ينوي العراق فرض زيادة كبيرة في الرسوم الجمركية في مارس المقبل، ما سيؤدي الى زيادة أسعار المواد المستوردة وخفض القدرة الشرائية للسكان بينما تحاول دول عربية السيطرة على الأسعار لتجنب غضب شعوبها.
وتؤكد الحكومة ان الهدف من ذلك هو حماية المنتجات المحلية والاقتصاد الذي عانى كثيرا بسبب الحظر وأعمال العنف التي أعقبت اجتياح البلاد.
لكن ذلك يأتي في وقت غير مناسب حيث تعاني دول كثيرة في المنطقة من غليان شعبي بسبب الأوضاع الاقتصادية.
وكانت دول التحالف ألغت جميع الرسوم الجمركية التي كانت مطبقة في عهد نظام صدام حسين بعد الإطاحة به في 2003، بهدف كسب تعاطف العراقيين الذي عانوا على مدى 12 عاما من حصار دولي شديد القسوة، وبعد اشهر فرض رسم قدره 5%.
وهذا الأمر جعل الأسواق تمتلئ بالبضائع من اجهزة كهربائية الى مواد غذائية.
كما أصبحت شوارع المدن الرئيسية تشهد ازدحاما مروريا بسبب تدفق آلاف السيارات الى البلاد.
وقال مدير عام العلاقات الاقتصادية الخارجية في وزارة التجارة هاشم حاتم لوكالة فرانس برس ان «المخطط الجديد يهدف لحماية الاقتصاد والسوق العراقية».
واضاف ان «كثيرا من الصناعات (المحلية) اختفت لأنها لم تستطع منافسة المنتجات الرخيصة التي ملأت الأسواق بعد 2003».
لكن التعرفة الجمركية الجديدة التي ستصل حتى 80% لبعض البضائع وتشمل الفاكهة والخضروات والأجهزة المنزلية وغيرها، ستعزز معدلات التضخم بينما يواجه العراق مشكلة الارتفاع العالمي لأسعار المواد الأولية.
واشار حاتم الى انه «من المؤكد ان الأسعار سترتفع ولكن نعتقد ان ذلك سيكون بشكل مقبول».
ويشهد العراق احتجاجات متقطعة تتخللها أعمال عنف في بعض الأحيان بسبب نقص الخدمات.
وفي الوقت نفسه تتخذ العديد من البلدان العربية التدابير للحد من ارتفاع الاسعار.
وقامت طرابس مطلع يناير المنصرم بإلغاء الرسوم الجمركية المفروضة على المواد الغذائية.
وتحدث رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي خلال لقاء مع وكالة فرانس برس، ردا على سؤال عن احتمال تأجيل تطبيق القانون الجديد حتى يصبح «الظرف مناسبا» لذلك.
لكن حاتم قال انه «متأكد 100%» من تطبيق القانون اعتبارا من السادس من مارس المقبل، اي بعد 3 اشهر من نشره في الجريدة الرسمية «الوقائع» في السادس من ديسمبر الماضي.
واشار الى ان القانون سيحمي الزراعة المحلية بشكل خاص من خلال التعديلات الموسمية، موضحا ان الرسوم ستكون أعلى عندما تكون المحاصيل المحلية في السوق لتشجيع التنافس بين المنتجين المحليين، ثم سترفع بقية السنة لتجنب ارتفاع كبير في الأسعار.
وقال علي الصفار الخبير الاقتصادي في الشؤون العراقية في مؤسسة البحوث الاقتصادية «ايكونوميست انتليجنس يونيت» في لندن «من الواضح ان الحكومة العراقية تريد التقليل من الاعتماد على النفط عبر زيادة الدعم للإنتاج المحلي».
ويشكل النفط 65% من اجمالي الناتج المحلي لكنه لا يمثل سوى 1% من قطاع الوظيفة، وفقا لتقرير للأمم المتحدة نشر اول من امس.
وتشكل الزراعة 3% من اجمالي الناتج المحلي بعد ان كانت 8% في 1975، وفقا للصفار.
ويرى الصفار «قد لا تكون زيادة الرسوم الجمركية الطريقة المثلى لتحقيق ذلك في مرحلة اضطرابات لا سابق لها في المنطقة سببها ارتفاع الأسعار والبطالة».
وبلغ معدل التضخم في العراق 3.3% خلال 2010 وفقا لتقرير لوزارة التخطيط وقد يصل الى 5.6% خلال هذا العام دون ان يشمل الرسوم الجمركية الجديدة، وفقا للصفار.