بلغت تحويلات اللبنانيين العاملين في الخارج ثمانية مليارات دولار في 2010، اي بزيادة نسبتها 8% عن 2009، كيف يؤثر ذلك على اقتصاد لبنان، وهل يعزز الأمر قيمة الليرة اللبنانية؟ وكيف يمكن ان تستفيد الدولة من هذه التحويلات التي تضع لبنان في المرتبة الأولى بين دول المنطقة؟ هذه هي أسئلة طرحت على مجموعة من المغتربين وكانت الإجابة كالتالي: سامي مغترب في السعودية يرسل شهريا أكثر من ألف دولار الى عائلته، تقول والدته ان هذه الأموال تساهم بطريقة كبيرة في دعم اقتصادات العائلة، لان ما يستحصل عليه الأب في لبنان لا يتجاوز الـ 800 دولار شهريا، سامي كالعديد من اللبنانيين المغتربين الذين يرسلون تحويلات الى لبنان لدعم اقتصاده بطريقة غير مباشرة، وقد تبدو هذه التحويلات وجها ايجابيا لمساوئ الهجرة من لبنان، وفي هذا الصدد أفاد تقرير للبنك الدولي أوردته النشرة الاسبوعية لبنك عودة اللبناني «ليبانون ويكلي مونيتور» ان تحويلات اللبنانيين العاملين في الخارج ستتجاوز 8 مليارات دولار في 2010، أي بزيادة نسبتها 8% عن 2009.
وفي تقريره السنوي عن «الهجرات وتحويلات المهاجرين»، اعتبر البنك الدولي ان هذه التحويلات ستنتقل من 7.6 الى 8.2 مليارات دولار في 2010.
ويمثل هذا الرقم 22% من مجمل التحويلات الى المنطقة (37.5 مليار دولار)، مما يضع لبنان في المرتبة الأولى بين دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي تتلقى تحويلات من مغتربيها، متقدما بذلك على مصر (7.7 مليارات دولار) والمغرب (6.4 مليارات دولار).
وستصل قيمة التحويلات الى لبنان الى ما مجموعه 20.9% من اجمالي الناتج الداخلي الاجمالي لهذا البلد، متقدما بفارق كبير عن الاردن 14%.
وجاء في التقرير ان مثل هذه الأرقام تدل مرة جديدة على «أهمية هذه التدفقات بالنسبة الى الاقتصاد اللبناني» الذي يرزح تحت ديون عامة تقارب الـ 51 مليار دولار (156 % من الناتج الداخلي الاجمالي في 2009)، مما يجعل لبنان إحدى أكثر الدول مديونية في العالم.
وأضاف «ان الزيادة المتواصلة في هذه التحويلات تعود الى متانة النمو الاقتصادي للبلد والتي شجعت المغتربين اللبنانيين على ارسال الأموال الى بلدهم».
ونمت هذه التحويلات بنسبة 9% في 2009 وستنمو بنسبة 8% في 2010، استنادا الى أرقام صندوق النقد الدولي.
واعتبر البنك الدولي من جهة أخرى ان عددا قليلا من اللبنانيين العاملين في الخارج فقد أعماله بسبب الأزمة العالمية و«هذا ناجم خصوصا عن ان اللبنانيين العاملين في الخليج هم من المؤهلين، في حين ان التسريحات من العمل «في تلك المنطقة» طاولت خصوصا العمال غير المؤهلين».
من جانب آخر، اعتبر الخبير الاقتصادي د.لويس حبيقة ان تدفق الأموال من المغتربين الى لبنان تنعش الاقتصاد في البلد من خلال 3 أقسام، القسم الاول يكون للاستهلاك، والقسم الثاني للاستثمار المالي بمعنى ودائع في المصارف او أسهم في بورصة بيروت، والقسم الثالث لشراء العقارات في لبنان، وهذه التحويلات مهمة كثيرا للاستهلاك وكذلك لتنشيط الاستثمار والودائع المصرفية في لبنان، وبالتالي يتم تغذيتها، وهـــذه التحـــويلات تجــعل ميزان المدفوعات يبقى فائضا، ففي لبنان هناك ميزان تجاري عال جدا، وميزان حســاب شــرائي عاجـــل، تأتي رؤوس الأموال لتعوض ولتجعل ميزان مدفوعاتنا فائضا، ما يعني ان الاحتياط النقدي لمصرف لبنان سوف ينمو، لدينا اليوم ما يزيد على 30 مليار دولار احتياطي نقدي لمصرف لبنان من الايداعات الخارجية، وينفع ذلك في الدفاع عن صرف سعر الليرة اللبنانية تجاه الدولار، واليوم هناك ضغط ضد الليرة اللبنانية، هناك دولارات في الأسواق لمواجهة هذا الضغط تأتي الأموال من الاحتياطي النقدي لمصرف لبنان، الذي يتعزز من التحويلات الخارجية.
وهذه التحويلات تساهم بطريقة غير مباشرة في تعزيز قيمة الليرة اللبنانية.