مختلف المستويات الوظيفية بالدولة.
12 القضاء على الفساد الإداري والمالي بمختلف صوره وأشكاله.
أهم القوانين التي أنجزتها الحكومة خلال الفصل التشريعي الثالث عشر
1 - قانون العمل في القطاع الأهلي.
2 - قانون المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة.
3 - قانون هيئة سوق المال.
4 - قانون الخطة الانمائية للدولة (2009/2010 – 2013/2014).
5 - قانون التخصيص.