عمر راشد
أخذت قضية التمويل العقاري في دول مجلس التعاون الخليجي والكويت أهمية كبرى في ظل احتلال القطاع العقاري في الدول الخليجية المكان الأبرز من حيث حجم التداولات على مستوى القطاعات الاقتصادية، إذ وصلت قيمة الاستثمارات العقارية في دول المجلس حسب آخر الإحصائيات المتاحة تريليونا و300 مليار دولار واحتل القطاع العقاري بشقيه التجاري والسكني أهمية كبيرة في هذا الإطار.
إلا أن التساؤل الذي يطرح في الآونة الأخيرة هو: هل لدى البنوك المحلية قدرات تمويلية تستطيع الوفاء باحتياجات الأفراد والشركات من الائتمان العقاري وهل الأمر يعني أن المجال أصبح مفتوحا أمام البنوك الأجنبية للدخول بقوة في السوق الخليجي في ظل خبراتها المتميزة وقدراتها التمويلية الهائلة أم أن القطاع المصرفي المحلي قادر على العمل بمفرده في هذا الإطار؟ وهل غياب البنوك المتخصصة أثر بشكل واضح في انفجار الأسعار بهذا الشكل الموجود عليه أم أن البنوك التقليدية والإسلامية الموجودة تفي بالمطلوب وهل غياب التشريعات المنظمة في السوق لها تأثيرات سلبية على القطاع العقاري؟ من حيث عدم تنظيمه وفتح الباب أمام المضاربة وهل هناك عجز وهل اثر دخول البنوك الدولية إلى الكويت على عمليات التمويل هنا على أداء مصادر التمويل المحلية؟
ومن الأمور الملاحظة أيضا زيادة عدد المستثمرين في القطاع العقاري، ولم يعد الأمر قاصرا على الشركات العقارية المختصة بل إن الأمر وصل إلى أن يؤسس بعض الشركات الاستثمارية أذرعا عقارية لها تحت مظلة محافظ أو صناديق خاصة بالعقار مما أدى إلى ارتفاع أسعار العقارات في الكويت من جهة والى المنافسة بين الشركات على مصادر التمويل وعلى الفرص الاستثمارية القليلة مما دفع الكثير منها إلى الهجرة إلى الخارج والبحث عن مناطق أخرى تكون ذات جدوى اقتصادية اكبر وتشكل بيئة ربما أكثر جاذبية للاستثمار فيها.
وقد تباينت آراء الخبراء والمحللين العاملين في السوق العقاري والمهتمين بتحليل أوضاعه بشأن وجود البنوك المتخصصة من عدمه في السوق، حيث أشار البعض إلى أهمية وجودها لتنظيم عمل السوق بينما رأى البعض الآخر أن البنوك المتخصصة ضرورة لتنظيم السوق العقاري وتطويره معللين ذلك بأن البنك سيكون دوره مهما في تجنيب السوق هزات عقارية من شأنها الإضرار بالنمو الذي يشهده القطاع العقاري ويمنع عجز الأفراد عن السداد من خلال الضمانات القوية التي يحصل عليها من المقترض.
وأوضح البعض أن عودة المقاصة العقارية للعمل في السوق أضحت من الضرورات التي يجب العمل على تنفيذها خلال المرحلة المقبلة ووضعها في الإطار القانوني السليم والعمل على منع المضاربات وسن التشريعات الكفيلة بملء الفراغ الذي أحدثه غياب البنوك المتخصصة في السوق، وعزا بعض المهتمين بشأن القطاع المصرفي ذلك إلى أن البنوك المتخصصة لم يعد وجودها يأخذ الاهتمام الذي كانت تحظى به مسبقا بسبب تغليب مفهوم الصيرفة الشاملة على الصيرفة المتخصصة وفي ظل محدودية الفرص الاستثمارية بالكويت، خاصة أن العقلية الاستثمارية في منطقة الخليج والكويت لاتزال تراوح مكانها بين العقار والبورصة.
وأشاروا إلى أن الاستثمارات العقارية والسعي إليها هي من أولويات العمل في القطاع الحكومي خلال المرحلة المقبلة باعتباره أكثر القطاعات تداولا بالنسبة لرؤوس الأموال المستثمرة في القطاع. من جانب آخر، أشار البعض إلى أن غياب عامل التنظيم في السوق العقاري جعل اتحاد السماسرة وملاك العقار والمقاصة العقارية يتخذون مواقف موحدة بشأن مواجهة المكاتب العقارية المخالفة، معتبرين أن عمل المقاصة العقارية أصبح ضرورة لفض الاشتباك القائم في تنظيم وتحديث السوق بالطريقة التي تحافظ على أدائه وتوجيه الأمور نحو الأفضل.
وقد اقترح الخبراء إنشاء هيئة رقابية مستقلة متخصصة في التمويل العقاري تراقب أداء شركات التمويل العقاري قالت إن أعدادها في تزايد مستمر وإنها تعظم الربح، مما يضر بمصلحة أحد أطراف المعادلة العقارية على حساب الآخر. ورأوا أن إنشاء منظومة بإشراف حكومي للتمويل العقاري تتضمن هيئة عامة رقابية تعمل على ضبط إيقاع التمويل العقاري في الكويت، وذلك عن طريق وضع الضوابط التي تكفل كفاءة سوقية ومتابعة نشطة، خاصة الإشراف والرقابة على كل شركات التمويل العقاري».
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )