كان الأداء القوي لقطاع البنوك الكويتية خلال 2010 بمنزلة الرافعة الرئيسية لبورصة الكويت وهو ما يشجع مصرفيين وخبراء في السوق على التكهن بآفاق مشرقة للقطاع في عام 2011.
يقول مصرفيون وخبراء لـ «رويترز» ان قطاع البنوك مؤهل بقوة لأن يكون هو القطاع الرائد في بورصة الكويت خلال 2011 نظرا لقوة هذا القطاع من ناحية وضعف باقي القطاعات من ناحية ثانية.
وطبقا لحسابات «رويترز» فقد بلغ إجمالي أرباح البنوك الـ9 المدرجة في البورصة (إجمالي الأرباح مطروح منها إجمالي الخسائر) 428.4 مليون دينار بما يعادل 1.52 مليار دولار خلال الأشهر التسعة الأولى من 2010 مقارنة بأرباح بلغت 330.3 مليون دينار في الفترة المقابلة من 2009 وبنسبة نمو بلغت 29.7%.
وقال مدير إدارة الأبحاث في شركة مشاريع الكويت الاستثمارية لإدارة الأصول «كامكو» مجدي غرز الدين إن الحسابات التي أجرتها كامكو من واقع البيانات المالية المعلنة للشركات أظهرت أن إجمالي أرباح الشركات المدرجة في البورصة بلغ 1.555 مليار دينار في الأشهر التسعة الأولى من 2010 وذلك في حال احتساب أرباح شركة زين غير المكررة التي حققتها من صفقة بيع أصول افريقيا والبالغة 742 مليون دينار. ويعني هذا أن أرباح البنوك تمثل نسبة 27.5% من إجمالي أرباح الشركات الكويتية.
واضاف غرز الدين انه في حال استبعاد أرباح زين من صفقة افريقيا فإن إجمالي أرباح الشركات المدرجة في بورصة الكويت في أول 9 أشهر من 2010 سيهبط إلى 813 مليون دينار وهو ما يعني أن أرباح البنوك تمثل 52.7% منها.
وباعت شركة زين الكويتية أصولها في افريقيا لشركة بهارتي ايرتل الهندية في يونيو الماضي بمبلغ 9 مليارات دولار.
وأوضح غرز الدين أن السبب الأساسي في ارتفاع أرباح البنوك هو تراجع ما قامت بتجنيبه من مخصصات والذي بلغ 385 مليون دينار في الأشهر التسعة الأولى من 2010 مقارنة بمبلغ 556 مليون دينار في الفترة المقابلة من 2009.
وتقوم البنوك الكويتية منذ بداية الأزمة المالية العالمية باقتطاع جزء من أرباحها وتجنبه كمخصصات لمواجهة أي تعثر من قبل عملائها.
وأشار غرز الدين إلى أن هذه النتائج الجيدة جاءت رغم تراجع الإيرادات التشغيلية للبنوك في الأشهر التسعة الأولى من 2010 إلى 1.36 مليار دينار مقارنة بمبلغ 1.44 مليار دينار في الفترة المقابلة من 2009 مبينا أن هذا التراجع كان سببه تراجع إيرادات الفوائد لأنه لم يكن هناك نمو في التسهيلات الائتمانية بشكل عام بالإضافة إلى تراجع الإيرادات الأخرى من غير الفوائد كالعمولات وغيرها.
وقال الرئيس السابق لاتحاد المصارف الكويتية عبدالمجيد الشطي إن عام 2010 كان بالنسبة للبنوك هو عام التعامل مع بقية تداعيات الأزمة المالية العالمية التي بدأت في 2008، مبينا أن البنوك بصفة عامة استطاعت أن تتعامل مع الأزمة بشكل جيد.
ويرى الخبير المصرفي علي المديهيم أن أداء البنوك في 2010 تأثر بظروف أبرزها تداعيات الأزمة المالية العالمية والركود الاقتصادي المحلي والمخصصات الكبيرة التي جنبتها في 2010 والجدال الدائر حول تمويل خطة التنمية الحكومية وهل ستشارك البنوك بقوة في تمويلها أم سيكون التمويل من خارجها.
وقال المديهيم إن قطاع البنوك أفضل بكثير من باقي القطاعات «على الأقل أرباحهم (البنوك) جيدة».
وذكر أن قطاع الاستثمار على سبيل المثال يعاني تعثرا كبيرا في أدائه «فنصف الشركات غير قادرة على الاستثمار وبعضها خسر 75% من رأسماله وبعضها خسر 100% وبعضها في الرمق الأخير لكن البنوك.. قائمة وقوية ومتينة ومستمرة».
ويؤكد مجدي غرز الدين هذا الرأي قائلا إن «البنوك تأثرت نسبيا في 2009 و2010 لكنها قادرة على تحقيق الأرباح بينما الشركات الاستثمارية التي أعلنت نتائجها لديها خسائر أكثر من 100 مليون دينار في الأشهر التسعة الأولى من 2010 وهذا يجعلها من القطاعات الأقل تأثيرا في السوق».
وأضاف غرز الدين أن القيمة الرأسمالية للبنوك المدرجة في البورصة بلغت 2. 14 مليار دينار وهي تمثل 39% من القيمة الرأسمالية الإجمالية للسوق ككل والتي تبلغ 35.6 مليار دينار، مبينا أن قطاع الاستثمار وحده في المقابل كان يشكل الأزمة 20% من القيمة الرأسمالية للسوق أما الآن فلا يشكل سوى 7% .
وأكد الشطي أن المستثمرين والمتداولين في البورصة الكويتية يلجأون منذ اندلاع الأزمة الى قطاع البنوك باعتباره ملاذا آمنا. وقال «في الظروف التي تكون فيها الرؤية غير واضحة يذهب المستثمر للجهات الأكثر أمانا وهي المصارف».
وتوقع الشطي أن تكون نتائج البنوك أفضل في 2011 لأنها ستتخلى عن سياستها المتحفظة تجاه الإقراض متوقعا أن يحدث هذا التعديل في السياسة البنكية في النصف الثاني من 2011.
وقال «لأنه من غير المعقول أن تستمر البنوك في التحفظ الشديد الذي مارسه معظمها في نهاية العام الماضي وبداية هذا العام.. ستكون هناك منافسة قوية بينها في فترة النصف الثاني من العام المقبل وستشاهد نموا جيدا».
ويرى مجدي غرز الدين أن البنوك اكتوت من الديون المتعثرة وهي تفضل التحفظ في سياستها الائتمانية حتى وإن ضاعت عليها بعض الفرص الجيدة لأنها لا ترغب في المخاطرة بما لديها من سيولة وتفضل الاحتفاظ بها.
وأشار إلى أن بنك الكويت المركزي دأب منذ بداية الأزمة العالمية في 2008 على إصدار سندات خزينة لسحب السيولة الزائدة من البنوك، مشيرا إلى أن البنوك في المقابل فضلت وضع أموالها في هذه السندات الآمنة وأن تتقاضى عائدا عليها في حدود 2.25% بدلا من أن تحتفظ بها في خزائنها أو تخاطر بها من خلال عمليات تمويلية.
وقال غرز الدين إن البنوك الكويتية لديها سيولة تبلغ حاليا 10 مليارات دينار وهو مؤشر قوي على أنها قادرة على التمويل وبقوة.
وأكد عبدالمجيد الشطي أن البنوك الكويتية «أخذت مخصصات أكثر من اللازم».
وقال إن معدلات كفاية رأس المال لدى هذه البنوك كبيرة جدا وأن «هذه المعدلات رغم أهميتها إلا أنها تشكل عبئا على البنوك إذا لم تستغل».
وتوقع عبدالمجيد الشطي أن تقوم البنوك بتوزيع أرباح أكبر عن العام الماضي وهو ما سيسمح بضخ المزيد من السيولة في السوق وهذا سينعكس إيجابيا على أداء البورصة الكويتية.
ويقول غرز الدين إن العامل الأهم الذي سيرفع من نتائج البنوك هو تحرك الاقتصاد بشكل أكبر وهو ما سينعكس على البنوك من خلال نمو حركة الائتمان.
وحذر علي المديهيم من الاعتقاد بأن الأزمة انتهت وأن الصعود في قطاع البنوك سيكون سريعا، مؤكدا أن التقدم آت ولكن ليس بالسرعة نفسها التي حصل بها الهبوط في السابق.
وقال «في 2011 ستبدأ عملية الصعود ولكنها صعود نسبي.. الهدم يكون في يومين لكن البناء يتم في سنتين أو ثلاث.. وبخطى بطيئة جدا».