عمر راشد
في نهاية الأسبوع الماضي قال محافظ بنك الكويت المركزي الشيخ سالم العبدالعزيز في حديث لـ «رويترز» ان على الحكومة أن تحتوي الانفاق من أجل معالجة التضخم الذي وصلت مستوياته الى 10.4% في سابع أكبر بلد مصدر للنفط في العالم.
إلا أن الحكومة كان لها رأي آخر في السياسة المالية بعد أن أقرت زيادة الـ 50 دينارا وهي الزيادة الثانية بعد الـ 120 دينارا الأولى ما يعني أن السوق سيشهد ارتفاعات كبيرة في الأسعار قد تصعد بمعدلات التضخم لمستويات غير مسبوقة في الاقتصاد الكويتي، فشعبية الحكومة تأتي في ظل العمل الاقتصادي المستمر للدفع باتجاه تحويل الكويت لمركز مالي وتجاري.
فبينما يرى البعض أن الزيادات جاءت على خلفية تحقيق الكويت إيرادات استثنائية من ارتفاع أسعار النفط فائضا بنحو 43 مليار دولار في ميزانية الكويت.
وقد انتصرت المطالبات الشعبية على حساب زيادة رأسمال صندوق المعثرين المخصص لمساعدة المواطنين على تسوية ديونهم الشخصية والذي بلغ 500 مليون دينار بما يعادل 1.88 مليار دولار رغم تحذيرات البنك المركزي بضرورة احتواء الإنفاق.
كما أقر النواب زيادة أجور المواطنين للحد من تأثير معدل تضخم قياسي بلغ 10% في فبراير ومارس مدفوعا بارتفاع تكاليف الإسكان والغذاء.
وقد قدمت الحكومة خطة الاعفاء من الديون بعدما قال النواب ان صندوقا بقيمة 300 مليون دينار أسس في ديسمبر غير كاف في خطوة قد تقوض جهود مجلس الوزراء للتخلص من برامج الرعاية الاجتماعية الباهظة التي ينتهجها البلد العربي الخليجي، ويهدف الصندوق الى مساعدة الكويتيين المثقلين بالديون من جراء فورات التسوق اذا كانت أقساطهم الشهرية تتجاوز نصف رواتبهم.
ويحتاج كلا الاجراءين الى الموافقة النهائية من صاحب السمو الأمير.
وكان النواب قد طلبوا في ديسمبر أن تشتري الحكومة محافظ القروض الشخصية المستحقة للبنوك والتي تقدر بنحو 4 مليارات دينار من أجل اسقاطها.
ووافق النواب على زيادة الراتب الشهري 50 دينارا (188 دولارا) لموظفي القطاع العام الكويتيين ممن يقل دخلهم عن ألف دينار في الشهر وسيحصل المواطنون العاملون في القطاع الخاص على علاوة مماثلة من الحكومة.
والحالة الكويتية ليست ببعيدة عن الوضع الخليجي عامة، فالتضخم يلهب ظهور الحكومات ويدفعهم للبحث عن حلول واقعية، فالخبراء يؤكدون أن الارتفاعات المتواصلة في سعر النفط يرتبط مباشرة بارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية، أشار العديد من الخبراء الى ان ارتفاع الأسعار واستمرارها في مستويات عالية يعود إلى عدم مواكبة الطاقة الإنتاجية «فليس المهم هو سعر 50 أو 100 أو 200، المهم هو كمية السلع والخدمات التي يمكن أن نشتريها مقابل برميل النفط، مثلا ما فائدة سعر 500 دولار للبرميل إذا كان سعر الدولار يعادل عشر اليورو؟».
وقالوا ان الزيادات الحالية في أسعار النفط بالنسبة لدول الخليج لها إيجابيات وسلبيات، أوضح المتخصصون ان منافع ارتفاع أسعار النفط تتمثل في زيادة الدخول ورفع معدلات النمو الاقتصادي وزيادة الإنفاق على البنية التحتية ومشاريع التنمية الاقتصادية"، لكن المشكلة الحقيقية حسب رأيه هي «أن اقتصادات الدول المصدرة للنفط مازالت ضعيفة ومحدودة وغير قادرة على استيعاب الزيادة الضخمة في إيرادات صادرات النفط، وإن عدم قدرة اقتصادات هذه الدول على استيعاب هذه الإيرادات يؤدي إلى نتائج عديدة، منها: ارتفاع معدلات التضخم والاضطرار لاستثمار الفوائض المالية في الخارج، حيث إن استثمار الفوائض في الخارج له مشاكله، خاصة في بيئة اقتصادية ينخفض فيها الدولار وأسعار الفائدة، وفي بيئة سياسية معادية لدول النفط قد ينتج عنها تجميد هذه الأموال.
ووضع الخبراء أيديهم على الداء في توصيف مشكلات النفط بالقول بأنه ليس هناك ثقافة نفطية ونحن أحوج الناس لها وليس لدينا متخصصون، الأمر الذي جعل العديد من الكتاب والمسؤولين يتكلمون في أمور لا يفهمونها، بل قرأوها في الصحافة الأجنبية.
وأضافوا ان مشكلة دول الخليج ليست في انخفاض أسعار النفط، ولكن في ضعف مواردها البشرية، إن أفضل استثمار يمكن أن تقوم به دول الخليج هو في مواردها البشرية، والتركيز يجب أن يكون على النوعية وليس على الكم، إن ما نراه الآن، وللأسف، هو تركيز على الكم فقط، لذلك فإن دول الخليج بحاجة إلى «ثورة» في مجال التعليم تساعدها على الرقي لتصبح في مصاف الأمم المدنية المتحضرة.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )