قالت رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة ادفانتج للاستشارات الإدارية والاقتصادية صفاء عبدالرحمن الهاشم ان التفاؤل الحذر مازال يسود حالة الاقتصاد العالمي الذي لايزال أيضا يبحث عن علاج شامل للأزمات التي نتجت عن الانكماش الاقتصادي.
واشارت الى ان تأثير الركود على دول مجلس التعاون الخليجي كان مطابقا للتوقعات حيث أن التقلبات في أسعار النفط أجبرت دول المجلس على التخلي عن العديد من المشاريع التنموية أو تأجيلها.
واوضحت الهاشم في تصريح صحافي بمناسبة إصدار مركز «ادفانتج» تقريره الشهري حول اتجاهات الرواتب في دول مجلس التعاون مع بداية العام 2011، ان الشركات حاليا تدرك الأهمية المتزايدة التي يلعبها تعيين المواهب والاحتفاظ بهم في تحديد مدى قدرتهم التنافسية في نظام اقتصادي عالمي جديد، حيث تشير توقعات التوظيف لعام 2011 إلى وجود تعافي متوسط حيث تهدف الشركات إلى التمتع بميزة الاحتفاظ بالموظفين الموهوبين لتحقيق الهدف من الانتعاش المتوقع في الاقتصاد مع التقليل في الوقت ذاته من المخاوف المثارة حول تكاليف القوى العاملة.
واكدت الهاشم أن الدول مطالبة بتحصين نفسها بمختلف الأنظمة القوية في اقتصادها لضمان استدامته وقوته في وقت الأزمات، حيث لايزال من الواجب على الحكومات توفير نظام اقتصادي يعزز الشفافية والعدالة لتعزيز الازدهار والنمو الاقتصادي.
ولفتت الى ان خطة تنمية الكويت كانت بمثابة مبادرة الإصلاح الأولى والرئيسية التي أقرتها الحكومة الكويتية.
واشارت الهاشم الى ان هناك عوامل عديدة تؤثر على سوق العمل في الكويت، منها ان الأجور الحكومية استمرت في كونها أعلى من الأجور المعروضة في القطاعات الأخرى وعدم ارتباطها بظروف السوق مما أدى إلى استنزاف مالي حاد، ولذلك فإن تشجيع الخصخصة يساهم في تحويل العمالة تجاه أنشطة أكثر إنتاجية والتمكن من تعديل الرواتب بما يتفق مع السوق، بالاضافة الى السماح بالمنافسة الأمر الذي سيؤدي إلى تحسين إنتاجية العمالة المحلية وتشجيع مشاركتها في القطاع الخاص وتخفيض اعتماد القطاع على العمالة الأجنبية.
ونوهت الى انه رغم أن قانون الخصخصة قد صدر في الوقت المناسب، إلا أن سير العمل في خصخصة المؤسسة وتحويل ثروتها كان بطيئا الى حد ما، منوهة الى انه إذا لم تتدخل الحكومة بسرعة وتضمن توجيه الموارد المناسبة بشكل ملائم إلى هذه الجهود، فإن الكويت تكون معرضة لخسارة أي ميزات إستراتيجية كان يمكن أن تحصل عليها.
الاستثمارات الأجنبية المباشرة
وعلى صعيد الاستثمارات الاجنبية المباشرة، قالت الهاشم انه على الرغم من أن الأزمة المالية على مستوى العالم تتسبب في هبوط التدفقات الاستثمارية العالمية، إلا أن دول مجلس التعاون شهدت انخفاضا مفاجئا أقل حدة عن الأسواق النامية الأخرى وهو ما يمثل انعكاسا لظهور المنطقة على مدار العقد الماضي كمقصد للاستثمار، ورغم أن الكويت شهدت نموا في الاستثمارات الأجنبية المباشرة في عام 2009، إلا أنها استمرت في التراجع بشكل كبير خلف باقي دول مجلس التعاون في جذب الاستثمار الأجنبي.
وبالنسبة للكويت، بينت الهاشم ان هناك وعيا متزايدا بالإمكانات الاقتصادية للبلاد من حيث كونها وجهة تقصدها الاستثمارات الأجنبية المباشرة، حيث يحرص المستثمرون على استغلال الإمكانات الاقتصادية للدولة إذ أن الكويت تدعمها الفوائض النفطية المستمرة، ونظرا لأن الكويت تمكنت من التكيف مع الانكماش الاقتصادي على مستوى العالم، فينبغي أن تتحسن قدرتها على جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة على المدى المتوسط وسوف يتوقف الكثير من هذا التحسن على انتعاش الطلب على المشاريع الاستثمارية الخارجية والحصول على التمويل واستمرار الجهود من جانب الحكومة الكويتية للوفاء بوعودها بشأن عزمها على تنويع وتطوير وتحسين قدرتها التنافسية، لافتة الى إن الخطط الطموحة لتطوير البنية التحتية مصحوبة بإصلاحات القطاع الخاص وتدابير التحرر وتعزيز الإطار التنظيمي والرقابي يمكن أن تساعد في تمهيد الطريق للحصول على استثمارات أجنبية مباشرة كبيرة.
كما يجب على الحكومة الكويتية السعي للاستعانة بالجهات العالمية العاملة في مجال الشراكة بين القطاعين العام والخاص والتي تقدم خبراتها طويلة الأجل في إنجاح هذه الشراكة لكلا القطاعين.
أما بالنسبة للشفافية في الكويت، فإن مؤشر مدركات الفساد لعام 2010 صنف الكويت في المرتبة 54 من بين قائمة تضم 178 دولة وقاسى حالتها من حيث مكافحة الفساد بدرجة 4.5 من 10 وبهذا تأتي في مؤخرة جميع نظرائها من دول مجلس التعاون مما يشير إلى أن الكويت تعاني من مشكلات خطيرة من الفساد وغياب الشفافية وبالتالي فإنها بحاجة لتقييم أنظمتها الداخلية لأنه ربما كانت هناك إساءة استخدام للموارد الوطنية المخصصة لتنمية الاقتصاد الوطني.
وتأتي الكويت أيضا في مؤخرة نظرائها من دول مجلس التعاون فيما يتعلق بهيئة السوق المالية لديها. إن سوق الكويت للأوراق المالية التي تعد ثاني أكبر سوق للأوراق المالية في المنطقة بعد سوق المملكة العربية السعودية بقيمة سوقية للأسهم المتداولة تبلغ 114 مليار دولار كما في مايو 2010 كانت آخر سوق للأوراق المالية في الخليج يخصص لها إطار رقابي، حتى إن قانون السوق المالية الكويتية رقم 7/2010 الذي صدر في فبراير 2010 ويتوقع أن يدخل حيز التنفيذ في عام 2011 تعرض لتأخيرات عديدة حيث ان الفصل 13 من قانون السوق المالية بشأن القواعد الانتقالية للقانون ينص على أنه يجب إصدار مرسوم أولا بأسماء خمسة أعضاء للمجلس وهذا كان يجب أن يتم قبل 28 مايو 2010 ولكنه لم يحدث إلا بتاريخ 19 سبتمبر 2010. يجب على هيئة السوق المالية إصدار اللوائح التنفيذية فيما يتعلق بتنفيذ قانون السوق المالية خلال ستة أشهر من تاريخ إصدار المرسوم، أي بحلول 19 مارس 2011.
ومع ذلك، هناك ميزة تستحق الثناء في قانون السوق المالية (المادة 33) التي تدعو إلى تحويل سوق الكويت للأوراق المالية إلى شركة عامة (شركة بورصة) يكون الطرح الأولي للاكتتاب العام فيها متاحا بنسبة 50% للشركات المدرجة بالفعل ونسبة 50% الأخرى للمواطنين الكويتيين مع ضمان أنه لا يوجد أي جهة أو شخص يمتلك أكثر من حصة 5% في البورصة.
وانهت الهاشم حديثها قائلة: تتمتع الكويت باقتصاد مستقر بسبب اعتمادها على صادرات النفط المربحة للغاية، ولكن إذا استمرت الحكومة في بخس تقدير مخاطر عدم تنويع اقتصادها ولم تبدأ في العمل على تقوية العوامل المتعددة المطلوبة للنمو والتنمية الاقتصادية، فربما تجد البلاد نفسها متأخرة بشكل كبير خلف نظيراتها سواء على مستوى دول مجلس التعاون أو عالميا.