محمود فاروق
لاشك ان هبوط سوق الكويت للاوراق المالية بشكل حاد خلال الآونة الاخيرة اذهل المراقبين والمستثمرين والمراهنين على التماسك او الصعود، واعاد ذلك الى الاذهان جملة اسئلة عن دور المحفظة الوطنية في دعم السوق، وفقا للقرار الوزاري الخاص بانشاء تلك المحفظة الشهيرة، التي تراشقت عليها تصريحات المسؤولين ما بين التوجه لزيادة رأسمالها وتقنين عملها على بعض الاسهم القيادية لدعم السوق وتغيير استراتيجية المحفظة الا انها فشلت وتبخرت مع اختفاء تصريحات المسؤولين بدليل ان المؤشر السعري للسوق هبط اكثر من 6.6% منذ بداية العام ومن دون اسباب واضحة، حيث واكب الانخفاضات المستمرة للمؤشرات العامة للسوق توقف عمل المحفظة وعدم ظهورها الا من خلال تساؤلات المتداولين حول اختفاء دورها وفشلها في دعم السوق، وحول اهم الاسباب التي ساعدت على اختفاء دور المحفظة الوطنية فكان ابرزها اخفاق الجهات المعنية في التوافق على المعايير والاستراتيجيات الاساسية لعملها والسعي للربح حتى ولو بالمضاربة خوفا من المساءلة السياسية اذا خسرت وتجاهل طلب دعم السوق لتعمل كما لو اننا لسنا في ازمة حيث اديرت عبر دعوات الشراء الاستراتيجي الطويل الامد لتتداول بأسهم شركات وبنوك لا يزيد عددها على نسبة 5% من اجمالي السوق، فالجهات الحكومية لم تنجح في الاتفاق فيما بينها على صيغة واحدة، فكل جهة راحت في اتجاه، وتفتتت المحفظة بين الكويتية للاستثمار ووفرة للاستثمار وشركات قليلة من القطاع الخاص، ولم تعرف الاسباب التي حالت دون اتفاق هيئة الاستثمار ومؤسسة التأمينات ومؤسسة البترول وجهات حكومية اخرى على رؤية واحدة.
وتأكيدا على اختفاء دور المحفظة وجه ديوان المحاسبة انتقادا للعاملين عليها عبر تقرير رسمي قائلا: ان المؤسسات العامة خالفت قراري مجلس الوزراء 1182 و1212 المؤرخين 18 نوفمبر 2008 و24 نوفمبر 2008 على التوالي، وكذلك قرار وزير المالية رقم 24 لسنة 2008 بانشاء محفظة استثمارية طويلة الاجل بالتعاون بين عدة مؤسسات حكومية للاستثمار في السوق بقيمة 1.5 مليار دينار، وذلك لمواجهة انعكاسات الازمة المالية العالمية على الاقتصاد الوطني.
وافاد التقرير ان المؤسسات لم تلتزم بجانب من قرارات مجلس الوزراء ووزير المالية التي تقضي بتكليف الهيئة العامة للاستثمار بانشاء المحفظة، ومخالفة الضوابط التي وضعتها لجنة الاشراف المشكلة بناء على قرار وزير المالية المشار اليه، لاسيما اشتراط التعاقد عن طريق هيئة الاستثمار وتوحيد ذلك التعاقد لدى كل الجهات المعنية وفقا لنصوص عقد موقع من الشركة الكويتية للاستثمار، وان يتم تحويل الاموال الى حساب المحفظة مباشرة على ان يتم توظيفها بمعرفة لجنة الاشراف، علما انه تبين ان ضوابط الاستثمار المرفقة بالعقد الخاص بجهات مشاركة تخالف الضوابط التي اقرتها لجنة الاشراف من حيث نسب الاستثمار في القطاعات او نسب الاستثمار في الشركات داخل كل قطاع.
وطلب الديوان ضرورة الالتزام بقرارات مجلس الوزراء ووزير المالية سابق الاشارة اليها، وضوابط لجنة الاشراف على المحفظة الوطنية بما يحقق الهدف الذي انشئت من اجله حماية للاقتصاد الوطني واتخاذ ما يلزم من الاجراءات لتنفيذ ذلك، وعليه اجتمعت اللجنة المشار اليها بتاريخ 2/12/2008، حيث تولى رئيسها شرح ما تضمنه قرار مجلس الوزراء من انشاء محفظة حكومية اسثتمارية يكون لها دور مهم وحيوي في استقرار هذا السوق وتحسين ادائه، والتي من شأنها ايضا الدفع الى تغيير عوامل التداول السلبية الى عوامل ايجابية في ظل الازمة الاقتصادية الحادة التي يشهدها العالم، وفي اجتماع اللجنة الذي عقد بتاريخ 27/1/2009 افادت الشركة الكويتية للاستثمار بانه تم عقد عدة اجتماعات، وان هناك بعض النقاط مازالت معلقة، وفي هذا الخصوص قررت اللجنة ان يقدم لاحقا كتاب الى رئيس اللجنة بتفاصيل النقاط التي تم الاتفاق عليها وتلك التي مازالت معلقة، وفي اجتماع اخر للجنة المنعقد بتاريخ 15/3/2009، اطلعت على تقرير مقدم من الشركة الكويتية للاستثمار حول نتائج اجتماعاتها مع جهات معنية بالمساهمة في المحفظة، كما اطلعت على كشف المقارنة بين ضوابط الاسثتمار المعتمدة والمقترحة، واتفق الحضور على استدعاء الجهات المعنية لشرح نقاط الاختلاف تمهيدا لاتخاذ اللجنة القرار المناسب بشأنها، بتاريخ 14/4/2009 اجتمعت اللجنة المذكورة، حيث لخص كل من فريق ادارة الشركة الكويتية للاستثمار وجهات اخرى معنية بأسباب التباين في الخطة الاستثمارية فيما بينهما، وبناء على ذلك رأت اللجنة انه لا يجب ان تكون هناك مرجعية اخرى للخطة الاستثمارية بخلاف لجنة الاشراف، كما انه ليس من الوارد ان يكون هناك تنافس بين مديري المحافظ على حساب مركزية اتخاذ القرارات، واختتم الديوان تقريرا مؤكدا على ملاحظته وان ما اتخذ من اجراءات ترتب عليه وجود مرجعية اخرى للخطة الاستثمارية بخلاف لجنة الاشراف، بالاضافة الى وجود تنافس بين مديري المحافظ على حساب مركزية اتخاذ القرار، واكد الديوان على ضرورة الالتزام بما تقضي به قرارات مجلس الوزراء ووزير المالية الخاصة بانشاء المحفظة ولتحقيق اغراضها من خلال تضافر الجهود مع المؤسسات الوطنية الاخرى، وبما يكفل استقرار السوق وحماية الاقتصاد الوطني.
الجدير بالذكر ان دور المحفظة كما حدده مجلس الوزراء ان كالآتي: مواجهة انعكاسات الازمة المالية، اتخاذ ما يلزم لحماية الاقتصاد الوطني، لعب دور حيوي في استقرار السوق، تغيير عوامل التداول السلبية، المساهمة في استقرار السوق وتحسين ادائه، خلق عوامل تداول ايجابية.